• في المركز الثقافي لمدينة كلباء فعاليات مهرجان المسرحيات القصيرة في دورته الحادية عشرة، وشهدت الفترة الصباحية جلسات النسخة العاشرة من «ملتقى الشارقة للبحث المسرحي» الذي يعنى باستعراض ومناقشة أحدث الرسائل العلمية «ماجستير ودكتوراه» التي أجيزت حديثاً في كليات الدراسات العليا المختصة في المسرح.
  • وأدارت الجلسة الأولى للملتقى الباحثة المسرحية مروة الجبالي (مصر)، وقدم المداخلة الأولى بلال بوزعيب (الجزائر) الذي حاز الدكتوراه عن بحثه الموسوم «الجسد في الإخراج المسرحي الجزائري: نماذج معاصرة»، وأشار الباحث إلى أن العامل الحاسم في تطور علاقة الإخراج المسرحي الجزائري بالجسد هو التكوين الأكاديمي، الذي زود المخرجين بالوعي والأدوات والتقنيات في هذا الجانب، لكن مع ذلك وقع بعض المخرجين في إشكاليات تتعلق بالاهتمام بالجانب البصري للعرض على حساب الجانب التقني للمنهج. وذكر بوزعيب أن منهج “مسرح القسوة” شكل تحدياً لمخرجي المسرح الجزائري، بينما مال بعضهم ونجح في توظيف منهج “المسرح الفقير” في التعامل مع جسد الممثل. وأشار بوزعيب إلى أن مسرحية “جي بي أس” للمخرج محمد شرشال تعد أبرز الأعمال المعاصرة التي تعاملت مع العناصر الإخراجية بكل احترافية، لاسيما في جانب التعامل مع جسد الممثل.
  • وقدمت المداخلة الثانية صفية معناوي التي نالت الدكتوراه ببحث عنوانه «الأزياء المسرحية من التصور إلى الإنجاز.. المغرب مثالاً»، ومن بين أبرز ما ذكرته في استعراضها لأبواب رسالتها أن هناك ضعفاً في الاهتمام بالأزياء المسرحية، لاسيما في حقل البحث المسرحي المحلي والعربي، ومن هنا ارتأت إنجاز هذا البحث الذي تتبّع تطور الأزياء المسرحية المغربية منذ بداياتها إلى الوقت الراهن، وفي هذا الإطار، ذكرت معناوي أن الفنان الراحل الطيب الصديقي أهم من سلط الضوء على الزي بوصفه دعامة أساسية للعرض المسرحي، حيث آمن بشكل ملفت بقوة الزي المسرحي الإبداعية، ووظف لغته الخاصة، واستثمر كل أدواته التعبيرية، كما أن له السبق في الحديث عن الزي المسرحي، وفي تخصيص مصممة أزياء قارة لفرقته، وهي “مارية الصديقي” التي ستصبح مصممة الأزياء الرسمية لفرقته انطلاقاً من سنة 1957. ودرست معناوي ووثقت تجارب بعض مصممي الزي المغاربة للتعرف على آليات اشتغالهم من خلال دفاتر تصميماتهم، ومنهم المصمم العربي اليعقوبي، والمصممة يوليانة ناصف التي أسست قسم السينوغرافيا في المعهد المسرحي ونشطت في المجال لأكثر من عقدين من الزمن.
  • وأشارت الباحثة المغربية إلى أنه برغم الإنجازات والاستحقاقات التي وصل إليها المسرح المغربي في السنوات الأخيرة، إلا أن مصمم الزي المسرحي لا يزال يعاني أحياناً من تسلط المخرجين أو المسؤولين عن إدارة الفرق. وفي حالات أخرى يصادف فرضاً لتراتبية قسرية في الإبداع، وعدم احترام للحقوق الفكرية، سواء لعدم إدراك التخصص، أم لاعتبار تصميم الزي عنصراً ثانوياً لا يعدو كونه تأثيثاً للفضاء أو تصميماً لديكور أو اقتناءً “للملابس”.
  • وفي الجلسة الثانية التي أدارتها الباحثة نهى العلايلي (مصر) قدمت المداخلة الأولى مريم الركاكنة (المغرب) التي نالت الدكتوراه عن بحثها المعنون «الإخراج النسائي في المغرب.. دراسة في نماذج»، ومن بين ما أوردته أن المرأة المغربية استطاعت أن تفرض حضورها بقوة في مجال الإخراج المسرحي خلال العقد الأخير، وأخذت مثالاً لمعاينتها تجربتي المخرجتين المسرحيتين نعيمة زيطان وأسماء هوري، مؤكدة أنهما أحدثتا ابتكارات نوعية في بناء العرض المسرحي، كما نجحتا في التطرق بشكل مبدع إلى القضايا التي تهم المرأة.  وقدم المداخلة الثانية علي كريم (الجزائر) الذي نال الدكتوراه عن بحث بعنوان «التعبير الجسدي في العرض المسرحي..»، وذكر كريم أن بحثه ناقش دور التعبير الجسدي في العرض المسرحي الجزائري من منظور أنثروبولوجي، مع التركيز على ثلاثة أعمال للمخرج محمد شرشال، وهي “الهايشة”، و”ما بقات هدرة”، و”جي بي أس”، حيث تناولت الدراسة التصورات المختلفة حول الجسد البشري، أكانت دينية أم فلسفية، وتطور توظيف التعبير الجسدي في المسرح منذ بداياته إلى تجاربه المعاصرة. ومما استخلصه البحث أن الجسد مثل مدونة اشتغالية للمسرح منذ بدايات تبلوره في الثقافة الإنسانية، سواء باعتباره أيقونة دالة أم كونه أداة ووسيلة، بما في ذلك اعتباره تشكيلاً سينوغرافياً، كما شكل فضاء للتماهي مع المقدس واستحضار العوالم القدسية، وأن الجسد مثل منظومة لها حضورها في أعمال المخرج محمد شرشال، وذلك من خلال محاولة تفجير كوامنه التعبيرية، وطاقاته التصويرية، وكذا إحالاته الطقسية والشعائرية.وفي برنامج العروض لليوم الأخير من المهرجان، شهد الجمهور أولاً عرض «موظف محظوظ» عن مسرحية “طالب الوظيفة” للكاتب هارولد بنتر، وأخرجه محمد نور أحمد، وشاركت في تشخيصه هبة ديب، وحازم نوفل، وأحمد عاقل، وتحدثت في ندوته النقدية الباحثة والممثلة المسرحية نهيلة آيتلوحيان (المغرب). وجاء العرض الثاني بعنوان «غير معلن» عن مسرحية “شيء لا يقال” لتينيسي وليامز، وأخرجه خالد الحداد، وشاركت في تأديته على الخشبة سكينة فوزي، ورزان نعوف، وبلقيس يوسف. وتحدثت في ندوته النقدية نوران مهدي (مصر)، وجاء العرض الأخير بعنوان «الملاذ» عن مسرحية “الأول والأخير” لجون غلزورثي، وأخرجه جاسم غريب، وشارك في تشخيصه فيصل موسى، وخالد فهد، وسارة أصيل، ومحمد شنبه.