أمسية عن الشاعر الراحل سلطان العويس بمناسبة مرور مائة عام على وفاته
نظمت ندوة الثقافة والعلوم في ملتقاها الشهري للشعر العربي أمسية عن الشاعر الراحل سلطان بن علي العويس بمناسبة اعتماد اليونسكو عام 2025 للاحتفال بالذكرى المئوية لمولده، حضر الأمسية معالي محمد المر رئيس مجلس أمناء مكتبة محمد بن راشد، ومعالي عبدالغفار حسين ود. رفيعة غباش ود. حصة لوتاه، وعلي عبيد الهاملي نائب رئيس مجلس الإدارة ود. صلاح القاسم المدير الإداري للندوة وجمال الخياط المدير المالي، وإبراهيم الهاشمي المدير التنفيذي لمؤسسة سلطان العويس والشاعر محمود نور وجمع من المهتمين.
وأدار الجلسة بلال البدور الذي تساءل متى سيتم التعريف بأدباء ومفكري الإمارات على مستوى الساحة العالمية، هناك أعلام ولكن لم يتحقق لهم إعلام للإبراز والظهور، ولذا تتناول الجلسة سيرة المرحوم سلطان بن علي العويس الذي كانت يده الكريمة ضمن تأسيس الندوة، وكذلك جائزة العويس للإبداع وهي من أنشطة الندوة التي تبرع المرحوم سلطان العويس بها لدعم المبدعين والفنانين.
وأضاف البدور في نهاية عام 2023 اعتمد برنامج جائزة “ندوة الثقافة والعلوم للشعر العربي الفصيح” على أن يطلق على كل دورة اسم شاعر من شعراء الإمارات، وأطلق اسم سلطان العويس على الدورة الأولى والتي تحكم في الفترة الحالية وسيكون شهر إبريل موعداً للاحتفال بالفائزين في الدورة من تكريم شعراء وندوات حول سلطان العويس.
وأشار البدور أن هناك بعض من قصائد العويس مغناة منها قصيدة للمطربة لطيفة والمبدع وديع الصافي وأحمد السنباطي وغيرهم.
وتابع البدور في نهاية عام 2023 جاء خبر موافقة اليونسكو باعتبار عام 2025 عام سلطان العويس وهو خبر مشرف ومفرح ونأمل أن يحظى كثير من أبناء الإمارات بهذا التكريم، وهناك جهود وراء هذا القرار الذي بني على ما قدمته دولة الإمارات وقد أعدت مؤسسة سلطان العويس ووزارة الثقافة والشباب الملف الخاص بالمكرم.
وذكر إبراهيم الهاشمي المدير التنفيذي لمؤسس سلطان بن علي العويس أنه في شهر يونيو 2023 حدث توافق بين مؤسسة سلطان العويس واللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم التابعة لوزارة الثقافة لإعداد ملف متكامل عن سلطان العويس بجميع الأنشطة المزمع عقدها والسيرة الذاتية للشاعر وما قدمه للثقافة وقد كانت اللجنة في غاية التعاون وبذلت كثير من الجهود الدولية لاستقطاب الموافقات والقبول، وقدم في الملف أن هناك جائزتين للعويس أحدهما في مؤسسة العويس والثانية في ندوة الثقافة والعلوم وسيكون عام 2025 زاخر بالأنشطة منها تنظيم ندوة عن المرحوم العويس في مركز العالم العربي بباريس وإصدار طابع بريدي لسلطان العويس وفي الطريق لأخذ موافق إصدار عملة تذكارية، فسلطان العويس لا يمثل المؤسسة وإنما هو علم من أعلام الإمارات ورمز ثقافي يحتفى به.
وأشار الهاشمي أن الاحتفال عام 2025 سيتضمن إصدارات جديدة وإعادة نشر إصدارات نفذت منها أو مجموعة صدرت لشعر سلطان العويس والتي أعدها حمد خليفة بوشهاب عام 1978.
