يسألونني لماذا أحبها ؟؟
كتبت سحر حمزة
قبل أكثر من عشرين عاما كانت زيارتي الأولى لوطن أحببته منذ الوهلة الأولى ،تأملت صورته الجميلة وأنا أنظر من نافذة الطائرة التي أقلتني من العاصمة الحبيبة عمان في الأردن إلى دبي عاصمة الأقتصاد والروائع والجمال ،كنت قد سمعت عنها عبر وسائل الإعلام ،وحلمت بها كأي حلم يراودني في عقلي وروحي ،وقررت زيارتها مهما كلفتني الزيارة من مشقة سفروتحول من عالمي المزدحم بين طموحي وأحلامي الدفينة ،حلقت بأحلامي وأنا على متن الطائرة التي تقل الكثيرين مثلي ممن يزورون هذا الوطن حبا وشغفا ،وحين أقتربنا لمطار دبي الدولي كانت الدنيا تعج بالحياة والأزدحام من كافة البشرمن مختلف الجنسيات والأجناس ،كنت أنتظر صديقتي التي ستستضيفني عندها لحين الحصول على وظيفة ،وفعلا كانت هناك بالمطار كما كان الإتفاق بيننا ،أخذتني إلى بيتها الذي كان فيلا جميلة في منطقة القصيص بدبي ،وكنت أرتدي ملابس الشتاء بحسب أجوائنا الشتوية بالأردن ،شعرت بالدفء الأنساني وكأنني بين أهلي لحسن الضيافة والكرم الذي قدمته لي صديقتي التي كنت أنا وإياها في المدرسة الثانوية بعمان وهي التي سبقتني لدبي للبحث عن عمل حسب ميولها وقد وفقت بذلك بحمد الله .
ولكني كما تعودت أعتمدت على ذاتي بأستخدام شتى الوسائل للحصول على وظيفة من خلال إعلانات الصحف المتعددة ،وحسب رغبتي زرت أول شيء صحيفة الخليج الإماراتية التي طلبوا مني فيها كتابة تحقيق صحفي مقنع لتوظيفي معهم ،فتجولت في مدينة الشارقة الباسمة لإن دبي مكتملة الخدمات جميلة متطورة فوق العادة تضاهي بجمالها وخدماتها دول أوروبا التي زرتها في بعض البعثات والمؤتمرات وكنت أحمل سيرتي الذاتية العطرة بيدي وأقدمها على شكل كتاب حول منجزاتي الصحفية التي تشمل لقاءات وأخبار وتحقيقات صحفية وحوارات إعلامية مع كبار المسؤولين ،ولكن هذا ليس كافيا بالنسبة لهم ،طلبوا شيئا واقعيا ميدانيا من الإمارات ،فكتبت أول مقال لي هناك بعنوان “بابا زايد “بحسب ما سمعت عنه وعن تأسيسه للأتحاد وجهوده في تأسيس هذا الوطن الغالي .
ثم أنتقلت إلى عجمان وهناك رأيت ما رأيت من نقص بعض الخدمات والكاميرا معي وبدأت بالتقاط الصور وكتابة تحقيق صحفي إلى الزميلة في مجلة الأسرة وصحيفة الخليج ،وكنت واقعية في تحقيقي عن الأرصفة بالنعيمية ،ومستنقعات الماء فيها أثر الأمطار الأخيرة ،ثم عن لهو الأطفال بالشارع وصورتهم حيث لا توجد لهم حديقة وملعب خاص ليمارسوا هوايتهم في لعبة كرة القدم ،كتبت عن إفتقار تلك المنطقة للشوارع المعبدة فقد كانت معظمها ترابية ،وهذا الأمر لم يعجب الزميلة حينها وقالت لي بعنف:”شيوخنا لا يقصرون والبلاد بخير والخدمات جميعها متوفرة ،وأضافت :انت لا تصلحين للعمل معنا كصحفية ،بعد أن أحضرت لها صورا كلفتني مبلغا لطباعتها ،ومشقة التنقل بين دبي والشارقة وعجمان.
