مسؤولون وخبراء: الشراكات الإقليمية والاستثمار المستدام هي المخرج الآمن أمام التحولات الاقتصادية العالمية

أكد عدد من كبار المسؤولين والخبراء في الاستثمار أن العالم يشهد مرحلة جديدة من التحولات الاقتصادية تتطلب نهجاً أكثر مرونة وابتكاراً في السياسات التنموية، وتركيزاً على الشراكات الإقليمية والاستثمار المستدام.
وأعتبر المتحدثون أن مستقبل الاقتصاد العالمي بات مرتبطاً بقدرة الدول على توظيف التقنيات الحديثة، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي، لبناء بيئات أعمال مرنة ومفتوحة، قادرة على تحويل التحديات إلى فرص، مشيرين إلى أن تعزيز الثقة، ووضوح التشريعات، وتكامل الجهود بين القطاعين العام والخاص، تعد ركائز أساسية لجذب الاستثمارات النوعية، وتحقيق الاستدامة في النمو الاقتصادي على المدى الطويل.

جاء ذلك خلال جلسة بعنوان “اقتصادات المستقبل: من المخاطرة إلى المرونة”، التي عُقدت ضمن فعاليات اليوم الأول من منتدى الشارقة للاستثمار في دورته الثامنة، في مركز الجواهر للمناسبات والمؤتمرات، بالتزامن مع “مؤتمر الاستثمار العالمي” ؛ وشارك في الجلسة كل من سعادة فهد القرقاوي، وكيل وزارة التجارة الخارجية الإماراتية، وسعادة زاهر القطارنة، الأمين العام لوزارة الاستثمار الأردنية، وتاليا مينولينا، المديرة التنفيذية لوكالة تطوير الاستثمار في تترستان، وأدارتها كورتني فنجر، المستشارة الأولى في الرابطة العالمية لوكالات ترويج الاستثمار (وايبا).

لا وصفة سحرية لتجاوز التحديات

وأوضح سعادة فهد القرقاوي أن التجارة والاستثمار يمثلان محورين متكاملين يتأثران معاً بالتغيرات والتحديات التي يشهدها العالم، مؤكداً أهمية التعاون بين الاقتصادات الإقليمية والعالمية لمواجهة حالة عدم اليقين. وأشار إلى أنه لا توجد وصفة سحرية لتجاوز التحديات، لكن المرونة وسهولة التنقل والتكيف مع المتغيرات هي السبيل لتحقيق التوازن. كما أوضح أن دولة الإمارات تعمل وفق نهج واضح يقوم على تقييم موقعها الحالي، وتحديد الأدوات والتسهيلات اللازمة للوصول إلى أفضل النتائج الممكنة، والتي تسهم في تعزيز نمو التجارة وتسهيل الاستثمار.

وأضاف سعادته أن من أبرز إنجازات الإمارات في هذا المجال توقيع 13 اتفاقية تجارة حرة وإجراء مفاوضات مع عدد من كبرى الاقتصادات في المشهد العالمي، مثل الهند وإندونيسيا وأستراليا، ما أتاح لمجتمع الأعمال فرصاً جديدة وشراكات مثمرة عززت تدفق الاستثمارات.

ولفت القرقاوي إلى أن مبادرة الإقامة الذهبية شكّلت خطوة محورية في جذب المستثمرين إلى الدولة، مؤكداً أن الاقتصاد القوي يقوم على الأنظمة السريعة والمرنة القادرة على التكيّف مع المتغيرات. واختتم بالتأكيد على أن الإمارات استثمرت خلال العقود الثلاثة الماضية بشكل كبير حتى في أوقات التحديات، ما عزّز مكانتها كوجهة استثمارية رائدة.

رؤية اقتصادية شاملة

بدوره، أوضح سعادة زاهر القطارنة أن الأردن تعامل مع التقلبات الاقتصادية العالمية بتحويل التحديات إلى فرص من خلال اتخاذ خطوات قوية لبناء الاستقرار المالي، وإطلاق رؤية اقتصادية شاملة مكّنت المملكة من وضع خطة لعشر سنوات قادمة. وأشار إلى أن الحكومة أقرّت قوانين واضحة وحازمة شملت مختلف القطاعات، وبدأت إصلاحات واسعة لضمان استمرارية واستدامة القطاع المالي، مع مواءمة التشريعات لتلبية تطلعات المستثمرين.

ولفت القطارنة إلى أن الأردن يرحب بالمستثمرين باعتبارهم عملاء ينبغي خدمتهم وتقديم الدعم اللازم لهم، موضحاً أن الإدماج الإقليمي يمثل عنصراً محورياً في تعزيز التعاون الاقتصادي بين الدول، وأن بناء الشراكات يُعدّ أساساً للنمو المستدام، وأن الأردن تبنى سياسة الانفتاح من خلال شبكة اتفاقيات تجارة حرة تغطي معظم مناطق العالم، ووفّر منصة تفاعلية تتيح للمستثمرين التواصل بسهولة، بحيث لا يكتفي باستقطاب المستثمرين فحسب، بل يحرص على متابعتهم لضمان نمو أعمالهم وازدهارها.

التفاعل مع المستثمر لتقييم احتياجاته

من جهتها، أوضحت تاليا مينولينا أن جمهورية تتارستان تتمتع بتنوع اقتصادي واسع واستقلالية في إدارة حقول النفط، حيث لا تعتمد بشكل رئيسي على عائداته، بل تعمل على استخراجه وتكريره وتحويله إلى منتجات كيميائية عالية القيمة. وأضافت أنهم يركزون على تطوير التقنيات الحديثة وتقديم الدعم للمستثمرين، مشيرة إلى أن التعامل مع حالة عدم اليقين يتطلب سرعة في الحصول على المعلومات والتواصل، والاستفادة من الأدوات التقنية التي تعزز القدرة على التنبؤ بشفافية ودقة أكبر.

وبيّنت تاليا أن تترستان تعتمد على البيانات ووسائل التواصل الحديثة للتفاعل مع رجال الأعمال وفهم توجهات المستثمرين، حتى من خلال مؤشرات بسيطة مثل التفاعل الإلكتروني على المنشورات، ما يساعد في اتخاذ قرارات واقعية ومدروسة.

يشار إلى المنتدى هذا العام انطلق تحت شعار “قيادة التحول العالمي: استثمار نحو مستقبل مرن ومستدام”، بمشاركة واسعة لتضم أكثر من 10 آلاف مشارك من 142 دولة، و 130 متحدثاً من الوزراء وصناع القرار وقادة المؤسسات العالمية، ضمن أكثر من 160 فعالية و120 اجتماع أعمال، لمناقشة التحولات الجيوسياسية والتكنولوجية والمناخية، ودور الاستثمار المستدام والتمويل الأخضر في تشكيل خريطة الاقتصاد العالمي خلال العقد المقبل.

-انتهى-

By Sahar Hamza

أديبة وكاتبة قصص أطفال ومؤلفة كتب متنوعة بحثية ودراسية ذات موضوعات اجتماعية ومؤلفة سلسلة روايات حكايات امرأة صدر للكاتبة سحر حمزة خمسة دواوين شعر منها رسائل للقمر وصباح الخير يا وطن وقصائد للنساء فقط أوتار قلب وصباح الخير يا غزة وفازت روايتها سيدة الليلك كأفضل رواية صدرت عام 2009 حول المرأة ولديها كتب قيد الإصدار منها الرجل العجيب ودفن حيا وعلى أعتاب النهر الخالد