*”مراح حمدة”: مشروع تنموي بدأ بتشجيع ومساعدة سيدات أردنيات  من مدينة  مأدبا .

*المشروع يوفر فرص عمل للأسر المنتجة بمساهمات وطنية تهدف لتحقيق  التنمية المستدامة بما يدعم الشباب الطموح  من طلاب وطالبات الجامعات بالمنطقة  

* نساءمادبا يسهمن بقطاف  الزعتر الأخضر لتسويقه  محليا وعالميا 

نور الازايده  :سيدة أردنية طموحة  غيرت نمطية حياتها  بمشروع أنتاجي يدر الدخل لتخدم أسرتها ومجتمعها في محافظة مأدبا الأردنية  

مشروع “مراح حمدة”: من رحم البيئة المحلية تزهر الحياة فيه بعبق التاريخ والتراث الأردني الأصيل ليزهر المستقبل بمشروع أنتاجي يعكس طموح سيدة وأسر إنتاجية لتغيير نمطية الحياة في بيئتها الريفية

حاورتها ميدانيا سحر حمزة لليلك نيوز الأخباري

على ربوة مطله على جبال فلسطين الحبيبة مقابل البحر الميت وطريق ماعين الرائعة المتعرجة باتجاه منتجع ماعين ومحمية الموجب السياحية ومطلات الجنوب الغربي في عدة مواقع سياحية في مدينة مأدبا الأثرية، هناك  تعانقت  الطبيعة مع عبق التاريخ العريق عناقا مطولا شوقا لصدى الماضي وعبق  حضارات بقيت بصماتها  في وقت تعانق شمس الأردن  أمجاد الأجداد المؤسسين  المتعاقبة كنا هناك وبمحض الصدفة جمعتنا أصبوحة التراث في تلك البقعة الرائعة في محافظة مأدبا التي رافقتنا فيها الصديقة الغالية جميلة الأسمر  بدعوتنا لتناول الأفطار  التراثي من طبيعة خلابة ما بين أطباق وفطائر الزعتر والزيت وأقراص المعجنات والمخبوزات والبيص البلدي المقلي بالسمن طيب الرائحة مع أجبان من صنع سيدات يصنعنه من البيئة المحلية بخيرات بلادنا الرائعة الذي توارثته الأجيال منذ قدم التاريخ.

بعد مسيرة ليست طويلة بالمركبة وخلال خمسة عشر دقيقة وصلنا إلى الاستراحة التراثية الرائعة التي أطلقت عليها صاحبتها أسم مراح  حمده نسبة إلى جدتها القروية الأصيلة المعنية بالأجواء التراثية الأردنية التي تصنع الألبان فيها الرشوف البلدي والأجبان بأنواعها ولبن المخيض وتقطف الزعتر من البيوت البلاستيكية التي منحت لها من زراعة مأدبا ’كنا هناك ما بين الجبال والسهول الخضراء بالطبيعة الرائعة الخلابة .

كان لا بد أن نسأل ونتحاور حول ما رأيناه  وما لمسناه من جمال في تلك المنطقة فأجرينا هذا الحوار في الموقع التراثي الجميل .

بداية استقبلتنا المضيفة صاحبة المراح استقبالا رائعا ، كانت رائدة الأعمال لمشروع مراح حمدة نور الازايده من أصيلات مدينة مأدبا الأردنية  ،فكان هذا الحديث الودي بعد ان قدمت لنا بداية القهوة العربية من صنع يديها  وروت لنا  رائدة الأعمال  السيدة الازايده حكاية تأسيس  مشروعها المتميز بتصاميمه التراثية وموقعه الجغرافي الرائع المسمى “مراح حمدة” باعتبار أن المشروع الإنتاجي يحمل سمة وطنية أردنية تراثية وذاع صيته على أصداء الماضي العريق  في مدينة تراثية تزخر بتراثيات واللقيمات التاريخية في أرجاءها من بصمات الحضارات المتعاقبة المندثرة التي تعانق المعاصرة والحضارة في تلك المنطقة التراثية السياحية .

روت لنا نور الازايده  حكاية بدايات المشروع المتواضع الذي شجعها والدها على تأسيسه وأهلها وكل من يعرفها ،والذي حولته إلى عدة مراحل في التجهيزات التي يحتاجها سطرت فيها روايات متعاقبة للحياة التراثية عبر التاريخ في مدينة العبور مأدبا الفسيفسائية .

