لقاء أديبات الإمارات حول ” نوافذ على الشعر الجاهلي”
ضمن اللقاء الشهري الفكري لأديبات الإمارات والذي ينظمه المكتب الثقافي بالمجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالشارقة بشكل دوري، استضاف المكتب الأديبة الناقدة والأستاذة الأكاديمية الدكتورة مريم الهاشمي في جلسة حوارية صباحية، وذلك بالمقهى الأدبي على كورنيش الشارقة،
شهدت اللقاء سعادة صالحة عبيد غابش رئيس المكتب الثقافي بالمجلس، وعدد من الأديبات الإماراتيات المهتمات بالشأن الأدبي عامة والأدب الإماراتي بوجه خاص، منهن الأديبات نجيبة الرفاعي، وأسماء الزرعوني، وفتحية النمر، ومريم الزرعوني، وعائشة عبدالله.
في كلمتها الترحيبية أكدت صالحة غابش على أهمية التركيز في اللقاء بالأديبات لتحفيزهن على العمل الأدبي وتطويره، وتشجيع المشاركات على انتاج المزيد من الأعمال الأدبية، وتفعيل دورهن في الساحة الأدبية الإماراتية، وأيضا تحقيق المزيد من التعاون بين الأديبات والمؤسسات الثقافية في الدولة، والتلاحم الشعبي والمجتمعي.
ضيفة اللقاء الأديبة الدكتورة مريم الهاشمي في مستهل حديثها وتحت عنوان (نوافذ على الأدب الجاهلي) تساءلت: كيف بدأ الشعر العربي؟ وركزت في حديثها على بداية الشعر من العصر الجاهلي، ومرحلة ما قبل الإسلام، حيث كان أهل شبه الجزيرة يعتمدون على الذاكرة في حفظ الشعر ولا يرون أنهم بحاجة للتدوين، وتناولت كيفية وصول الشعر والأدب الجاهلي وتصنيفه، والحركة النقدية، وألقت الضوء على النشاط الثقافي في سوق عكاظ، والمقولة المشهورة (الشعر ديوان العرب) وناقشت الأغراض الشعرية المتعدده والشعراء المعروفين بالأشكال الشعرية المختلفة؟
في العصر الجاهلي وما قبل الإسلام
وذكرت الدكتورة الهاشمي: بأن العلماء يرجعون اللغات السامية إلى الآرامية والكنعانية والعربية، فالآرامية أصل الكلدانية والآشورية السريالية، والكنعانية مصدر العبرانية والفينيقية، والعربية تشمل المضرية الفصحى ولهجات مختلفة تكلمتها قبائل اليمن والحبشة، والراجح أن العربية أقرب المصادر الثلاثة إلى اللغة الأم، وإنه من الطبيعي أن يكون اختلاف اللفظ في اللغة، لاختلاف اللهجات في الإبدال والإعلال والبناء والإعراب وهنات المنطق كمحمحة قضاعة، وطمطمانية حُمير، ولغات العرب على تعددها واختلافها إنما ترجع إلى لغتين أصليتين: لغة الشمال ولغة الجنوب، وبين اللغتين بون بعيد في الإعراب والضمائر وأحوال الاشتقاق والتصريف، حتى قال عمرو بن العلاء: “مالسان حُمير بلساننا ولا لغتهم بلغتنا.
وأضافت: كان العرب يقيمون الأسواق في أشهر السنة للبياعة، فتدعوهم الطبيعة إلى المقارضة بالقول، والمفاوضة بالرأي، والمبادلة بالشعر، والمباهاة بالفصاحة، والمفاخرة بالمحامد، وشرف الأصل، وأشهر هذه الأسواق (سوق عكاظ ، وسوق مجنة وذو المجاز)، وأولاهن أشهر فضلاً وأكثر أثراً في تهذيب العربية.
وقالت: وصلنا الشعر الجاهلي ناضجاً، وهذا دليل على أنها كانت هناك محاولات وتجارب سابقة، ولكنها ضاعت مع ما ضاع من الأدب القديم، وهذا يذهب بنا إلى سؤال: متى بدأ الشعر؟
ولكن وقف البحث عندما وصلنا على أنه شعر جاهلي، ومن هؤلاء الباحثين هو ابن سلام الجمحي الذي قال في طبقات الشعراء أن أول من قال الشعر وقصد القصائد هو المهلهل، وسمي مهلهلا لهلهلة شعره كهلهلة الثوب أي اضطرابه واختلافه.
ورأي ابن سلام قريب من رأي الجاحظ الذي قال: وأما الشعر فحديث الميلاد، صغير السن، وأول من نهج سبيله وكسر الطريق إليه امرؤ القيس ومهلهل.
وإذا تصورنا أن الشعر الجاهلي قد مر بأطوار شتى حتى صار إلى الصورة الناضجة التي بين أيدينا، فليس من المستبعد تصور حركة نقدية أولية واكبته وساعدته على الرقي والارتقاء، كما وصلنا من التاريخ حول سوق عكاظ، وخيمة نابغة الذبياني.
وأوضحت الباحثة بأنه يمكن القول أن أول ناقد للشاعر الجاهلي (القديم) هو نفسه، حيث كانوا يوجهون بعضهم بعضا، وينقدون بعضهم، أي أنه نقد ذاتي تأثري، ويعتمد على السليقة والفطرة، والتمكن اللغوي، والمعتمد على الاناة والرؤية.
ومثال: مارواه أبو عمر عن المسيب ابن غكس: البعد أنشد ألا أنعم صباحا أيها الربع واسلم.. ورأي الرافعي إلى أن الشعر العربي بدأ حداء، والحداء عبارة عن جمل موزونة كإراحة الإبل في مسيرتها، وثم بدأ في جمل قصيرة ذات وزن لتهدئة الأطفال ومن ثم تعليمهم.
وأول من قال شعراً مطولاً هو المهلهل، وهو خال امرؤ القيس .. وقيل أنه قال شعرا في 30 بيتاً، وكتبها في رثاء أخيه كليب الذي قتل على يد الجساس.
وأوضحت الدكتورة مريم الهاشمي: لايمكن أن يكون الحديث عن الشعر الجاهلي ولا نتوقف عند الكتاب الذي أحدث ضجة في العالمين العربي والإسلامي، وهو كتاب في الشعر الجاهلي ل”عميد الأدب العربي طه حسين” والذي أثار فيه الكثير من تساؤلات الباحث حول حقيقة وجود الشعر الجاهلي، وهل فعلاً ينتمي إلى حقبة ماقبل الإسلام مستنداً على عدة نظريات منها مرحلة التدوين، وأسلوب الشعر وغيرها من الدلالات.