محاوله للدخول إلى  الصندوق”الأستنعاج”

كتب الدكتور  د حازم صيام

   صديقي قال بهذا الاصطلاح ، ظنا منه أن سلوك النعجه مشين ، رغم ان الشاه هي رمز المؤمن وان الراعي هو رمز الرسول أو النبي  ، وان الذئب هو رمز الشيطان أو الشر ،  لقد نسى أو تناسي صديقى  أن ما من نبي الا رعى النعاج أو الغنم .. وفي اخبار عن بني اسرائيل حديث عن خراف بني اسرائيل الضاله ، التى تعهدها عيسى عليه السلام ، أن الخروف أو النعجه هو رمز الولاء والاستقامة والجنديه ،  وليس مجال للتهكم ،  فإن للخراف رساله نجحت فيها بكل تأكيد ،  بينما بني البشر لهم رساله قد سقطوا فيها ، وان إطلاق لفظ خروف على عناصر ضاله خطا  ، ومنزله ليست لهم ، وجائزه لا تليق بهم ولا تجوز فما اجمل الخراف ، بينما قد يكونوا ذئاب وأنياب ضاريه ووحوش كاسره تدعى زورا رعايه الغنم ، وهذا هو المقصود الحقيقي لكتاب عندما ترعى الذئاب الغنم ، قصد الكاتب به رفاعى سرور الحكام ، بينما الحقيقه ان الحكام في الميزان ، وليس عندها تحكم الذئاب الغنم ،      ويقصد صديقى بالاستنعاج أن اقلد النعجه فلا يكون لي رد فعل تجاه الراعي ، لو ذبحني الراعي استجيب ، ولو لم يقدم الطعام لا افضحه ، ثم يردف قائلا دا حتى النعاج تعترض وتابى. هو يتحدث عن العلاقه بين الحاكم والمحكوم وهي العلاقه التى افترضت أن الحكام كفره ، وان الشعوب كفره ، وان هناك طائفه من الناس  هم فقط اتباع الله أو (بتوع ربنا ) بينما باقي الشعب ( بتوع الشيطان ).  

  لكن الحقيقه ان علاقه الشاه بالراعي أو النعجه بالراعي هي العلاقه التي يريدها الله من الإنسان فالراعى مهمته الاعتناء بالشاه ، وان كانت تظن احيانا أنه يؤذيها ، اذا أبعدها عن موطن العشب لأن فيه اذي محتمل مثلا. ان احتمال الاذي واجب شرعي وهو تجاه الحاكم أوجب منه تجاه الأفراد ، لأن العلاقه بين الأفراد ابسط ، وفيها نديه ،  وانك اذا اختلفت مع الأفراد فستحتكم الي الحاكم ، فأنت اذا ارتقيت الي علاقه بالحاكم ، فالطاعه اذا أهم لانك تجاوزت الدرجه الاولى الي الدرجه الثانيه هذه واحده ، والثانيه أن الحاكم هو واجب الطاعه اصلا. واستنعاجك له له أجر ، ثالثا أن احتمال الاذي شريعه وما الصبر الا نوع من أنواع احتمال الاذي سواء كان الاذى مقصود أو غير مقصود .. وإذا ضربك أحد على خدك الأيمن فادر له الأيسر وذلك عند النصارى ، ومعناه صحيح وليس باطلا . وان الحاكم هو الطبيب (الحكيم ) الذي يعالج المحكومين إذا أعطاهم دواء مر فلا يرفضوه لطعمه المر، وانما عليهم تجرع االدواء حتى نهايه الالم  ، لان هناك دائما حكمه ، ومِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ﴾ [الحج: 11].

فالواجب الصبر على الأذى في ذات الله عز وجل. فإذا كان الله لن يؤذيك فإن احتمال الاذي ممن سيؤذيك وهو البشر.

وأما الأذى فيما يتعلق بأمور الدنيا ومعاملة الناس، فأنت بالخيار إن شئت فاصبر، وإن شئت فخُذْ بحقِّك، والصبرُ أفضل، إلا إذا كان في الصبر عدوانٌ واستمرار في العدوان، فالأخذ بحقِّك أَولى.