قالت نور الازايده أن بدايات المشروع جاءت  بفكرة بسيطة تعكس أجواء بيئة مأدبا الزراعية ثم حولته إلى مشروع ناجح ومؤثر في حياة العديد من الأسر والشباب الطموحين  في المدينة الزاخرة بفسيفساء نادرة تعود إلى تصاميم مبدعين عبر العصر الروماني والبيزنطي ثم العثماني حتى العصر الحديث  .

التحدي الأكبر

وأردفت رائدة الأعمال نور الازايده أنها بدأت  رحلتها  في تأسيس المشروع منذ بداية الألفية الثانية الأمر  الذي كان بالنسبة لها  بمثابة تحدي كبير في تصميمه كمشروع سياحي تنموي ،الذي شكل انبعاثا لروح المكان فيه ،لافته بأن  مثابراتها واجتهادها وإصرارها  على الانطلاق  بالمشروع مع  التصميم والإصرار والإرادة والجدية بالعمل الجاد حوله إلى قصة نجاح ملموسة .

وتضيف رائدة الأعمال نور الأزايدة بأن بدايةً مشوارها في  المشروع كانت بسبب معاناة ابنتها الصغيرة التي كانت تعاني من حساسية القمح. وذلك لإن المشكلة بهذه المعاناة  بسبب حبها لعشبة  الزعتر  الأخضر المعروف كأحد مقومات المائدة في منطقة بلاد الشام ومنها الأردن وفلسطين ومع استخدامها لماي باع بالأسواق اكتشفت أن  الزعتر الذي تشتريه من الأسواق عادةً ما يحتوي على القمح والبهارات المؤذية أحيانا للجسم ، إذ أن البعض يقوم بخلطه مع الزعتر المطحون غير  الأصلي مع البهارات الخاصة بتكوين الزعتر ما يسبب التحسس لطفلتها الصغيرة .

مع خوفها على طفلتها بدأت نور  تبحث عن حل بديل  لهذه المشكلة، وأثناء البحث اكتشفت أن هناك أكثر من 250 طفلًا في مدينة مأدبا يعانون من نفس المشكلة، وهذا ما دفعها للتفكير بجدية في كيفية مساعدة هؤلاء الأطفال وأسرهم في الشفاء من هذه الحساسية التي قد تتحول لمرض عضال يؤذي مستقبلهم .

بداية المشوار زراعة الزعتر

قررت نور  البدء  في زراعة الزعتر الخالي من القمح. وقدمت دراسة جدوى لمديرية الزراعة في مأدبا، وأخبرتهم عن المشكلة التي تواجهها وعن معاناة الأطفال في المنطقة. فكانت تعتقد أنه بإمكانها إيجاد حل لهذه المشكلة المحلية باستخدام الموارد المتاحة بالفعل، تمكّنت من الحصول على بيوت بلاستيكية من مديرية الزراعة، وبدأت في زراعة الزعتر الأخضر في الأرض الممنوحة لها من والدها وكانت بداية ناجحة بتصميم وأراده وبدأ المشروع شيئا فشيئا يعرف بين أهالي المدينة بمأدبا باسم مراح حمده .

تحديات التسويق للزعتر  الصحي المتميز

وأردفت نور الازايده حول العراقيل التي واجهت  مشروعها  المليئة بالتحديات الكثيرة مثله مثل  أي مشروع ناشئ حديثا ،لهذا  لم يكن الأمر سهلاً في  بداية العمل، مشيرة إلى   أنها واجهت تحدي  في توزيع المنتج في الأسواق، خاصةً أن هناك العديد من المنتجات القوية والمتوافرة في الأسواق على غرار  الزعتر بنفس التركيب والاسم  ، لم يكن الناس يعرفون جودة  منتج نور الازايده  بشكل كافٍ ، وبدلاً من  التراجع أو التفكير بالاستسلام، قررت  نور الازايده التفكير في حل مبتكر تجد به مسارات تساعدها على تسويق أتناجها المنزلي .

