كتبت الدكتورة فاطمة الدربي

إن الله سبحانه وتعالى قد حمل آدم وذريته الأرض كأمانة لأعمارها وعدم إفسادها، فكل فرد منا يجب أن يكون خليفة في الأرض، ويلعب دوره في ضمان حمايتها والحفاظ عليها. فالإسلام عزز دائمًا موضوع الاستدامة، قبل 1500 عام، وقبل ولادة مفهوم الاستدامة بوقت طويل. ويدعو الإسلام إلى كفاءة استخدام الموارد الطبيعية، كما ذكر في الآية الكريمة،”وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ”، لقد أمر الله سبحانه بعدم الإسراف وهذا ينطبق على كل شيء في الحياة، سواء كان هدرًا في الطعام أو الماء أو الكهرباء أو حتى إضاعة الوقت، لكن غالبًا ما تُقابل وفرة النعمة بسلوكيات مفرطة ومُهدرة.

نحن بحاجة إلى التغيير كمجتمع، ونحتاج إلى إعادة تصحيح بعض ممارساتنا الحياتية وإعادة تعلم كيفية تطبيقها بصورة صحيحة، وأن نتحمل المسؤولية وبالتالي نصبح مسلمين أفضل، وليس هناك وقت أفضل لبدء ذلك من شهر رمضان الفضيل.

وبإعلان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة  الإمارات حفظه الله أن عام  2023  الجاري هو “عام الاستدامة “،حيث يهدف “عام الاستدامة” الذي انطلق تحت شعار “اليوم للغد “إلى تسليط الضوء على تراث دولة الإمارات العربية المتحدة  الغني في مجال الممارسات المستدامة، منذ عهد الشيخ المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “طيب الله ثراه” إضافة إلى نشر الوعي حول قضايا الاستدامة البيئية وتشجيع المشاركة المجتمعية في تحقيق استدامة التنمية.

أبرز السلوكيات المجتمعية السيئة التي تكثر خاصة خلال شهر رمضان هدر الطعام، وذلك لما  يرافق هذا الشهر من تجمعات، وولائم، إضافة إلى شراء الأفراد منتجات غذائية بكميات كبيرة تزيد عن حاجة الشخص. فعلى أفراد المجتمع الاعتماد على بعض العادات في حياتهم اليومية التي ستحسن نمط حياتهم وتعمل على تقليل الهدر، منها طلب كميات أقل من الطعام تناسب احتياجات الشخص عند الأكل في المطاعم وتجنب الصرف الزائد، وإعادة استخدام بقايا الطعام، والتسوق بذكاء عند شراء مستلزمات المنزل من خلال وضع قائمة باللوازم والالتزام بها، إضافة إلى تفقد الأطعمة المحفوظة في الثلاجة بشكل دوري للتأكد من صحة المأكولات واستخدامها قبل انتهاء صلاحيتها، والحرص على مشاركة بواقي الطعام مع المحتاجين بدلاً من هدره ورميه في القمامة.الله سبحانه يأمرنا أن نتجنب إهدار الموارد والتسبب في تدهور البيئة. لا يتطلب الأمر أكثر من التدبر في القرآن وحياة الرسول – صلى الله عليه وسلم – لإدراك مدى تركيز الإسلام على الاستدامة من خلال كفاءة استهلاكنا للموارد، فبدلاً من إساءة استخدامها، لنشجع بعضنا البعض على تبني سلوكيات مستدامة، بدءًا من شهر رمضان المبارك هذا العام.خلاصة القول أن رمضان فرصة للتحول إلى نمط الحياة الخضراء و التنمية المحلية الطيبة التي تعمل على المحافظة على الموارد كوسيلة للحياة و نماذج متكاملة إنمائية صغيرة لعلنا نشكر ونرشد بعد أن نرتقي لمرتبة التقوى.

انتهى