وألقى معالي عبدالغفار حسين الضوء على فكرة تأسيس جائزة سلطان العويس باعتباره أحد المشاركين في تنظيمها، وأشار إلى أن الفكرة عرضت على كثير من التاجر إلا أن أحداً لم يتقبلها ويتحمس لها سوى سلطان العويس والذي بادر بوضع كل المخصصات لإنجاحها.
وتطرق عبدالغفار حسين إلى علاقته بسلطان العويس والتي تعود إلى ستينيات القرن الماضي كان وقتها صديقاً لشقيقه أحمد بن علي العويس الذي كان شاعراً ويراسل الكثير من المجلات، وكثيراً ما كان يمر عليه في محله وتعرف هناك على سلطان الذي كان عائداً وقتها من الهند التي كان يقيم فيها، وقد عاد بعد وفاة والده وتسلمه الكثير من الأعمال منها بنك دبي الوطني عام 1963 تقريباً.
وأكد عبد الغفار أن سلطان العويس شخصية متعددة المواهب، كان تاجراً ولكن تجارته لم تتغلب عليه، ولكن تغلب عليه الأدب، وقد كان أول من كتب عن سلطان العويس محلياً في مجلة المجمع الثقافي، وكان مقال بعنوان “سلطان العويس الذي شغله الأدب عن التجارة”، وذكر إهداء العويس له أول ديوان شعري أصدره والذي كتب فيه “يا معجباً بقصيدي وناشراً منه ذكري إليك أهدي امتناني.. فهاك ديوان شعري”، وتعمقت علاقته بسلطان العويس حتى وفاته رحمه الله، وذكر عبدالغفار أنه أصدر كتابين عن سلطان العويس أحدهما عن الصورة الإبداعية في شعر سلطان العويس والآخر عن جائزة العويس.
وقرأ عبدالغفار حسين نماذج من شعر سلطان العويس ومنها قوله:
لا فرق عندي بين الحرية والحب
إنهما لا ينفصلان
كلاهما في الصميم من كيان الإنسان
وأخرى يقول فيها:
تغلغل العب حتى صار لي نفساً
أحيا به نغماً في موكب العمر
وتحدث معالي محمد المر رئيس مجلس أمناء مكتبة محمد بن راشد عن سلطان العويس قائلاً بأنه رغم كونه من أكبر رجال الأعمال إلا أنه كان شديد التواضع في حياته كلها، أشبه ما يكون بالمتقشف، فقد أحب الأدب والقراءة والثقافة والشعر، فلم يكن مهتماً بالتحدث في الأموال والبورصة والأسهم قدر حبه الحديث عن الأدب والشعر، رغم كونه من أذكى وأنجح رجال الأعمال.
وأكد المر أن ميل سلطان العويس الأساسي كان الأدب والفكر، وكان يأنس لمجالسة الشعراء ورفقة الأدباء في الإمارات والشام ومصر وكل مكان يذهب إليه، وأيضاً في مجلسه في دبي أو الشارقة وكان يرافقه أصدقائه من التجار والأدباء والنقاد والإعلاميين، فكل من يزور الإمارات منهم لابد أن يمر على مجلس سلطان العويس ومنهم الشاعر اللبناني فؤادي الخشن والناقد أحمد أبو سعد وغيرهم.
وأضاف المر أن العويس مثقفاً عمل بالتجارة بحكم عائلته التي تعتبر من أبرز التجار، وقد استخدم العويس الأموال لدعم الثقافة في الإمارات ففي البدايات دعم التعليم وبعد تطور الدولة بحث عن مشروع ثقافي يعتبر امتداد لشغفه وحبه للأدب، وعندما طرح الفكرة علينا كمجموعة من الأصدقاء فنشأت فكرة عمل مؤسستين وهما مؤسسة سلطان العويس والتي تمنح الجائزة الأدبية الهامة التي تعتبر من أبرز الجوائز الأدبية في العالم العربي، والمؤسسة الثانية ندوة الثقافة والعلوم والذي يعتبر من أكبر مؤسسيها ومؤسس جائزة العويس فيها، والندوة كان الداعم الأساسي والموجه الأكبر لأنشطتها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم.
