زهور صغيرة من الأطفال بلباسها التراثي، وهم يتأبطون أكياس الهدايا والحلوى، ويسيرون بانتظام مع المطوعة ويتغنون بالأهازيج الشعبية ليعلنوا بدء فعالية الاحتفال بليلة النصف من شعبان، حيث أقيم احتفال حاشد بمناسبة (حق الليلة) ضمن فعاليات أيام الشارقة التراثية بمشاركة وتفاعل لافت من قبل الأسر والأطفال والضيوف المبتهجين بالمناسبة.

وحاز الأطفال المشاركين في إحياء (حق الليلة) على إعجاب الجمهور وهم ينشدون بعض الأناشيد الشهيرة الخاصة بالمناسبة مثل:
عطونا الله يعطيكم بيت مكة يوديكم
عطونا من حق الله يخلي لكم عبد الله
كما شارك بعض الجمهور في المسيرة والإنشاد مع الأطفال في أرض الفعالية وهم يحملون مشاعر الإعجاب والبهجة، ويعكسون الفرح المصاحب لأجواء الفعالية.

وتحدثنا خولة مبارك الغفلي من إدارة الفعاليات والانشطة بمعهد الشارقة للتراث المسؤولة عن الفعالية: “إن حق الليلة الذي يقام سنوياً في النصف من شعبان هو مناسبة مهمة للاطفال يتعلمون خلالها الكثير من القيم المحلية، ومنها الترحيب بشهر رمضان والالتزام بما يدعو إليه من أحكام وفضائل، إضافة لتعلم بعض القيم المجتمعية المهمة الأخرى كالألفة والمحبة والتسامح لترسخ بينهم عند الكبر، وتسهم في بناء أجيال أصيلة”.
(ورش مهرة) هو الآخر كان من أهم فقرات الحفل، حيث خصصت فعاليات أيام الشارقة التراثية ركناً خاصاً بالمناسبة تحت اسم (حق الليلة) ليشهد إقبالاً كبيراً من الجمهور، وهو يقوم بإحياء تقليد شعبي بتوزيع هدايا النصف من شعبان على الأطفال والزائرين، وأشاع هذا التوزيع أجواء الفرحة التي زادتها ملابس وحلي الأطفال التراثية وفرحهم بالمناسبة المزيد من المرح والاهتمام.

أما القطار المتحرك، وهو أحد فقرات الاحتفال بحق الليلة، فقط جمع العشرات من الأطفال والأسر للحصول على جولة ترفيهية في ساحة الفعاليات يطلعون فيها على معالم مرافق أيام الشارقة التراثية كالعرشان التراثية، والبيئات المحلية المختلفة، ومن هنا وفرت هذه التجربة شعوراً مضاعفاً بالفرح والبهجة والمحبة التي تقوي روابط المجتمع، والانسجام بين أفراده.
عليا، الشخصية المحلية المحببة للأطفال كانت هي الأخرى من أبرز معالم الحفل، حيث أسهمت في تزيين الأجواء بلباسها التراثي وتلويحة اليد التي جمعت حولها الكثير من الأطفال والزائرين لالتقاط الصور التذكارية، وتكوين تجربة متميزة لا تنسى، وبصمة إعجاب تستحقها أيام الشارقة التراثية.

معهد الشارقة للتراث يقيم حفل توقيع كتاب على هامش فعاليات أيام الشارقة التراثية
(البيت الغربي) يوثق للعمارة الإماراتية في بيت الشيخ سلطان بن صقر القاسمي
أقام معهد الشارقة للتراث، وضمن الفعاليات الثقافية لأيام الشارقة التراثية حفل توقيع كتاب (البيت الغربي – بيت الشيخ سلطان بن صقر بن خالد القاسمي تحليل عناصره المعمارية وصيانتها)، وهو من تأليف المرحوم الدكتور عبد الستار العزاوي.

