كتب حماده فراعنه

دوافع عديدة تجعل من الأردنيين في حالة تعاطف وتقدير لكل عمل كفاحي ضد المستعمر
الإسرائيلية، بدءاً من الانتهاكات الإسرائيلية ومحاولات المس بقدسية المسجد الأقصى
ومكانته المميزة دينياً باعتباره أولى القبلتين للمسلمين وثاني الحرمين وثالث
المسجدين، عبر الاقتحامات اليومية لساحات المسجد الأقصى من قبل المستوطنين
المتطرفين وفرض الطقوس اليهودية على حرمته، وبذلك عدم احترام القيم الإسلامية
الراسخة عبر التاريخ، وحفاظاً عليها تم وضع خيار الوصاية الهاشمية والرعاية
الأردنية لهذه المقدسات، بهدف حمايتها وتأمين احتياجاتها الوظيفية كمقدس إسلامي
معتبر
.

وتتسعإجراءات الانتهاكات الإسرائيلية في العمل على أسرلة وعبرنة وصهينة القدس الشرقية
التي كانت جزءاً من أراضي المملكة الأردنية الهاشمية قبل أن يقع عليها الاحتلال
عام 1967، ولذلك يتحمل الأردن مسؤولياته الوطنية والقومية والأخلاقية بالعمل على
استعادتها لأهلها وشعبها العربي الفلسطيني، ورفض محاولات الضم، عبر قرار جعلها
جزءاً من خارطة المستعمرة وعاصمة موحدة لها
.

كما تجري عمليات الاستيطان الاستعماري التوسعي على أرض الضفة الفلسطينية بما يتعارض مع
مصالح الفلسطينيين والأردنيين، وجعل الضفة الفلسطينية مناطق ضيقة غير مؤهلة للعيش
الكريم، والتضييق على الفلسطينيين، بهدف إعاقة فرص الحياة عليهم، ودفعهم نحو
الرحيل الإجباري أو الاختياري نحو الأردن، مما يشكل مساساً بالأمن الوطني الأردني
.

وزيادة على كل هذه الاستفزازات الاستعمارية التي تمس شعباً شقيقاً، ونحن وإياه في خندق
واحد، وتطلعات مشتركة نحو الأمن والاستقرار والحرية والاستقلال، يتحدث قادة
المستعمرة عن الأردن باعتباره جزء من خارطة المستعمرة، عبر شعار “إسرائيل بين
النهرين”، أي من العراق إلى مصر، شاملة خارطتهم الأردن، وإذا كان ذلك من
الأوهام والأطماع التوسعية ولكنها تشكل مساساً مباشراً بأمن الأردن واستقراره وهذا
ما دفع مواطن أردني ليقوم بما قام به من مبادرة هجومية في معبر الكرامة
.

الفريق الحاكم لدى المستعمرة، فريق متطرف سياسياً ودينياً، مما يتطلب أقصى درجات اليقظة
الوطنية لدينا، والعمل الدائم والمستمر لدعم الشعب الفلسطيني من أجل بقائه وصموده
على أرض وطنه الذي لا وطن له غيره: أرض فلسطين
.

لقد فشل مشروع المستعمرة في الصراع على العامل الديمغرافي، فعلى الرغم من عمليات الجلب
من يهود العالم إلى فلسطين، فقد فشلت المستعمرة ومشروعها في طرد وتهجير وتشريد كل
الشعب الفلسطيني عن أرض وطنه، فقد بقي صامداً على أرض وطنه حسب الإحصاء المركزي
أكثر من سبعة ملايين عربي فلسطيني على كامل خارطة فلسطين، مما يشكل فشلاً
استراتيجياً لمشروعهم الاستعماري التوسعي، رغم احتلالهم لكامل خارطة فلسطين، وهذا
سبب جرائمهم في قطاع غزة بالقتل لعشرات الآلاف من المدنيين، وتدمير ثلثي بيوت
ومؤسسات قطاع غزة، وهذا ما فعلوه أيضاً في مخيمات الضفة الفلسطينية
.

العامل الديمغرافي السكاني البشري هو الأساس، ولهذا وجود شعب فلسطيني على أرض فلسطين
لأكثر من سبعة ملايين عربي يحول دون نجاح واستقرار المستعمرة واستمراريتها، مهما
بلغت من قدرتها وتفوقها وبطشها وقمعها
.

بلدان قوية مثل الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وحتى الاتحاد السوفيتي هُزمت
بفعل رفض الشعوب لفرض سياسات وأنظمة وفعاليات لا تتفق ومصالحهم وقيمهم وحقهم في
تقرير المصير، مهما كان فقر وضعف هذه الشعوب بينها وبين الدول الاستعمارية القوية،
وهو حال المستعمرة ونهايتها
.