وأشار معالي محمد المر أن سلطان العويس أبعد نفسه عن الجائزة حتى لا يؤخذ عليه إنشاءها بغرض الشهرة أو لأسباب شخصية، فخصص للجائزة مجلس إدارة وتعامل معها بشكل مؤسسي وخصص لها وقف استثماري للصرف الدائم عليها، وأبعد نفسه عن كل أشطتها من تحكيم بحيث يكون للمؤسسة استقلاليتها ونزاهتها، وسيذكر التاريخ أن سلطان العويس هو رائد الوقف الثقافي في الإمارات.
ووصف الإعلامي محمود علياء والذي كان مقرباً من الشاعر الراحل سلطان العويس بأن الشاعر كان سريع البديهة والتواضع وكان رائداً في الحق والخير والجمال، ذو فراسة لا تخطئ ومحب للناس وكان يستقبل الجميع بمودة لا تشوبها شائبة.
وأكد أن العويس كان يتنكر لمن يتصنع أو يدعي العلم والثقافة وكان دائماً ينادي بالقراءة والبحث والمعرفة، ولذلك كان شاعر الحق والحقيقة وخير قصيدة له قصيدته في بيروت وقصائده في الكويت وغيرها من الدول العربية، وكانت همومه العربية وآفاقه العربية تتجلى في قصائده ومنها قوله:
“بيروتُ” يا جنةَ الخِلاَّن كيف لنا
أن نَثنيَ الدمعَ من أن يملأَ الحَدقا
والحب يطعن في الوادي ومُدْيتُه
الأقربون.. وكلٌّ يدّعي الخُلقا!
عودي ربيعاً كما قد كنتِ وارفةً
وانسي الشتاء الذي قد أسقط الورقا
وأضاف محمود علياء أن سلطان العويس كان هو نفسه في كل مكان داخل الإمارات أو خارجها، سلطان الذي يجمع بين الشيخ صقر القاسمي ومدرسته الشعرية والأدبية التي ينتميا فيها معاً إلى مدرسة الحيرة، وبين المرحوم خلفان مصبح، وكان يقول إنه ينتمي للمدرسة الأندلسية ويفخر بشعر ابن زيدون وابن هانئ والموشحات لما تتسم به من رقة في المشاعر وروعة الصورة.
وعندما سألته ذات مرة أنت تلميذ من؟ أجاب أنا تلميذ المجالس الثقافية وليس لأحد فضل علي فمجالسنا هي مدارسنا منها استقيت كل الروافد وأعطيت من روافدها، ولا يمكن إنكار المجالس ولا الكتب.
واستذكر الشاعر محمود نور الذي كان مقرباً من المرحوم سلطان العويس إنشاء جائزة سلطان العويس للإبداع وألقى قصيدة وقتها قال فيها:
للدهر في فعل الرجال رجاء
يبقى به ما دام فيه بقاء
والمجد صعب في المنال
وإنما ترجوه نفس حرة علياء
وطرحت د. حصة لوتاه تساءل لماذا لا يكون هناك تعاون بين مؤسسة سلطان العويس ووزارة التربية والتعليم لإصدار كتيب مبسط للأطفال للتعريف بسلطان العويس وأعلام الإمارات بشكل عام، حتى يتعرف الجيل الجديد عن أدباء وأعلام الدولة، ويتعرفوا إلى أرثهم الثقافي المليء بالشخصيات المهمة التي تشكل إضافة وتعزز الانتماء والفخر.
وشكرت د. رفيعة غباش الجهود المبذولة من المؤسسات الثقافية للتعريف بأعلام الإمارات والذي يعني الكثير للجيل الصغير، بأن هناك شخصية إماراتية وصلت للعالمية، وقد سبق في العام الماضي احتفال موقع جوجل بشخصية الشاعرة الإماراتية عوشة بنت خليفة، وهذا ما يؤكد أهمية عقد لقاءات للوقوف على كيفية إعادة جزء من اهتمام الشباب برموز دولتهم.