كتب المحلل السياسي حمادة فراعنة

للمرة الثالثة، يمكن التوصل إلى قرار وقف إطلاق نار مؤقت، بين المستعمرة الإسرائيلية وحركة المقاومة الإسلامية حماس، المرة الأولى كانت بعد عملية 7 أكتوبر 2023، في شهر تشرين الثاني نوفمبر 2023، لمدة أسبوع، والمرة الثانية تمت لمدة شهرين ما بين 18 كانون ثاني يناير2025 حتى 18 آذار مارس 2025، لتستمر بعدها الحرب الاسرائيلية المجنونة المتطرفة العنصرية إلى الآن، مع وجود مفاوضات غير مباشرة في العاصمة القطرية الدوحة بين الطرفين، الفلسطيني والاسرائيلي.
كشف ستيف ويتكوف المبعوث الأميركي أن ثلاثة أرباع العناوين الخلافية تم الاتفاق عليها، والتوصل إلى اتفاق بشأنها، وتبقى العنوان الرابع الأكثر حساسية وأهمية، ويتعلق بـ: 1- الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة، 2- شكل الحكم المقبل في قطاع غزة، وهي القضايا الأهم بعد قبول وقف إطلاق لمدة شهرين، وإدخال المساعدات الغذائية والدوائية، وتبادل الأسرى، وغيرها من العناوين والقضايا الإجرائية.
وتبقى القضية الأهم المتعلقة ببقاء قوات الاحتلال بقطاع غزة أو انسحابها، وهل تبقى حماس في سلطة حكم غزة أو تنحسر عنه، لصالح طرف آخر مستقل، أو مدني مرغوب أو صديق لحركة حماس، مع استبعاد دعوة السلطة الفلسطينية من رام الله إلى غزة، كما كانت قبل قرار حماس «الحسم العسكري» وسيطرتها المنفردة على قطاع غزة منذ 14 حزيران يونيو 2007، إلى ما قبل عملية 7 أكتوبر 2023.
سياسات المستعمرة على الأغلب، وجيشها وأجهزتها لا ترغب بالبقاء في قطاع غزة لأسباب أمنية وعسكرية وديمغرافية بوجود أكثر من مليوني فلسطيني في منطقة جغرافية ضيقة، يمكن أن تشكل مشروع الدولة الفلسطينية، على أساس حل الدولتين، بدون القدس والضفة الفلسطينية، وتقتصر على قطاع غزة، خاصة بعد الدمار والخراب وتدمير البنى التحتية من مدارس ومستشفيات وأحياء سكنية، وفقدان قدرات الإنتاج لأهالي غزة، والسؤال من سيحكم قطاع غزة، الذي سيغرق بتفاصيل إعادة البناء والتنمية ومعالجة أوجاع القتل والإصابات والانهيار الإنساني للمجتمع والمؤسسات وأغلبية عناوين الحياة.
أغلبية مكونات المستعمرة وأجهزتها تتطلع إلى التخلص من قطاع غزة باستثناء حزبي بن غفير وسموترتش، ولكن الليكود وباقي الأطراف اليمينية الإسرائيلية، تتطلع إلى التخلص من قطاع غزة كما كان يقول اسحق رابين ليبلعها البحر، وكما سعى شارون للتخلص منها.
غزة تاريخياً وواقعياً وعملياً هي التي أنتجت الثورة الفلسطينية، وهي التي ولدت قياداتها الأساسية: ياسر عرفات ورفاقه، وأحمد ياسين وأتباعه، وهي التي أنجبت حركتي فتح وحماس، كبرى الفصائل الفلسطينية، وهي التي خاضت كبرى معارك المواجهة ضد المستعمرة وقواتها وأجهزتها، وهي التي أرغمتهم على الرحيل بعد فكفكة المستوطنات وإزالة قواعد جيش الاحتلال، بعد عام 2005.
غزة هي عنوان التضحيات الفلسطينية، وهي التي أعادت الهوية الوطنية للشعب الفلسطيني، وهي بالضرورة عنوان المستقبل الفلسطيني مع الضفة والقدس، ومع أبناء الكرمل والجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة.
#أنتهى #
#أنتهى #