كتبت رائدة الأعمال ملاك الكوري – أبوظبي

في زمنٍ لم تعد فيه الحدود الجغرافية حاجزاً أمام الطموح، أصبحت السوشيال ميديا منصة العالم الجديدة لصناعة الثروات وبناء المشاريع.
والأردن، بموقعه الإستراتيجي الهام وطاقته الشبابية التكنولوجية ، أمامه فرصة تاريخية ليكون مركزاً إقليمياً لريادة الأعمال الرقمية.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: كيف يمكن تحويل هذه الإمكانات إلى واقع ملموس يُقلِّل نسبة البطالة ويُعزِّز الاقتصاد الوطني؟
منصات التواصل.. جسر العبور إلى الأسواق العالمية
لم يعد التسويق التقليدي كافياً في عصر التكنولوجيا، حيث تحوّلت منصات مثل إنستغرام وتيك توك ومنصة “X” و السناب شات إلى واجهات رئيسية للبيع والشراء. وبالتزامن مع المتغيرات العصرية المتسارعه فإن الشباب الأردني مدعو اليوم لاستغلال هذه الأدوات بذكاء، عبر تحويل هواياتهم أو مهاراتهم إلى مشاريع رقمية مُربحة بذكاء وإقتناص للفرص المتاحة أمامهم .
فالشاب الذي يصمم منتجات يدوية تقليدية ، أو يمتلك موهبة في فنون الطهي، أو حتى يُتقن البرمجة الإلكترونية ، يمكنه اليوم الوصول إلى نسب مرتفعه من العملاء في دبي أو لندن أو نيويورك بضغطة زر واحدة .
لكن هذا يتطلّب وعياً جديداً بأدوات التسويق الإلكتروني، وكيفية صناعة “براند” شخصي يجذب الجمهورويستقطب أكبر عدد من المتابعين .
المشاهير الرقميون.. سفراء الاقتصاد الأردني
يُوجد في الأردن العشرات من المؤثرين الذين يمتلكون ملايين المتابعين، لكن معظمهم يُروّجون لمنتجات أجنبيةوبراندات متكررة من قبل مؤثرين أكثر شهرة .
فلماذا لا نوجّه هذا الزخم الرقمي المتدفق نحو دعم المنتجات المحلية؟ بإمكان هؤلاء المشاهير أن يكونوا شركاء حقيقيين في تنشيط الحركة التجارية والمساهمة في التنمية الإقتصادية ، عبر التعاون مع الشركات الناشئة ومنتجي الصناعات المحلية.
وياتي دور الحكومة والقطاع الخاص للتعاون في تدريب وتأهيل المبرمجين ومشاهير التواصل الإجتماعي من خلال إنشاء برامج تدريبية وتنظيم دورات تدريبية وتوعية وتثقيف كي تؤهل هؤلاء من الشباب وان توجههم إلى كيفية تحويل متابعيهم إلى عملاء، وطرق تحقيق الفائدة في توفير الدخل الثابت من المحتوى الذي يقدموه للمتابعين لهم كي يحققوا مكاسب ويجنون أرباحا تفيدهم في تنمية أعمالهم .
كما أن التعاون مع منصات وقنوات رقمية مثل “YouTube” والتيك توك وسناب شات و”Meta” وغيرهم يمكن أن يفتح آفاقاً جديدة للشباب الطموح.
التجارة الإلكترونية.. من السوق المحلي إلى العالمية
لم تعد المتاجر التقليدية كافية في سوق يتّجه بقوة نحو الرقمنة. الأردن لديه كل المقومات ليكون مركزاً للتجارة الإلكترونية في المنطقة، لكن ذلك يحتاج إلى بنية تحتية داعمة.
على سبيل المثال، يمكن تبسيط إجراءات إنشاء المتاجر الإلكترونية، وتوفير حلول دفع إلكتروني آمنة، وإطلاق منصات تدريبية متخصصة في إدارة المتاجر عبر الإنترنت.
كما أن تشجيع الشركات الناشئة على استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل السوق سيمنحها ميزة تنافسية كبيرة.
دور الحكومة.. بين التمكين والتشجيع
ولا يمكن تحقيق هذه الرؤية دون سياسات داعمة.فالحوافز الضريبية للمشاريع الرقمية، وتسهيل حصولها على التمويل، وإنشاء حاضنات أعمال متخصصة في التكنولوجيا، كلها خطوات ضرورية.
كما أن التعاون مع الشركات العالمية مثل “Google” و”Amazon” لتدريب الشباب على أدوات التسويق الرقمي سيسرّع من دخول الأردن إلى خريطة الاقتصاد الرقمي العالمي.
الأردن أمام مفترق طرق رقمي
العالم يتغيّر بسرعة، والأردن لديه كل المقومات ليكون لاعباً رئيسياً في اقتصاد المعرفة.
لكن الفارق بين النجاح والفشل يكمن في مدى سرعة استجابتنا لهذا التحوّل.
السوشيال ميديا ليست مجرد منصات للترفيه، بل هي سوق عالمي مفتوح ينتظر الشباب الأردني ليكتبوا فيه قصص نجاحهم.
الأمر يحتاج إلى شجاعة، ابتكار، ودعم.. فهل نكون عند مستوى التحدي؟
#أنتهى #