وجرى توقيع الكتاب من قبل سعادة الدكتور عبد العزيز المسلم رئيس معهد الشارقة للتراث في البيت الغربي، وذلك تكريماً لدور الدكتور العزاوي في خدمة التراث المحلي، وإسهاماته الثقافية المتعددة في هذا المجال، وقد جرى التوقيع بحضور نخبة من الأكاديميين والمتخصصين في شؤون الآثار والتاريخ والتراث، وعدد غفير من الضيوف والإعلامين الذين استقبلوا نسخاً من الكتاب هدية لهم على حضورهم حفل التوقيع.
ويتألف كتاب (البيت الغربي) من أربعة فصول، تحدث الأول منها عن أقسام البيت الغربي، وما تضمنه من التخطيط، والطوابق، وأبواب المداخل، والفناء، والغرف، والأواوين، والبارجيل، والحمامات، والستارة، والسلالم، والسقف والسطح، والدكة، فيما استعرض الفصل الثاني عناصر البيت المعمارية التي تضمنت الجدران، والأبواب الخشبية، والشبابيك الكبيرة والصغيرة، والكوى، والعقود، والحنايا، والأعمدة، والدعائم، والمزاريب والعلاقات.
كما استعرض الفصل المذكور عناصر البيت الزخرفية كالزخارف الجصية، والزخارف الخشبية للأبواب والشبابيك، أما الفصل الثالث فقد استعرض أساليب الترميم والصيانة للبيت الغربي، فيما اختص الفصل الرابع بالمواد الأولية التي تألف منها بناء البيت الغربي كالحجر البحري والمرجاني، والجص، والأخشاب، ليأتي الكتاب على استعراض صورة شاملة للبيت الغربي، مرفقاً بصور ملونة لجميع مرافقه ومعالمه.
جدير بالذكر أن الدكتور عبد الستار العزاوي (رحمه الله) من مواليد بغداد العراق عام 1935، وهو حاصل على البكالوريوس في الآثار العربية الإسلامية من كلية الآداب جامعة بغداد، والدكتوراه في العمارة العربية الإسلامية من جامعة ليون في فرنسا، وهو أمين متحف، وباحث علمي سبق له العمل في مديرية الآثار العامة في العراق، وعمل مستشاراً للتراث العمراني، كما عمل خبيراً للترميم والصيانة في معهد الشارقة للتراث للفترة 1990-2020، وله مجموعة مؤلفات ومقالات في الآثار العربية الإسلامية وصيانتها، وقد نعته الأوساط الثقافية والتراثية والإعلامية في 28 من يونيو 2020 عن عمر ناهز 85 عاما.
#انتهى#
متخصصون يؤكدون ضرورة تطويع الذكاء الاصطناعي لخدمة التراث الإنساني خلال ندوة (توثيق التراث الثقافي في عصر الذكاء الاصطناعي) بأيام الشارقة التراثية

أكد خبراء وباحثون متخصصون في شؤون التاريخ والآثار والتراث والثقافة أن التعامل مع الذكاء الاصطناعي في مجال حفظ التراث الشعبي يحتاج إلى إمكانات ومهارات مسبقة لتحقيق هذا الهدف الحيوي المهم، ودعوا إلى أهمية بناء منصات علمية حديثة، وإعداد مؤتمرات متخصصة ، وتنفيذ برامج تدريبية تصب مخرجاتها جميعاً في دعم المعايير الفنية والأخلاقية والمعرفية للتراث وفق أسس ثابتة وموثوقة ومتوازنة، تسهم في النتيجة بتحقيق التقارب الإنساني وفق المشتركات المعرفية والثقافية العامة.

جاء ذلك خلال أولى فعاليات المقهى الثقافي المنعقد ضمن فعاليات أيام الشارقة التراثية في البيت الغربي، والتي أقيمت بعنوان (توثيق التراث الثقافي في عصر الذكاء الاصطناعي)، بمشاركة كل من سعادة الدكتور عبد العزيز المسلّم رئيس معهد الشارقة للتراث، والدكتور ماجد بو شليبي الأمين العام للمنتدى الإسلامي في الشارقة، والدكتورة موزة غباش مديرة رواق عوشة بن حسين الأدبي في دبي، والدكتور أحمد بهي الدين أستاذ الأدب الشعبي المشارك في جامعة حلوان بمصر، والدكتور راشد المزروعي الباحث في شؤون التاريخ والتراث الشعبي، وأدار الندوة الدكتور خالد الشحي.
وبين سعادة الدكتور عبد العزيز المسلم خلال حديثه أن “هناك الكثير من التحديات التي تواجه التراث في التعامل مع الذكاء الاصطناعي، أهمها ظهور باحثين يعتمدون عليه بشكل تام، وتتفاقم المشكلة بظهور جيل لا يهتم بالبحث ولا بالجودة وإنما السرعة فقط، وأرى أن الذكاء الاصطناعي حاطب ليل، وأن التعامل معه يحتاج مهارات تفوق مجرد الحصول على المعلومة”، ودعا خلال حديثه إلى أهمية تأسيس منصات وطنية مدعومة لكل العلوم، ومنها التراث، لبناء أسس المعرفة بصورة مثلى.