وأوضحت رائدة الأعمال نور  الازايده أنها بدأت تفكر لماذا لا يأتي الجمهور لطلب المنتج و إليَّ تجربة  مذاق الزعتر بأنفسهم؟ لماذا لا نسمح لهم بقطف الزعتر مباشرة من الأرض وتحضيره بأنفسهم؟  لذا، فكرت في تستأجر الأرض التي تقابل منزلها الممنوح لها من والدها ،لتجد فسحة ومساحة يرتاده الزوار أن جاءوا للتعرف إليه وعلى مقتنياته التراثية ويشاهدوا مراحل قطاف الزعتر وتجهيزه للأسواق وتحويله لمنتج محلي يزين الموائد كل صباح مع طعام الأفطار.

بتوفيق من الله سبحانه زاد عدد زوار مراح حمده وذاع صيته وبدأت المجموعات السياحية ترتاده بالمواسم بحمد الله ويشارك البعض منهم في قطاف الزعتر، ويشاهدوا طريقة تحضيره  للمائدة اليومية  التقليدية وفعلا الفكرة أثمرت بتنفيذ العمل والتصميم على ألنلق به  .

خلق تجربةً ترفيهية وتثقيفية

وبينت رائدة الأعمال  نور الأزايدة أنها فكرت في  أن تخلق تجربة فريدة للناس تكون عملية وعلى مرأى العين أمامهم ،وفكرت في أن تجعل الزوار يشاركون في  قطاف الزعتر وتعلم طريقة تحضير الزعتر الأخضر  بأنفسهم، ويشاهدون كيف يتم صنع زعتر المائدة من الزعتر الأخضر الطازج . و أرادت  أن تصنع لمسة من التراث في المكان، حيث يجلس الناس في الطبيعة ويشعرون وكأنهم في بيئة تقليدية حقيقية.  وجاءت الفكرة بقبول من الجمهور الذي بدأ يتعرف على المشروع ويزوره و كانت الفكرة الأكثر قبولا وإقبالا بأن تكون لديهم تجربة ترفيهية تثقيفية في نفس الوقت في الموقع وأمام المشروع الزراعي التراثي .

بدايات التسويق  للمشروع

أوضحت  نور كيف بدأت بالتسويق لمشروعها ، في البداية، عبر وسائل التواصل الاجتماعي مثل وإنستغرام وفيس بوك وتيك توك وبفضل الله ،  بدأ الناس تتعرف على المنتج  وتزورها من جميع أنحاء الأردن، وحتى من خارج البلاد. وقد ساعدها  ذلك في بناء علاقة جيدة مع الزوار، الذين أصبحوا يشاركون تجاربهم معها عبر الإنترنت. كما قامت بالمشارك في بازار غلاريا مول وروابي فرح في العاصمة عمان ، وبذلك تمكنت  من الوصول إلى مزيد من الأشخاص وإلى الفئات المستهدفة من المجتمع لا سيما النساء

الأثر الاجتماعي

وأكدت نور الازايده   أن هذا المشروع له تأثير اجتماعي على سكان المنطقة بتوفير فرص عمل للأسر المنتجة وساهمت بعض النساء في قطاف أوراق الزعتر معها ،و أصبح لديها فريق من السيدات الأردنيات العاملات في المشروع، وقد ساهم المشروع في توفير  فرص عمل لعدد من الأسر المنتجة من سكان المنطقة  في مراح حمدة. بالإضافة إلى أنها عملت  على شراء  المنتجات المحلية مثل الزبدة واللبن من السيدات في المنطقة، وساعد هذا في دعم الاقتصاد المحلي. كذلك بدأت بتوفيرّ فرص عمل أيضًا لطلاب الجامعات، حيث يعملون معها بعد ساعات دراستهم. تعتقد أن المشروع خلق تأثيرًا إيجابيًا كبيرًا في المجتمع.

دعم المشاريع الصغيرة

ترى نور أنّ المشاريع الصغيرة التي تعتمد على الموارد المحلية تخلق فرص عمل للسيدات والشباب الطموح  الذين لديهم مشاريع صغيرة ويحتاجون  بحاجة إلى دعم أكبر من الجهات المعنيّة . وقالت :في الوقت الحالي،  ومع اقتراب فصل الشتاء ستكون هناك تحديات جديدة في المراح من حيث توفير مظلات واقية من المطر ومدافئ لرواد المراح .