خرجت غير محبطة لإنني صحفية جادقة صادقة فكل ما كتبته كان واقعا ،لكنه الآن تغير نحو الأفضل لتضاهي مدينة عجمان أرقى المدن في الدولة تقدما وحضارة ,
وعثرت على وظيفة في مجلة إعلانية مثل الوسيط ،الخاصة بالإعلانات وعينت مديرا للمبيعات بعيدا عن التحرير الصحفي والتحقيقات والبحث عن المتاعب ،وبدأت رحلة التحدي بيني وبين نفسي حين بدأت تدريب فريق العمل معي كمديرة لهم ،وكانت اللقاءات الصباحية تحمل تحديات عدة وأنا أدرب الفريق حول كيفية التسويق الإعلاني المهني بأستقطاب المعلنين الكبار ،لا سيما أولئك الذين يدفعون الآلالف على أعلانات ليست بتلك الأهمية بل بهدف الشهرة والتعريف بكل منتجات غير قابلة للبيع بالطرق العادية وهكذا بدأت الرحلة من الصفر ،وكنت كل صباح أجتمع مع الفريق لمناقشة المنجزات والبرنامج الجديد للجولات الميدانية في مختلف مناطق الإمارات وكنت أصر عليهم واطلب منهم التجوال والحصول على إعلانات في تلك المجلة التي توقفت عن الصدور بعد أستقالتي منها ،وفي العدد الأول الذي صدر حين تسلمت العمل فيها وصل عدد صفحاتها مائة صفحة وجميعها إعلانات مدفوعه بمبالغ دخلت المجلة حينها كانت الفرحة لا تسع لمديرها العام والفنيين فيها ،وكان الجميع يشيد بأدائي لتحقيق هذا المنجز وفي ذلك الوقت حصل الجميع على رواتبهم بموعدها لجهودهم المشتركة .
هنا تطلب الأمر مني جهدا وتكلفة كبيرة من السفر والتنقل والتجوال بالامارات كلها حتى وصلت مدينة العين ثم دخلت منطقة البريمي بسلطنة عمان ،وهناك أجتهدت بقوة لأحصل على إعلانات من المحلات والأسواق التي تعج بالتراثيات والعطور والبخور ،وكانت مفاجئة من المدير العام وشكر لي جهودي ،لكن الرواتب كانت تتأخر والظروف لا تسمح بذلك نظرا لإلتزامات كثيرة بدأت بإستئجار غرفة متواضعة كمأوى لي بعد أن تركت صديقتي بدبي وتوجهت للإمارات الشماليةللتعريف بالمجلة وتسويقها مع أصحابها ,
وفي يوم من الأيام وأنا اتصفح إعلانات صحيفة الخليج قرأت إعلان عن وظيفة متخصصة بالتحرير الصحفي و يطلبون صحفيين محررين نشطاء وكانت فرصتي التي أتمناها ،ذهب للعاصمة أبو ظبي وقابلت الجهة المعلنة وفورا وافقوا على تعييني بالصحيفة التي كان أسمها أخبار العرب في العاصمة أبو ظبي ولها مكتب خاص بدبي والإمارات الشمالية ، وحملت رسالة التعيين في نفس يوم المقابلة ،وبدأت رحلتي الرائغة بعالم الصحاقة و الإعلام من دبي ،وسجلت بنادي دبي للصحافة ،وشاركت بمنتدى الإعلام العربي الذي كان حديث الإنشاء ،وتحركت أكثر حين أشتريت سيارتي الخاصة وبدأت أتجول وأحقق المزيد من النجاح ،وبعدها أصبحت أملك الخيرة التي مكنتني من الكتابة بثقة وقوة وإن كنت قد واجهت الكثير من التحديات لكني تجاوزتها بثقتي الكبيرة بالله وبخبراتي القوية وثفتي بقدراتي وتحققت النجاح الذي حلمت به الذي غززني أكثر وشجعني على مواصلة جهودي بالبحث والتقصي عن شيء جديد منفرد في مجالي ،وبرضى الله ودعاء أمي رحمها الله أصبح لي أسم معروف يطلبه المتعاملون مع الصحيفة للحضوروالمشاركة والتغطية الإعلامية ،وهكذا حتى وصلت إلى رأس الخيمة والفجيرة وخورفكان وغيرها فأصبحت جزء لا يتجزأ من هذا الوطن الغالي الذي أحببته وأعتبرت نقسي وأحدة من أبناءه لإنه فتح لي أفاق الإبداع وشرعت الأبواب على مصراعيها أمامي ،فاصدرت عددا من الكتب للأطفال والمجموعات القصصية والروايات ضمن سلسلة حكايات إمرأة ،ونجحت بقوة بأن يكون أسمي يوميا على الصفحة الأولى في الصحيفة ، وكلما دخلت مكانا جديدا أتحدث بثقة وقوة بتمكن وتقدير لقدراتي التي جعلت من سيدة مواقف يشار لها ويسعى الكثيرون لتتواصل معهم من اجل المتابعة الإعلامية وهكذا .
