عقد مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي في مقر ضيوفه صباح أمس، لقاء تعارفياً لمخرجي العروض المشاركة في دورته الثامنة التي انطلقت فعالياتها في منطقة الكهيف مساء الجمعة الثالث عشر من ديسمبر الجاري، وتستمر حتى السابع عشر منه، وذلك في حضور أحمد بورحيمة مدير إدارة المسرح مدير المهرجان.
وتحدث في مستهل اللقاء حافظ خليفة مخرج العرض التونسي «قصر الثرى» موجهاً التحية إلى الشارقة لرعايتها ودعمها المسرح العربي، وتأسيسها مهرجان المسرح الصحراوي الذي يمثل نافذة للبحث والاشتغال مسرحياً في القصص والملاحم والسير البدوية العربية، وقال إن المهرجان يمثل فرصة للتعامل مع حدود جديدة وغير مألوفة في تأليف وتمثيل العروض المسرحية، ليس فقط لأن تلك العروض تقدم في فضاء مفتوح لا يشبه «العلبة الإيطالية»، لكن أيضاً لأن على تلك العروض أن تنهل موضوعاتها وأشكالها من بيئاتها الصحراوية.
استلهام
وذكر المخرج التونسي أن المدى الواسع لفضاء المسرح الصحراوي، يستلزم الاشتغال بتقنية «التقطيع السينمائي» في تركيب المشاهد، واستعراضها بالتعاقب، حتى يخرج العمل بإيقاع حيوي، وفي صورة جاذبة. وأكد خليفة أن تأسيس مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي جاء «في وقت بتنا نشعر فيه بغربة حين نشاهد بعض العروض العربية، فهي تبدو منفصلة عنا بمضامينها وبأشكالها ورؤاها»، مشيراً إلى أنه استلهم فكرة الشارقة وأسس مهرجاناً مماثلاً في بلده، ولكنه مهرجان يتنقل سنوياً من منطقة صحراوية إلى أخرى.
وتحدث خليفة عن مراحل إعداد عرضه «قصر الثرى» الذي تقدمه فرقة فن الضفتين، مشيراً إلى أنه تعاون مع ثلاثة شعراء متميزين في إعداد نصه، وهم: لمجد بن منصور، وعلي بن ناجي، وناصر الشايب، كما أشار إلى عدد من الممثلين الذين يشاركون في العرض، من بينهم دليلة مفتاحي، وصلاح مصدق.
قواسم
من جانبه، قال محمد الضمور، مخرج العرض الأردني «الديرة» الذي تقدمه فرقة رف للفنون الأدائية، إنه سعيد باختيار عرضه للمشاركة في هذه الدورة من المهرجان، مبدياً إعجابه بالتجربة، مثمناً جهود صاحب السمو حاكم الشارقة في دعم وتوجيه مسيرة المسرح العربي نحو آفاق التحديث والابتكار. وقال الضمور إن مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي يمثل المفتاح لترسيخ الهوية العربية، وأشار إلى أن تجربة المهرجان نبهت إلى أن هناك نقصاً ملموساً في الكتابات المسرحية التي تتناول البيئات البدوية العربية، وقال: «منذ زمن ليس بالقصير يتحدث المسرحيون عن ضرورة إيجاد مسرح عربي، ولقد حاولوا كثيراً، ولكن في كل مرة كانت التجارب تصدم بالمعوقات، وأقول إن مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي هو النموذج الذي كنا نبحث عنه». وأكد المخرج الأردني أن الصحارى العربية تشترك في العديد من القواسم من ناحية القيم والتقاليد والأعراف، وقال إن لون العروض التي تقدم في المهرجان يشبه ما يعرف في الأردن بـ «التعليلة» التي تختلف قليلاً بوجود عنصر غنائي.
وذكر عادل حسان، مخرج العرض المصري «الزينة» الذي تقدمه فرقة ستديو 77، أن المهرجان يمثل تجربة مغايرة، ويجذب أي مخرج مسرحي مغامر للمشاركة فيه، مشيراً إلى أنه أخرج مجموعة من العروض خارج الفضاءات التقليدية، وأن مصر شهدت محاولات مسرحية عديدة للتحرر من إطار العلبة الإيطالية، ومن أبرزها مسرح السرداق، لكن ما يميز المسرح الصحراوي هو مكان عروضه، وكذلك طبيعة الموضوعات التي يتناولها، وفي هذا الإطار تحدث حسان عن تعاونه مع الكاتب محمد أمين عبدالصمد، واهتمامهما المشترك بصناعة عرض يسهم في تسليط الضوء على المناطق الصحراوية في مصر، وأشار حسان إلى أنه أراد للممثلين المشاركين في العرض أن يعيشوا التجربة بصفة حية، فنقلهم إلى تلك البيئة – الصحراء الغربية في مصر – وأخضع الممثلين لتدريبات حتي يجيدوا أداء لهجة سكان تلك المناطق بطريقة محكمة، كما عرض أمامهم أشرطة فيديو ليتمثلوا أجواء البيئة تمثلاً صادقاً.
وتوجه سلي عبدالفتاح مخرج العرض الموريتاني «الحكيم» الذي تقدمه فرقة إيحاء للفنون الركحية، بالشكر إلى دائرة الثقافة في الشارقة على اهتمامها بدعم وترسيخ الحركة المسرحية في موريتانيا، وذكر أن الدائرة أتاحت لهم أن يشاركوا في دورات عدة من المهرجان، وكل مشاركة لهم كانت بمثابة فرصة لتعزيز إمكاناتهم ومهاراتهم في مقاربة التراث الصحراوي الموريتاني، لتجسيده في فضاء المهرجان، مشيراً إلى أن إعداد عرض مسرحي ليقدم في الصحراء يمثل «كسراً لقواعد كثيرة وتحديات عديدة، ولكنه أيضاً يشعرنا بالمتعة»، مشيراً إلى ما يستدعيه العرض الصحراوي من مضاعفة الجهد في تجسيم الحركة، وبناء المشاهد، وتشكيل المجموعات الأدائية.
تواصل
وتتواصل فعاليات المهرجان، حيث ستنظم عند الخامسة من مساء اليوم السبت (14 ديسمبر) المسامرة الفكرية في يومها الأول، وعنوانها «المسرح الصحراوي.. التجربة والوعي»، ويديرها عبدالله مسعود (الإمارات)، ويشارك في مداخلات اليوم: داليا همام (مصر) بورقة عنوانها «مسرحة الصحراء بين المرجعية التراثية والتقنيات الحديثة»، ونزار السعيدي (تونس) بورقة عنوانها «المسرح الصحراوي بين التماثل والاختلاف»، ومحمد الضمور (الأردن) بورقة عنوانها «قراءة في النقد المواكب لمهرجان المسرح الصحراوي»، وعند الثامنة مساء يشهد الجمهور المسرحية التونسية «قصر الثرى» إعداد وإخراج حافظ خليفة.
وعند الخامسة والنصف من مساء غد الأحد (15 ديسمبر)، تنعقد جلسات اليوم الثاني من المسامرة الفكرية ويديرها عبدالله مسعود، وهي تتضمن شهادات لكل من المخرج التونسي حافظ خليفة، والمخرج الموريتاني سلي عبدالفتاح، والمخرج الإماراتي محمد العامري. وعند الثامنة مساء يقدم العرض الأردني «الديرة» للمخرج محمد الضمور.