كشفت المخرجة بيبا إرليش والمصور السينمائي روجر هوروكس، خلال مشاركتهما في المهرجان الدولي للتصوير “اكسبوجر 2025″، عن كواليس صناعة فيلم “معلمي الأخطبوط”، الحائز على جائزة الأوسكار، والذي استطاع أن يغير نظرة العالم إلى الحياة البحرية ويعيد تعريف أساليب صناعة الأفلام الوثائقية.

وأوضحا أن الفيلم لم يكن نتيجة خطة إنتاج واضحة أو عرض تقديمي رسمي، بل وُلد من تجربة شخصية خاضها صانع الأفلام كريغ فوستر في غابات الأعشاب البحرية بجنوب إفريقيا، وقالت إرليش: “لقد بدأنا ببساطة في التصوير، وما شاهدتموه على نتفليكس عام 2020 لم يكن جزءًا من رؤية كبرى، بل ثمرة ما صنعناه بعفوية”.

أسلوب تصوير غير تقليدي
وحول الأسلوب البصري للفيلم، أوضح هوروكس أن التصوير اعتمد على دمج تقنيات مختلفة، قائلاً: “كان علينا تطوير لغة بصرية تجعل المشاهد يشعر وكأنه يغوص مع كريغ، فدمجنا بين أسلوب التصوير الكلاسيكي للطبيعة، كما في سلسلة “كوكب الأرض”، ونهج فوستر القريب بالفطرة من الصحافة المرئية”.
وأضاف أن الفريق استخدم 18 كاميرا مختلفة، لتوثيق المشاهد من زوايا متنوعة، بدءًا من اللقطات الواسعة التي تستعرض البيئة البحرية، وصولًا إلى المشاهد القريبة التي تكشف أدق التفاصيل، مشيرًا إلى أن كريغ فوستر كان يوميًا يصوّر باستخدام كاميرا صغيرة، ما أتاح له تسجيل لحظات عاطفية مجردة ساهمت في بناء الارتباط العاطفي مع الجمهور.
بطلة غير متوقعة
وتحدثت إرليش عن الدور المحوري الذي لعبه الأخطبوط في القصة، موضحة أن هذا الكائن يحمل تناقضًا مذهلًا بين الذكاء الفائق والهشاشة. وقالت: “الأخطبوط كائن فضولي وحذر في الوقت ذاته، وما وثقناه في الفيلم لم يكن مجرد سلوك حيواني، بل علاقة حقيقية تشكلت بينه وبين فوستر”.
وأضاف هوروكس: “المشاهد لم يكن يتابع فقط حياة كائن بحري، بل كان يرى انعكاسًا لرحلة كريغ العاطفية. كل لحظة توتر، وكل مواجهة، كانت تعكس حالته النفسية”.

رحلة صعبة نحو النجاح
وكشفت إرليش عن التحديات التي واجهت الفيلم في البداية، مشيرة إلى أن جميع المنصات الكبرى، بما في ذلك نتفليكس وأمازون وناشيونال جيوغرافيك، رفضت عرضه. وقالت: “كنا نعلم أن لدينا شيئًا مميزًا، لكن كان هناك عنصر مفقود”.
وأضافت أن نقطة التحوّل جاءت عندما اقترح المنتج جيمس ريد أن يروي فوستر قصته بنفسه أمام الكاميرا. وأوضحت: “في البداية، لم يكن كريغ مرتاحًا لفكرة الظهور، لكنه عندما تحدث من القلب، بدأ كل شيء بالوضوح”.
وحول التفاعل مع الفيلم، قال هوروكس إن النجاح فاق كل التوقعات، مشيرًا إلى أن الفيلم تلقى إشادات واسعة من شخصيات بارزة مثل جين غودال وجورج مونبيو، كما انهالت على الفريق آلاف الرسائل. وأضاف: “كنا نتلقى بريدًا إلكترونيًا كل ثلاث ثوانٍ، مما عطل موقعنا الإلكتروني، فلم نكن مستعدين لهذا التفاعل الهائل”.
وتحدثت إرليش عن لحظة الإعلان عن فوز الفيلم بجائزة الأوسكار، قائلة: “لم يكن أحد يتوقع ذلك، لقد كان إنجازًا غير مسبوق لفيلم وثائقي بحري”.
إرث الفيلم والمستقبل
وحول تأثير الفيلم بعد عرضه، أوضحت إرليش أن النجاح لم يقتصر على الجوائز، بل امتد ليشمل التوعية البيئية. وقالت: “اليوم، أصبح مصطلح (غابة البحر الإفريقية العظيمة) معروفًا عالميًا، وبدأت منظمات كبرى مثل ناشيونال جيوغرافيك وبلومبيرغ تتحدث عن أهمية هذه البيئات البحرية”.
وأضافت أن فوستر أسس “مشروع التغيير البحري”، وهو مبادرة تهدف إلى الحفاظ على غابات الأعشاب البحرية وزيادة الوعي البيئي حولها.
وفي ختام حديثها، وجّهت إرليش رسالة لصنّاع الأفلام، قائلة: “أفضل ما يمكن أن يفعله أي مخرج هو أن يروي قصة من قلبه. عندما تفعل ذلك، ستجد أن كل شيء آخر سيتواصل”.

اكسبوجر 2025: احتفاء بالإبداع البصري
يواصل مهرجان اكسبوجر 2025 استقطاب نخبة المصورين والفنانين من جميع أنحاء العالم إلى الشارقة، مانحًا الجمهور فرصة نادرة لاستكشاف تجارب إبداعية ملهمة. الحدث الذي يستمر لسبعة أيام مفتوح مجانًا للزوار من جميع الأعمار، ويقام في الجادة حتى 26 فبراير، ولمزيد من التفاصيل، يمكن زيارة: www.xposure.net.
-انتهى-