د عبد العزيز المسلَّم: تراثنا المحلي في أيد أمينة و التراث الإماراتي يستنهض في أبنائه روح الأجداد في العزم والتصميم والتفوق خلال ندوة (تراث الإمارات في عيون أبنائها)  في أيام الشارقة التراثية

افتتح الشيخ هيثم بن صقر القاسمي، نائب رئيس مكتب سمو الحاكم بمدينة كلباء فعاليات الدورة 22 لأيام الشارقة التراثية في حي الحصن بمدينة كلباء، وجرى الافتتاح بحضور سعادة الدكتور عبد العزيز المسلم رئيس معهد الشارقة للتراث، والعديد من المسؤولين والزائرين والضيوف المهتمين بتراث وثقافة الإمارات وأهالي المدينة، وتستمر الفعاليات لغاية 16 من فبراير الحالي.

وتجول الشيخ هيثم بن صقر القاسمي نائب رئيس مكتب سمو الحاكم بكلباء في مرافق حي الحصن، واطلع على بعض المقتنيات القديمة التي شملت موجودات البيوت، والأجهزة القديمة كالراديو والتلفاز، كما اطلع سموه إلى شرح مصور عن بعض حرف الماضي كالبناء، والتعليم، وجوانب من حياة الناس قديماً في البر والبحر والنقل، وأسلوب الحياة السائد في الزمان الماضي، ثم سجل سموه كلمة في سجل الزائرين مثمناً جهودهم، ومباركاً لهم إنجازهم في تقديم التراث الإماراتي بصورة مشرفة.

واستقبل أهالي كلباء بفرح بالغ ضيوفهم بعشرات المشاركين من أعضاء الفرق الفنية وهم يقدمون فقراتهم من اللوحات الفنية الشعبية الإماراتية التي تضمنت فنون (العازي والرزيف وغيرهما) حيث قدموها بالأزياء الشعبية على وقع الطبول، وحركات العصي والسيوف، وقد صدحت حناجرهم بأهازيج حب الوطن، والفخر بقادته، وتغنت بتاريخ وقيم الآباء والأجداد والاعتزاز بما وصل إليه الوطن من مكانة ورفعة بجهود أبنائه وإخلاصهم في المحبة والانتماء.

وعبر سعادة الدكتور عبد العزيز المسلم رئيس معهد الشارقة للتراث عن فخره البالغ واعتزازه الكبير بترحيب أهالي كلباء بالمهرجان وضيوفه، مؤكداً “أن الفرحة تغمر الجميع في مدينة كلباء المعروفة بالأصالة والمحبة والكرم، ومنها نؤكد أن التراث في أيد أمينة ونحن نرى الغيورين وهم يتسابقون في الحفاظ عليه، والتمسك به، وتقديمه إلى العالم بأبهى صورة”.

وراوحت الفعاليات المقامة بين المشاركات الفنية للفرق الشعبية، وما تضمه من مباهج التراث الفني الإماراتي، كما أقيمت فعاليات تراثية خاصة بالأطفال، إضافة الى عدد من الورش التعليمية المقدمة بقالب ترفيهي، وكانت للسوق الشعبية اهتماماً كبيراً من قبل الجمهور وهم يتعرفون إلى طبيعة المهن التي عكست تمسك الإماراتي واعتزازه بأرضه، وصبره على تحقيق منجزاته الحالية، وعزمه على تحقيق المزيد انطلاقاً من مسيرته الحية وتراثه المتميز.

الفن الشعبي الخليجي يتألق على ساحات أيام الشارقة التراثية بفرق شعبية إماراتية سعودية تقدم فنون العازي والرزفة والعرضة النجدية والدوسرية

تواصل الفرق المحلية الخليجية تقديم فقراتها التراثية المنوعة على امتداد إقامة فعاليات أيام الشارقة التراثية، وهي تستعرض أنواعًا عدة من الأشعار والأهازيج والغناء الشعبي بمناسباته المختلفة مثل أفراح الزواج، وقدوم المواليد الجدد، وعودة الغائبين بالسلامة، إضافة إلى الأناشيد الحربية الحماسية التي تنسجم مع البيئات العربية القديمة، وتحكي بطولاتها، وشجاعة أبنائها، والانتصار في الحروب، وكرم وأصالة عشائرها العربية.

