كتب المحلل السياسي الكاتب حمادة فراعنة

شكلت معركة الكرامة، يوم الكرامة 21 آذار 1968، انتصاراً للجيش العربي الأردني، بذكائه وحنكته ، أنه غرر لجيش المستعمرة التمادي  بدخول الأراضي الأردنية شرق النهر، لتحقيق غرضين أولهما تكتيكي عسكري، أن لا يكون الصدام لكل منهما خلف خطوط حماياته، بل إعطاء الغرور لقوات الاحتلال كي تتقدم نحو قطع نهر الأردن، اعتماداً على تفوقهم، فكانت الحماية لقواتنا الأردنية في مواقعها، والتعرية والانكشاف لقوات المستعمرة، وثانيهما ليكون الاجتياح الإسرائيلي خارقاً لاتفاق وقف إطلاق النار، وتجاوز قوات الاحتلال للخطوط الحمراء، والمس بالسيادة الأردنية.

نكهة وذكاء القيادة الأردنية، وحوافز جنود وضباط الجيش العربي الأردني أنهم يدافعون عن بلدهم، أرضهم، وطنهم، شعبهم، كرامتهم، ولذلك كان الفخ الأردني لقوات الاحتلال متربصاً، حكيماً، قوياً، متمكناً حوّل أرض الاجتياح لنار ملتهمه شرق النهر، وآلياتهم تعرضت للقنص، وصاب جنودهم الذعر والمفاجأة، وقوة القصف، والحصيلة مطالبة قيادتهم وقف إطلاق النار، مصحوبة بالرجاء للسماح لما تبقى من قواتهم الانسحاب، مع  المذلة التي وقعوا بها.

وساطات سريعة أميركية أوروبية، ونشوة أردنية بالانتصار العملي السياسي دفعت الراحل الحسين ليقبل وقف إطلاق النار، وسحب قوات الاحتلال لما تبقى من آلياته، وبقيت المدمرة منها شاهداً على الإنجاز والانتصار والكرامة الأردنية.

الأردن حقق الانتصار الأكيد، ولكن الإنجاز والآثار السياسية كانت حصيلتها للفلسطينيين، لقوات الثورة الفلسطينية المستجدة المتواضعة، في ذلك الوقت، والتي ساهمت بما توفر لها من قدرة محدودة، وطاقات ضعيفة، وأسلحة متواضعة، ولكنها مليئة بالعزيمة والرغبة والتطلع نحو المستقبل، ولذلك كانت إسهاماتها دليل على الشراكة الأردنية الفلسطينية في مواجهة العدو الواحد: الوطني القومي الديني الإنساني، الاحتلال الإسرائيلي.

وكانت دليلاً على تعاطف ودعم وإسناد وقرار أردني لأن يكون للفلسطينيين مساهماتهم من أجل قضيتهم ، بداية عملية كفاحية لتحرير وطنهم وعودة شعبهم إلى المدن والقرى التي سبق وطُردوا منها.

الإنجاز الفلسطيني اعتمادا على الانتصار الأردني، شكل الاستمرارية لما فعله الأردن عام 1964، حينما التقط الراحل الحسين الرغبة الفلسطينية لاستعادة الهوية الوطنية الفلسطينية المبددة، والتمثيل الفلسطيني المستقل، وتم عقد المجلس الوطني الفلسطيني التأسيسي الأول في القدس، وإعلان ولادة منظمة التحرير، بحضور الملك حسين على أرض المملكة الأردنية الهاشمية في ذلك الوقت قبل عام 1967، ومشاركته.

بعد معركة الكرامة مباشرة، كانت جنازات الشهداء الفلسطينيين من المسجد الحسيني وسط عمان، إلى مقبرة الشهداء في الوحدات، ظاهرة المشاركة الفلسطينية، في معركة الكرامة الأردنية، وكان الاحتفال التقييمي في تأبين الشهداء الذي دعت له النقابات المهنية الأردنية في سينما زهران، وفوجيء الجميع بحضور الملك حسين بدون برنامج ومعرفة مسبقة، وكانت الظاهرة التي عبر عنها الملك حسين أمام المحتفلين بالتأبين ليقول: “يشرفني أن أكون الفدائي الأول لفلسطين”.

ولادة منظمة التحرير 27 أيار 1964، وانطلاق الثورة الفلسطينية في 1/1/1965، شكلت المقدمة الأولى التي تُوجت في الإنجاز الذي تحقق من خلال معركة الكرامة في 21 آذار عام 1968، ليشكل ذلك مجمل فعاليات المرحلة الأولى لمسار الحركة الوطنية الفلسطينية  التي شكلت المقدمة والأرضية لبناء المؤسسة الفلسطينية ومراكمة إنجازاتها، نحو المراحل الثلاثة اللاحقة:

الثانية كانت الانتفاضة الأولى عام 1987،والمرحلة الثالثة الانتفاضة الثانية عام 2000، لتصل إلى المحطة الرابعة عملية أكتوبر النوعية وتداعياتها ونتائجها وما لها وعليها عام 2023.

#أنتهى #

By Sahar Hamza

أديبة وكاتبة قصص أطفال ومؤلفة كتب متنوعة بحثية ودراسية ذات موضوعات اجتماعية ومؤلفة سلسلة روايات حكايات امرأة صدر للكاتبة سحر حمزة خمسة دواوين شعر منها رسائل للقمر وصباح الخير يا وطن وقصائد للنساء فقط أوتار قلب وصباح الخير يا غزة وفازت روايتها سيدة الليلك كأفضل رواية صدرت عام 2009 حول المرأة ولديها كتب قيد الإصدار منها الرجل العجيب ودفن حيا وعلى أعتاب النهر الخالد