وكشف سعادة المسلّم أن معهد الشارقة للتراث يدرس ضمن جدول أعماله للسنة القادمة مشروع إقامة مؤتمر يجمع المتخصصين من علماء الأنثروبولوجيا، والآثار، والتراث، والمتخصصين بالهوية الإنسانية لبحث إمكانية مدى تغذية الذكاء الاصطناعي بما يسهم في توثيق التراث الثقافي المحلي والعربي من خلال روافد ومنصات تضع النقاط على الحروف، فتسهم في بناء المجتمع المعرفي على قواعد سليمة، وأصول ثابتة، لتسير بالتراث نحو وجهته الصحيحة.
من جهته قال الدكتور ماجد بو شليبي: “أصبح الذكاء الاصطناعي جزءاً من علوم الآلة، فكل متخصص بمجال علمي معين، ومنه الآثار والتراث، لا بد أن يهتم بالذكاء الاصطناعي، لكن لا يوجد الآن من يجيد إيصال هذه المهارة لمن يحتاجها”، ولفت بو شليبي إلى أن الذكاء الاصطناعي مكمل للذكاء البشري وليس بديلاً عنه، وطالب في نهاية حديثه معهد الشارقة للتراث بعمل برنامج تدريبي للباحثين في مجال التراث يعزز تطبيق القيم الاخلاقية في استعمال الذكاء الاصطناعي لا سيما في التوثيق والبحث العلمي.
في الاطار ذاته قال الدكتور أحمد بهي الدين:” إن النظرة المأخوذة على المشتغلين بالتراث أنهم، وبحكم خصوصية عملهم، لا علاقة لهم بالواقع، وعلينا تصحيح هذه النظرة ونحن مقبلون على المستقبل من خلال الذكاء الاصطناعي، فهو ولا شك سيسهم كثيراً في الحد من التفاعل الإنساني، والإبداع البشري، وعلينا ونحن نستقبل هذا الاختراع المهم أن نفكر بإنسانيتنا وهويتنا، وأن نفكر كيف نستثمره في تقديم تراث حين رصين وأصيل للأجيال المقبلة”.
على صعيد متصل قالت الدكتورة موزة غباش:” إن المستقبل كله ذاهب إلى الذكاء الاصطناعي، وهذه حقيقة يؤكدها الواقع، لكن السؤال المهم هو كيف يمكن أن يكون هذا الاختراع ضامناً للهويات الوطنية بدلاً من تهديدها؟”، ودعت في ختام كلمتها إلى أهمية إعداد مصطلح معرفي جديد هو (التسامح أو المصالحة الثقافية) مع الثقافات الأخرى باعتبار ان البشر وإن كانوا مختلفين في الثقافات والهويات لكنهم في النهاية مشتركون في الإنسانية.
إلى ذلك، قال الدكتور راشد المزروعي: “لا تزال هناك صعوبات في تطويع الذكاء الاصطناعي في الكثير من جوانب التراث الشعبي، إذ لا يزال قاصراً عن فهم اللهجات المحلية، ولا يستطيع تقريب الصورة التي تعكس معانيها بشكل جلي، كما أن أغلب المصادر التي يحيل عليها في البحوث لا وجود لها على أرض الواقع، وأنه لا يزال أمام الجميع الكثير من المهارات اللازم تعلمها قبل أن يصبح الذكاء الاصطناعي جزءاً أساسياً من حياتنا بشكل عام، والتراث على وجه الخصوص”.
#انتهى#