ورافق الأغاني والأهازيج الشعبية العديد من الأجواء التراثية الأخرى، لا سيما اللباس التراثي الشعبي بألوانه، وأنواعه، وملحقاته مثل: العصي والسيوف، وسائر ما يتزين به العربي في مناسباته وأعياده، بالإضافة إلى الأدوات التراثية الغنائية كالطبول والدفوف وغيرها من الآلات الوترية والإيقاعية الأخرى.

جمعة ناصر المزروعي، قائد فرقة المثايل الحربية الشعبية الإماراتية، التي يتألف أعضاؤها من 35 فنانًا، قدمت العديد من الفنون المحلية، كفن العازي الذي يستخدم عادة في المناسبات المختلفة، كالاحتفالات الرسمية والدينية، واستقبال الشخصيات ذات الشأن، إضافةً إلى كونه يسلط الضوء على قيم الكرم والوفاء والانتماء.

وحول معنى “العازي”، يضيف جمعة المزروعي: “العازي مشتق من العزوة، وهي المعروفة محليًا بمن يُستند عليه في أيام الشدائد، وهذا يعني أنه من أهل الفخر والعرفان والثبات عند الشدائد، إضافة إلى ما يتميز به من صفات النخوة والحمية”. كما أدت الفرقة فن “الرزفة الحربية” بمصاحبة السيوف والطبول وترديد الأشعار الحماسية التي تعزز قيم الشجاعة والفخر والثبات خلف قائد الفرقة.

ومن فرقة المثايل الإماراتية إلى فرقة السريّع للفنون الشعبية السعودية، التي يقودها سعود محمد الصليبي، وقد حدثنا عن أداء الفرقة قائلاً:”أجواء جميلة رافقت تقديم مجموعة من العرضات الاحتفالية السعودية الشهيرة، مثل العرضة النجدية، والعرضة الدوسرية، وفن السامري، والفن العاشوري. وقد جئنا للمشاركة بـ 18 عضوًا من أصل ما يزيد على 50 عضوًا قدموا للإمارات من المملكة”.

الحديث عن مشاركة الفرقة السعودية لم يخلُ من الحديث عن الإيقاعات التراثية المصاحبة لتقديم العرضات المذكورة، حيث تختص أدوات (طبل التخمير) و(طبل التثليث) بالعرضة النجدية، فيما تُستخدم (الطارات والمصكع والمرد) في العرضة الدوسرية، ولكل منها نغم خاص، وإيقاع مميز مصنوع من البيئة الطبيعية وجلود المواشي.

اللباس التراثي السعودي لفرقة السريّع أضاف المزيد من البهجة والجمال إلى الأداء، وهو زي عريق تشتهر به المملكة العربية السعودية، ويعرف بلباس الفرح، ويرتدى عادة بعد الانتصار في الحروب، وهو لباس يثير الهمة والعزائم، ويعكس قيم الهوية والأصالة، ويلبس مع العرضة النجدية، ويتألف من الصاية، والسيف، والمحزم، والخنجر.

#انتهى#

التراث الإماراتي يستنهض في أبنائه روح الأجداد في العزم والتصميم والتفوق خلال ندوة (تراث الإمارات في عيون أبنائها)  في أيام الشارقة التراثية

أكد باحثون ومتخصصون في شؤون التراث المحلي الإماراتي والخليجي أن التراث هو الذاكرة الحية لأي بلد، وأن الحفاظ عليه كموروث وطني يدعم بناء الهوية، ويواجه تغيرات المستقبل بكل ما فيه من تقلبات وأفكار، وهو الضمانة الحقيقية التي يتعلق بها الأبناء للثبات على المبادئ، والتمسك بالجذور، والحفاظ على القيم التي تشكل الأساس في البناء والنهوض الحضاري للأمم.

جاء ذلك خلال الندوة النقاشية التي أقيمت في البيت الغربي بمنطقة التراث ضمن أمسيات المقهى الثقافي لأيام الشارقة التراثية في دورتها الـ22، بتنظيم معهد الشارقة للتراث، تحت عنوان “تراث الإمارات في عيون أبنائها”، بحضور كل من: الباحثين الدكتور محمد يوسف، والدكتورة كريمة الشوملي، ومريم المزروعي، وصالحة غابش، وشيخة المطيري، وأدارت الندوة عائشة الحصان الشامسي، مدير مركز التراث العربي التابع لمعهد الشارقة للتراث، بحضور مجموعة من المهتمين بالتراث والضيوف والإعلاميين.