ونظرا لغلاء المعيشة في دبي أخترت سكنت بإمارة الشارقة على البحيرة لفترة قصيرة لكن بعدها وجدن بدار الأمان بمدينة عجمان مكانا متواضعا للسكن بأسعار مقبولة تناسب دخلي وأنطلقت بعدها بقوة في الإمارة وزرت مدينة مصفوت القريبة من دبي وتابعه لعجمان ،ومدينة المنامة أيضا لقربها من الشارقة ،ثم توجهت للكتابة عن السياحة بعجمان ومواقعها التراثية ومرافقها الجميلة ،فكتبت عن مدينة الفرص السياحية في منطقة الزوراء التي كانت شبه منسية سابقا وأضحت من أجمل المناطق بالإمارة الأنسياحيا وحضاريا بعد تشييد بعض المنشآت الفندقية والشقق والفلل الإستثمارية وملعب الجولف ووجود نادي الفروسية والمتاحف في المدينة ومصفوت .
وهكذا حتى أصبحت عجمان وعاصمتنا عمان بالأردن توأمان يسكنان بأعماق قلبي وأضحت دبي مصدر سعادتي بجمالها الساحر الذي أحتضنه وجداني والشارقة عاصمة الثقافة في عقلي ومصدرا لإبداعي الأدبي والفجيرة ورأس الخيمة ومواقعهما السياحية جزء من كتاباتي ومقالاتي لكن المكان الذي وجدت ضالتي فيه هي أمارة عجمان التي طلبتني للعمل فيها بأحدى الدوائرة الحكومية فذاع سيطي أكثر وركنت إليها بهدوء حيث ركنت إليها بحب وأنتماء وولاء لقيادة وطن همها تحقيق السغادة لأبناءها وللمقيمين فيها فقدمت استقالتي من الصحيفة للأسف حينها سعيا وراء الأمان الوظيفي والمادي ولكن ؟؟؟؟ وتناسيت بعض القوانين المستحدثة في الدولة في تعيين الشباب الخريجين من أبناء الوطن ووتم أنهاء خدمات العديد من الوافدين ومنهم أنا ،لكني لم أيأس ووجدت نفسي تواجه تحد جديدي فقد أنطلقت من جديد مع الإعلام الرقمي الإلكتروني وأسست صحيفتي الخاصة من خلال ترخيص بالمدينة الإعلامية والمجلس الأعلى للإعلام وانطلقت بقوة أكثر رغم شح الموارد وانقطاع الراتب الحكومي الذي جعلني أعود للصفر للأنطلاق بالصحافة والتحرير الصحفي في كتابة الأخبارالمدفوعة ببعض دراهم بالكاد تكفي متطلبات غلاء المعيشة لكن حب هذا الوطن غرس في قلبي وأصبح جزء من جذوري العريقة من القدس وعمان ووطني الأول وأصبحت أتغني فقط بوطني الثاني الإمارات الغالية التي أحبها من أعماقي ولها مكانة في قلبي رغم كل الظروف والتحديات التي تواجهني .
#أنتهى #