التركيز على الجانب الإبداعي لدى المرأة الإماراتية المثقفة، وإثراء الساحة الأدبية بالتجارب الجديدة القيمة
تحت رعاية قرينة صاحب السمو حاكم الشارقة سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي رئيس المجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالشارقة انطلقت فعاليات الدورة الثامنة من ملتقى أديبات الإمارات الذي ينظمه المكتب الثقافي والإعلامي بالمجلس الأعلى لشؤون الأسرة، من 19 إلى 21 سبتمبر الجاري، بمشاركة أكثر من عشرين أديبة وشاعرة إماراتية، ويتضمن الملتقى الذي يعقد على مدار ثلاثة أيام جلسات وندوات ثقافية تسلط الضوء على قضايا مهمة خاصة فيما يتعلق بالانتاج الأدبي للمرأة الإماراتية.
وانطلقت فعاليات اليوم الأول من الملتقى في نادي سيدات الشارقة بحضور عدد من المسؤولين والمهتمين بالشأن الأدبي والثقافي بالدولة، وقالت صالحة عبيد غابش رئيس المكتب الثقافي والإعلامي في كلمتها:
“لابد وأن نسلط الضوء أولاً على جانب مهم تصلنا بخصوصه العديد من الملاحظات، وهو تكرار الأسماء الأدبية، ولابد وأن أوضح أن هذا هو واقع نعيشه بالفعل، خاصة أننا نلاحظ أن الأديب في السابق كان يذهب بفسه للمكان الذي من المفترض أن يحتضن ابداعه، أما اليوم فنجد أن هذا المكان هو من يطارد الأديب ويبحث عنه، فنحن اليوم أمام تحديات كبيرة، ونبذل في الواقع مجهوداً كبيراً لاستقطاب أقلام جديدة ولكسب ثقة الأقلام الموجودة بالفعل، ونعمل اليوم جاهدين لإعادة تفعيل دور ونشاط رابطة أديبات الإمارات، لهذا نحاول ألا تتكرر الوجوه والأسماء في فعالياتنا الأدبية، ونتواصل مع الأفراد والمؤسسات لجذب المواهب الجديدة وننظم الورش التدريبية التي تهدف لاكتشاف المواهب، ولكن علينا أن نواجه حقيقة وجود توجهات جديدة لدى الكتّاب اليوم من خلال الاستفادة من التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي، في نشر كتاباته ويصبح له متابعون، ورغم هذا نسعى نحن للوصول للمواهب الجادة والذين لديهم هم حقيقي للابداع، ونكتشفها وندعمها، ونحرص على إدخال أصوات جديدة في فعالياتنا كل عام.”
كما ألقت عائشة عثمان كلمة الملتقى، حيث قالت:
لطالما دأب الملتقى من خلال دوراته السابقة ودورته الحالية ..على إيجاد مساحة للإبداع، وبيئة خصبة لتبادل الخبرات الأدبية بين الأجيال المختلفة..
مع التركيز على الجانب الإبداعي لدى المرأة الإماراتية المثقفة، وإثراء الساحة الأدبية بالتجارب الجديدة القيمة، بالإضافة إلى تبني المواهب الشابة، من خلال الندوات الأدبية وجلسات الحوار المختصة والأمسيات الشعرية، والورش التفاعلية في مجال الأدب والثقافة، التي تستقطب عدداً من الخبرات الأدبية.
سيتطرق الملتقى في دورتنا هذه إلى عدد من المواضيع الهامة، التي ستسلط الضوء على تجربة الرواية الأولى، وستناقش من خلال الجلسات الحوارية، السؤال الأهم: لماذا نكتب أدباً؟
وسنتعرف بشكل أقرب على ملامح الرؤية المستقبلية لواقع تجربة الأديبة الإماراتية.
وللشاعرية والقصيدة والشعر نصيب وافر من خلال الأمسيات الشعرية والقراءات الأدبية التي ستبحر بقوافيها بدءأً من شواطئ الشارقة، مروراً بإمارة أبوظبي، لتحط بنا على ضفاف الفجيرة.
ولا يمكن أن يغفل الملتقى عن دوره في صقل إبداعات المواهب الجديدة لدى الشباب حيث خصصت لهن ورشة عملية… تضيء سراج الإبداع للتجارب الطموحة في مجالات الأدب.
علماً بأننا سنستأنف في العام القادم – إن شاء الله- فكرة تخصيص موضوع للملتقى، يناقش من خلاله إحدى مجالات الأدب سواء كان في مجال القصة أم الرواية أو المسرح أو النقد الأدبي أو الصحافة الثقافية، وذلك للوقوف على أبرز المحاور ومناقشة جوانبها لتحقيق كل ما من شأنه تطوير العملية الثقافية الأدبية.
وبدأت فعاليات الملتقى ب ندوة (الروائيات وذاكرة الرواية الأولى)، وأدارت الحوار الأستاذة نجيبة الرفاعي، وشاركت فيها الأديبات: أسماء الزرعوني، فتحية النمر، عائشة عبد الله، صالحة عبيد حسن.