وبينت أن  “مراح حمدة” رغم كل التحديات بسبب نقص التغطية المناسبة للزوار في الأيام الباردة. لذا، أتمنى  من الجهات المعنية أن  تقدم الدعم لمشروعي المتواضع تدعمنيّ في تجديد المكان وإعادة تصميمه ليكون متوائما مع فكرته التراثية  ليكون أكثر ملائمة للزوار في الشتاء. أعتقد أن هذا النوع من المشاريع يستحق الدعم لأنه يساهم في تمكين المجتمع المحلي وتوفير  مكان ترفيهي سياحي يخدم المنطقة ككل .

الخطط المستقبلية

أكدت نور أن هناك  العديد من الخطط المستقبلية. على سبيل المثال، في الربيع المقبل، ستبدأ  بزراعة الزعتر خارج البيوت البلاستيكية ، كما أنها تطمح  إلى إنتاج مجموعة متنوعة من المنتجات المستخلصة من الزعتر، مثل البهارات المُعاد تدويرها من أعواد الزعتر، لتوسيع نطاق المشروع.

رسالة شكر

في ختام حديثنا ؛ توجهت نور الأزايده  برسالة شكر  لفريق مسار الخير وفريق شبابنا عزوة معربة عن  تطلعاتها أن تحظى بالدعم لها في جميع مراحل المشروع المستقبلية مشيدة بكافة جهود الداعمات لها مثل الأستاذة جميلة الأسمر  الأزايده ،وكذلك الإعلام وخاصة قناة رؤية الأردنية والزملاء والزميلات الصحافيين الداعمين للمشروع ، وأثنت على  الذين كانوا دائمًا إلى جانبها في كل خطو ات المشروع مضيفة  بقولها :”أنني  لا أستطيع  أن أنسى تشجيعهم المستمر  لي ودعمهم الكبير. أنا فخورة جداً بما أنجزته حتى الآن، وأتمنى  أن يستمر المشروع في النمو والتوسع. باعتبار  “مراح حمدة”  ليس مجرد مكان لتناول الطعام أو شراء الزعتر، بل هو تجربة ثقافية وتراثية  تاريخية غنية بموارد وطننا الطبيعية وهو  يعكس تقاليدنا وأصالتنا العريقة .

كلمة أخيرة

أعتقد بإن نجاح المشروع جاء نتيجة تحفيز وتشجيعا  قيادة الوطن بتوجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني أطال الله عمره ومتابعات وحرص من جلالة الملكة رانيا العبدالله حفظها الله  التي دوما تحفز المراة الأردنية  وتدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة للسيدات الأردنيات  بكل مكان لتمكينهن في كافة محافظات المملكة  معربة عن تطلعاتها أن تتشرف بزيارة ملكية لمشروعها بمراح حمده وتفخر وتعتز بزيارة وتشجيع جلالة الملكة رانيا العبدالله  للاطلاع على المشروع عن قرب لافتة وأنها بكل فخر واعتزاز وشموخ بهذه المشروع الوطني الذي ساهم في توفير فرص عمل للسيدات من الأسر المنتجة بمأدبا وكذلك ساهم في دعم طلبة الجامعات القريبة التي أسهموا في المساهمة بقطاف الزعتر البلدي في منطقة المشروع ,لافتة أنه بفضل الله سبحانه  وتعالى والإيمان القوي  بالفكرة والعمل المستمر والإصرار على تحقيق الهدف الاسمى في تشغيل الشياب و دعم المرأة نجح المشروع بإذن الله في تحقيق أهدافه وان خططها المستقبلية ستعلن عنها لاحقا حول تطوير وتنمية المشروع  بإذن الله   .

#أنتهى#

By Sahar Hamza

أديبة وكاتبة قصص أطفال ومؤلفة كتب متنوعة بحثية ودراسية ذات موضوعات اجتماعية ومؤلفة سلسلة روايات حكايات امرأة صدر للكاتبة سحر حمزة خمسة دواوين شعر منها رسائل للقمر وصباح الخير يا وطن وقصائد للنساء فقط أوتار قلب وصباح الخير يا غزة وفازت روايتها سيدة الليلك كأفضل رواية صدرت عام 2009 حول المرأة ولديها كتب قيد الإصدار منها الرجل العجيب ودفن حيا وعلى أعتاب النهر الخالد

لقد فاتك قراءة