إسرائيل، الماضية في غيها، قتلاً وتهجيراً، على مدار نحو عامين، في غزة، رافضة كل ما يُطرح من أجل إيقاف هذه المجزرة البشرية، سواء بالذخيرة أو بالجوع، تمادت أكثر، وأعلنت خططاً لضم الضفة الغربية، هذه الخطط جاءت بعد تكثيف الاستهداف للأرض الفلسطينية، وللإنسان الفلسطيني في مخيمه وقريته ومدينته وفي حقله وفي داره.
ما الذي يعنيه هذا السلوك الإسرائيلي؟ هذا ببساطة شديدة انتهاك لقواعد القانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، ولكل القرارات الدولية الصادرة بخصوص صيانة حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، بما في ذلك حقه في الحياة، وحقه في تقرير مصيره، وحقه في العودة إلى دياره التي أرغم على تركها، وحقه في إقامة دولته المستقلة ذات السيادة، على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.

ليس هذا فحسب، بل إن سلوك الحكومة الإسرائيلية يعصف بالأسس التي قامت عليها عملية السلام، منذ مؤتمر مدريد في عام 1991، وما تلاها من اتفاقيات بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وأبرزها اتفاق أوسلو في عام 1993، وكذلك اتفاقيات السلام والتكامل الإقليمي التي عقدت بين إسرائيل وأطراف عربية برعاية أمريكية، ومن بينها اتفاقيات إبراهيم التي وُقِّعت في البيت الأبيض بحضور الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في ولايته الرئاسية الأولى.
دولة الإمارات كانت من بين الدول الموقعة على هذه الاتفاقيات، إيماناً منها بضرورة أن تنعم المنطقة بالسلام العادل، وأن تعود للفلسطينيين حقوقهم، وأن يعيش الإسرائيليون جنباً إلى جنب مع الفلسطينيين، وأن يكون هناك تكامل إقليمي، ينعم فيه الجميع بخيرات التعاون. لكن، في ظل هذه الأجواء العاصفة بكل هذه المنطلقات من الجانب الإسرائيلي التي تعتبرها الإمارات خطوطاً حمراً، وعلى رأسها ضم الضفة الغربية، وهو ما عبرت عنه لانا نسيبة، مساعدة وزير الخارجية، بلغة مباشرة وصريحة لصحيفة إسرائيلية «سيكون الضم خطاً أحمر بالنسبة لحكومتي، وهذا يعني أنه لا يمكن أن يكون هناك سلام دائم. سيقضي هذا على فكرة التكامل الإقليمي، ويدق ناقوس الموت لحل الدولتين».
هذا الموقف الإماراتي، الذي يوجه رسالة حازمة إلى إسرائيل، يؤكد أن الأمر لا يحتاج فقط إلى التراجع عن فكرة ضم الضفة، وإنما ضرورة «موافقة إسرائيل على إرساء مسار موثوق لا رجعة فيه نحو دولة فلسطينية مستقلة»، معتبراً أن «الضم لإرضاء بعض العناصر المتطرفة في إسرائيل»، من شأنه أن يلغي فكرة التكامل الإقليمي، مطالبة بعدم «السماح للمتطرفين بتحديد مسار المنطقة». كما حذر ذات الموقف من الوصول إلى نقطة اللاعودة بعد هذا المستوى من التدهور والاستخفاف الإسرائيلي بكل المعاهدات والمواثيق، إلى درجة أن «مبادئ اتفاقيات إبراهيم المتمثلة في الرخاء والتعايش والتكامل والاستقرار لم تبد يوماً أكثر عرضة للتهديد مما هي عليه اليوم». ورغم كل هذه «الأوقات العصيبة» على حد وصف الدكتور أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لصاحب السمو رئيس الدولة، فإن «هناك يداً ممدودة، رغم كل هذا البؤس في المنطقة، لإسرائيل، لكن الضم سيسحب تلك اليد»، هكذا قالتها الإمارات صريحة، مطالِبة الإدارة الأمريكية باستخدام ما تملكه من أدوات كثيرة من شأنها إعادة الأمور إلى نصابها.
..رسالة إماراتية واعية ناضجة واضحة قبل أن تفلت الأمور.

#أنتهى #

By Sahar Hamza

أديبة وكاتبة قصص أطفال ومؤلفة كتب متنوعة بحثية ودراسية ذات موضوعات اجتماعية ومؤلفة سلسلة روايات حكايات امرأة صدر للكاتبة سحر حمزة خمسة دواوين شعر منها رسائل للقمر وصباح الخير يا وطن وقصائد للنساء فقط أوتار قلب وصباح الخير يا غزة وفازت روايتها سيدة الليلك كأفضل رواية صدرت عام 2009 حول المرأة ولديها كتب قيد الإصدار منها الرجل العجيب ودفن حيا وعلى أعتاب النهر الخالد