وقالت الفنانة التشكيلية الدكتورة كريمة الشوملي: “نقلت تأثير التراث الإماراتي الراسخ في الضمير إلى معظم أعمالي الفنية، وركزت على جانب تراثي مهم وهو الأزياء الشعبية للمرأة الإماراتية، حيث أدخلت لمسات حديثة فيه رغبةً مني في استدامة حضوره في حياتنا المعاصرة. وركزت في معظم أعمالي على أنواع الأقمشة والمنحوتات المعدنية التي كان التراث أبرز معالم تشكيلها، وتقديمها للجمهور في قالب جاذب حاز على جوائز وإشادات كثيرة.”

وقالت الباحثة صالحة غابش: “لا يمكن حصر التراث ضمن إطار زمني محدد، فهو ممتد مع تعاقب الأجيال، وفي كل مجتمع هناك من ينظر إلى التراث نظرة تقدير، ليضعه في مكانته اللائقة، بوصفه معلمًا من معالم الحاضر، ومصدر فخر، وحافزًا لمواصلة البناء والتطور”. ثم اختتمت حديثها بقراءة مقتطفات من أشعار الشاعر كريم معتوق، ومقاطع من روايتها “رائحة الزنجبيل”.

من جانبها، قالت الباحثة مريم المزروعي: “تعلقت بالتراث منذ الصغر، وكانت أستاذتي الأولى جدتي التي علمتني القصص التراثية وبعض المشغولات اليدوية. كما لعب بيت النشأة في منطقة (الختن) الواقعة بين أبوظبي والعين دورًا مهمًا في تعريفي بالتراث، إذ كانت تدور فيه قصص وأحاديث تراثية، في أجواء غرست فيّ التقاليد والقيم. وقد ظل حب التراث راسخًا في نفسي حتى بعد تخصصي الأكاديمي في علم الحياة، وسأواصل طريقي في دراسة التراث، وأطمح إلى تقديم عطاء يرتقي إلى الوفاء له.”

وقالت الباحثة شيخة المطيري: “نشأت كبقية فتيات الإمارات في بيئة محافظة تحترم العادات والتقاليد المحلية، وتكونت ثقافتي من المحيط من حولي بكل مكوناته وشخوصه من بيت ومدرسة ومجتمع. واستمر هذا الشغف بالتراث حتى أصبح جزءًا من عملي في مركز متخصص للمخطوطات، ثم في قسم الثقافة والتراث الوطني. ولا أزال أبحث وأدرس عن المخطوطات التي كتبها الإماراتيون، وأعمل حاليًا على ثلاث دراسات في هذا المجال.”

بدورها، تحدثت مديرة الحوار عائشة الحصان الشامسي عن بعض تجاربها المرتبطة بالتراث، ولا سيما تأثير الألعاب الشعبية في تكوين الشخصية، مبينة أن التراث هو المكون الأساسي للهوية، وأنه لا يمكن لأي شخص الانفصال عن إرثه الثقافي، حيث يبقى تأثيره حاضرًا في الشخصية، لكنه لا يظهر إلا إذا وُضع على المحك، وصقلته التجارب، ورسخت قيمه في السلوك والممارسات اليومية.

واختُتمت الندوة بكلمة للدكتور محمد يوسف، الذي تناول في ورقته البحثية موضوع “الفنون التراثية الإماراتية من الاستهلاك إلى المعاصرة”، متحدثًا عن تحول العناصر التراثية المادية، مثل البيوت القديمة، والأثاث، واللباس، ووسائل النقل، وأدوات الحرف والتعليم، من عناصر استهلاكية يومية إلى مقتنيات متحفية عصية على الزوال، حيث أصبحت جزءًا من الهوية البصرية والتراثية لدولة الإمارات، وتحولت إلى وسائل سرد معاصر تحكي قصص التراث بأسلوب مبتكر.

#انتهى#

انتهى