وبدأت نجيبة الرفاعي الجلسة قائلة:
“أصبح الملتقى اليوم بمثابة المنبر الذي تنطلق منه أصوات الأديبات المشاركات، ولا يمكن لأي كاتب أن ينسى أثر الإصدار الأول له في عالم الأدب، فهو بمثابة الحب الأول الذي يترك أثراً عميقاً لا يمحى. وبدأت أسماء الزرعوني الحديث عن إصدارها الأول حيث قالت:
“الاصدار الأول لي كان قصة للأطفال في العام 1992، ولكن أول رواية صدرت لي كانت في العام 2004، “الجسد الراحل” وكانت عن قصة واقعية تتحدث عن غربة الانسان عن وطنه أهله، وهنا لا بد وأن أشكر صاحبة السمو الشيخة جواهر القاسمي التي دعمتنا وشجعتنا لنشر وتقديم انتاجنا الأدبي، فقد كنا نعيش في فترة مغلقة ولم تكن لدينا الجرأة لنشر قصة تحمل اسمنا، ولكن سموها قدمت لنا كل الدعم والتشجيع، ولابد وأن أتذكر كذلك تجربة الرواية الأولى المترجمة لي، وهي رواية “لا تقتلني مرتين” والتي ترجمها الكاتب السعودي د.عبد الله الطيب، والتي شعرت أنها فرصة لمد جسور الثقافة بيننا وبين الغرب، وفرصة للتعريف بالأدب الإماراتي والأقلام الإماراتية.”
وتحدثت فتحية النمر عن خصوصية تجربتها الأدبية، حيث بدأت الكتابة وهي في العقد الرابع من عمرها، في العام 2008، وصدرت روايتها الأولى “السقوط إلى أعلى” في العام 2010، ورغم هذا كان انتاجها غزيراً، وذلك بسبب شغفها بالكتابة وحرصها على القراءة وذلك منذ الصغر وتفرغها اليوم للانتاج الأدبي، فهي تخصص من ثلاث إلى أربع ساعات يومياً للكتابة. وعن هذا قالت موضحة:
“بعد صدور الطبعة الأولى من كتابي، قمت بنفسي وفي الطبعة الثانية بتقوية كافة جوانب الضعف فيه، وعرفت بعد انضمامي لاتحاد كتاب وأدباء الإمارات بكثرة الأسئلة وحرصي على معرفة كل التفاصيل فدقة ملاحظتي تساعدني على توليد أفكار جديدة لرواياتي، فبمجرد الانتهاء من رواية، تكون فكرة الرواية التالية تختمر في ذهني”.
وتحدثت عائشة عبد الرحمن، عن صدفة صدور قصتها الأولى المخصصة للأطفال، حيث قالت:
“لم أنجح حتى اليوم في استكمال روايتين لي، ربما لأن للرواية خصوصيتها وتفردها، فهي تحتاج لتفرغ تام، ولايمكننا أن أنسى كيف صدرت لي قصتي الأولى المخصصة للأطفال، فقد كتبت قصصاً لأطفال وتركتها مخبأة بين الأوراق، ولكن أختي أخذتها ورسمتها وتقدمت بها بمسابقة في جمعية المعلمين، وفوجئت بفوزي في المركز الثاني، وطبعت لي الجمعية قصة “الزهرة الأنانية”، وذلك في العام 1999.
وأكدت عائشة عبد الله على أن الأدب الإماراتي في تطور مستمر، والكتّاب اليوم حريصون على العمق والابداع في كل ما يقدمونه من أعمال، وإن كنت أرى أن الأقلام الشابة تحتاج للمزيد من العمق الأدبي والابتعاد عن السطحية في الطرح.
وتحدثت صالحة عبيد حسن عن إصدارها الأول وكان مجموعة قصصية بعنوان “زهايمر”، وأكدت أنها ومنذ اصدارها الأول حريصة على عدم الارتباط لا بالأسماء ولا بالأماكن التي تتغير باستمرار، والثبات هو للفكرة العميقة التي تترك أثراً، وأكدت محاولاتها الدائمة للتقليل من الفجوة بين الأجيال مؤكدة أن التقارب الانساني ممكن ومتاح ومثمر مهما اختلفت الظروف والأعمار والأجيال. وأكدت صالحة على أهمية القراءة، فالكتاب هو فعلاً الصديق المخلص الذي لا يترك مجالاً للوحدة أو الضيق أو الملل.
وتم في نهاية الجلسة فتح باب الحوار بين الأديبات والحضور المهتم بالشأن الثقافي، وأكدت صالحة عبيد حسن على أن القراءة تتيح لنا أن نعيش عدة مرات ونطلع ونحن في أماكننا على عدة ثقافات ومجتمعات، وأكدت أسماء الزرعوني أن الأدب ينبغي ان يحمل قضية ما وهماً ما ليكون له أثر ومكانة وعمق، وأكدت عائشة عبد الرحمن على أن الأدب هو الجمع بين الواقع والخيال ومشاركة الكاتب في تجربته الثرية، وأكدت فتحية النمر على أن الأدب فرصة للوصول للعقول والأرواح والقلوب.