ولنفرض أن لك جارً يؤذيك؛ بأصوات مزعجة، أو دق الجدار، أو إيقاف السيارة أمام بيتك ، أو إلقاء مياه على بذتك المكتوبه ، أو ما أشبه ذلك، فالحقُّ إذًا لك، وهو في الوقت نفسه لم يؤذِك في ذات الله ، وقد كان رسول الله لا يغضب لنفسه ، وهو لنا أسوة حسنه واجبه الإتباع ، ولكن إن شئت فاصبر وتحمَّل وانتظر الفرج، والله سبحانه وتعالى يجعل لك نصيرًا عليه، وإن شئت فخُذْ بحقك؛ لقول الله تعالى: ﴿ وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ ﴾ [الشورى: 41]، ولكن الصبر أفضل ما لم يحصل بذلك زيادةُ عدوان من المعتدي، فحينئذٍ الأفضل أن يأخذ بحقِّه؛ ليردعه عن ظلمه.

والله يقول:

﴿ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [آل عمران: 134]، ﴿ وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾ “الشورى43”:.                                                                                

 وعن أبي هريرة رضي الله عنه في رجلٍ قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إن لي قرابةً أصلهم ويقطعوني، وأُحسِن إليهم ويسيئون إليَّ، وأحلم عليهم ويجهلون عليَّ، يعني: فماذا أصنع؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لئن كنتَ كما قلتَ فكأنما تُسِفُّهُمُ المَلَّ، ولا يزال لك من الله تعالى ظهيرٌ عليهم ما دمتَ على ذلك)) .

لأن هؤلاء القرابة والعياذ بالله يصلهم قريبُهم لكن يقطعونه، ويُحسِن إليهم فيسيئون إليه، ويحلم عليهم ويعفو ويصفح ولكن يجهلون عليه ويزدادون، فهؤلاء قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فكأنما تُسِفُّهُمُ المَلَّ)، المَلُّ: الرماد الحار، وتسفُّهم: يعني تلقمهم إياه في أفواههم، وهو كناية عن أن هذا الرجلَ منتصرٌ عليهم.

وليس الواصل لرحمه من يكافئ مَن وصَله، ولكن الواصل حقيقة هو الذي إذا قَطَعتْ رحمُه وصَلَها، هذا هو الواصل حقًّا، فعلى الإنسان أن يصبر ويحتسب على أذية أقاربه وجيرانه وأصحابه وغيرهم، فلا يزال له من الله ظهيرٌ عليهم، وهو الرابح، وهم الخاسرون.    

     لكننا الان أمام صبر آخر وهو الذي استدعي من صديقي لفظ (الاستنعاج) ، وهو لفظ في غير محله كما ذكرت والتشبيه غير بليغ  وليس في محله ، لانه صبر علي الحاكم أو الأمير  وقد أشرت أن الصبر عليه أوجب ، لأن له حق الطاعة اصلا ، ومثال ذلك الصبر على الوالدين فلا توجد نديه إنما هي علاقه الطاعه والولاء اصلا ،  وإذا أضرت فإن في القوانين مساحه لرفع القضايا ، وتشهد محاكم القضاء الإدارى وقضايا الدوله  بالكثير من القضايا ، التى كسب فيها الأشخاص قضايا ضد الحكام .. ان العلاقه التي يفترضها التيار الإسلامي ضد الحكومات هي علاقه باطله ، وتدخل صاحبها النار  ، فإن هرم الطاعه هو.  

 ١- طاعه الله سبحانه وتعالى ٢- طاعة الرسول   3-طاعة الحاكم.وولي الأمر  

  ٤- طاعة الوالدين  ٥- طاعة الزوج بالنسبة للمرأة .    

واختر إن شئت بعد ذلك الأقل فالاقل في هرم الطاعات.

 إن افتراض أن الحاكم كافر باطل .. وافتراض أنه يحكم بغير ما أنزل الله باطل .. وافتراض النديه بينك وبين الحاكم باطل برغم كونه بشر مثلك .. وافتراض  أن تاخذ حقك بيدك إن كان لك حق من الحاكم باطل.    وافتراض وجود حقد وغل بينك وبين الحاكم لغير ما يغضب الله باطل ، وافتراض أن الحاكم لا يخطأ باطل.                                                                                

ان الاستنعاج هاهنا فضيله ، لا تستنعج مع الذئب طبعا فذاك فقط هو المذموم أو مع العدو بالجبهه ، استنعجوا مع الحاكم ومع إخوانكم أيضا ولكن الاخير هو على الخيار.

انتهى