“نساء فلسطين”… قصص الحب والكرم والصمود ترويها بلستيا العقاد
“سماني أهلي بلستيا، أي فلسطين”.. هكذا بدأت الصحفية الفلسطينية بلستيا العقاد حديثها في خطاب ملهم بعنوان “نساء فلسطين: أصوات تتجاوز الحدود”، ضمن فعاليات مهرجان الشارقة لريادة الأعمال 2025، مؤكدة أن قصتها ليست تجربة شخصية لصحفي عادي ينقل الأخبار لقناة أو صحيفة، بل شهادة على صمود شعب بأكمله.
صوت من لا صوت له
استعرضت بلستيا في خطابها رحلتها المهنية التي بدأت برغبتها في تقديم غزة للعالم من خلال عينيها، ونقل القصص التي لم تحكَ، بعيداً عن الأرقام والإحصاءات؛ أرقام الشهداء وإحصاءات المنازل المهدمة. لكنها لم تتمكن من تحقيق ذلك كما خططت، لأن الحرب بدأت، لتجد نفسها أمام واقع أكثر قسوة مما كانت تتخيله. ومع كل قصف، ومع كل تهجير، أدركت أن مهمتها الصحفية لم تعد فقط في توثيق الأحداث، بل أن تكون صوت من لا صوت لهم.
وقالت بلستيا: “لم تكن الظروف سهلة، فالاتصال بالإنترنت كان متقطعاً، والموارد الإعلامية محدودة، لكن الأخطر كان الاستهداف المباشر للصحفيين، فكنت أعلم أن ارتداء السترة الصحفية قد يجعلني هدفاً أكثر مما لو كنت بدونها”.
طفلة بلا أطراف
ومن بين القصص التي حملتها معها، تروي بلستيا قصة رهف، الطفلة التي التقتها في المستشفى، والتي رفضت أن تُنشر صورتها لأنها لم تعد تتعرف على نفسها بعد أن فقدت يديها وقدميها. وتحكي عن أسمهان، السيدة التي فقدت منزلها لكنها كانت تستقبل الناس في خيمتها الصغيرة، وتصرّ على وصف ركن صغير يشتمل على القليل من المعلبات والعبوات البلاستيكية بـ”المطبخ”. لم يكن لديها الكثير، لكنها حملت معها في رحلتها سلحفاة وببغاء، وسمّت السلحفاة على اسم بلستيا، كرمز صغير للذكرى وسط الدمار.
مشاهد تفيض إنسانية
وفي رحلة التهجير، وجدت بلستيا نفسها وسط مشاهد تفيض بالإنسانية رغم القسوة، كما في قصة رندا وليا، الطفلتين اللتين فقدتا منزلهما في القصف، لكنهما لم تتوقفا عن الحديث عن مدرستهما وكيف تغيرت حياتهما، بل وأصرتا على دعوة بلستيا إلى منزلهما الذي لم يعد موجوداً. كذلك روتانا، التي التقتها في خان يونس وسط مئات المهجرين، والتي قادتها في الظلام الحالك لشراء جوارب باستخدام ضوء المشعل، ثم عرضت عليها أن تنام في خيمتها، رغم أنها بالكاد كانت تملك ما يسدّ رمقها.
“هذه غزة التي أعرفها”، تقول بلستيا، مؤكدة أن غزة ليست فقط مشاهد الدمار، بل قصص الحب والكرم والصمود. في كل صورة التقطتها، كان هناك صوت إنسان، قد يكون الآن مفقوداً بين آلاف الشهداء، وواجبها كصحفية وناجية أن تحكي قصته، لأن من ينجو، كما تقول، لا ينجو إلا ليكون شاهداً على من رحل. وتختتم: “إنسانيتنا هي الشيء الوحيد الذي لا يستطيع العالم كله أن يغيره فينا”، مؤكدة أن رواية القصة هي شكل آخر من أشكال المقاومة.
-انتهى-