كتب حمادة فراعنة*
لا شك أن انتخابات مجلس النواب 20 المقبل في الأردن ، تعد محطة انتخابية سياسية انتقالية مهمة، ليست بسبب إجراء الانتخابات، فهي حق دستوري واجب للمواطن ، بل هي من أبرز حقوقه مقابل ما يؤديه من واجبات نحو بلده ووطنه، هي مهمة بسبب شكل ومضمون القانون الانتخابي، ودلالاته العينية حتماً سيغير اهتمامات الأردنيين وأولوياتهم اللاحقة.
فالقانون يمنح المواطن حق التصويت لقائمتين واحدة وطنية والثانية محلية، تشكل نتائجها مقدمة لما بعدها، ومقدمة سيُبنى عليها مستقبل خيارات الأردنيين في كيفية المشاركة في إدارة مؤسسات صنع القرار : مجلسي النواب والوزراء.
أولاً القائمة الوطنية ستوحد الأردنيين في عملية التصويت نحو القائمة الائتلافية التي يختارها المواطن، فالقائمة لدوافع وطنية مبدئية، أو انتهازية انتخابية تتشكل من تنوعات إجبارية: جنسية من رجل وإمرأة، دينية مسلم ومسيحي، عمرية شباب وكهول، وجهوية تُمثل أوسع قاعدة تمثيلية ممكنة، كي تجلب أكبر عدد متاح من المصوتين، لتفوز بالنجاح، على مستوى المملكة.
ثانياً القائمة الوطنية الواحدة سيصوت لها أبناء الريف والبادية والمدن والمخيمات، لأن القائمة شكلت قاعدة تمثيلية اجتماعية واسعة ستعكس نفسها على خيار المصوتين لأنها مثلت قاعدة مصوتين عابرة لحدود المحافظات والمناطق، وشكلت أداة جذب لاغلبية القواعد الاجتماعية، مما يفرض على القطاع الأوسع من المصوتين ليصوتوا وينحازوا لها.
أما القائمة المحلية، فقد فرضت لحد كبير عملية التحالف والتعاضد بين أوسع قاعدة تمثيلية لأن أغلبية المحافظات تحولت إلى دائرة انتخابية واحدة، باستثناء عمان إلى 3 دوائر بدلاً من 7، وإربد إلى دائرتين، مما يعني أن الثقل المنفرد تراجع دوره، ولا يستطيع أن يُفلح في الفوز إذا لم يقع التحالف والتعاون والتعاضد والائتلاف.
الانتخابات للمجلس النيابي العشرين يوم 10/9/2024، ستشكل مقدمة إلى ما بعدها، فإذا كانت الدائرة الوطنية ستفرز 41 نائباً على مستوى الوطن يمثلون ثلث عدد أعضاء مجلس النواب، فالدورة الانتخابية التالية بعد أربع سنوات ستمثل الدائرة الوطنية كما هو مرسوم لها، وتفرز 65 نائباً أي نصف عدد أعضاء مجلس النواب، وصولاً إلى ظاهرتين متلازمتين مستقبلاً: أولاً ليكون الأردن دائرة وطنية واحدة، وثانياً سيكون مجلس النواب بأكمله نتاج انتخابات الدائرة الوطنية الواحدة لكل الأردنيين،
ماذا يعني ذلك؟؟
يعني أن مصدر صنع القرار، مصدر تشكيل النواب، مصدر تشكيل الحكومات، سيكون من رحم الأحزاب، من رحم مجلس النواب، وبالتالي لن تكون كما كانت طوال السنوات الماضية، الأحزاب هي البوابة، هي المدخل، هي الوسيلة والرافعة للوصول إلى مواقع صنع القرار ومؤسساته، ولهذا سيقف كل من يتطلع للمشاركة في صنع المستقبل، عبر البرلمان والحكومة، للتسجيل عضواً في حزب عليه القيمة، قوي وأداة توصيل لمن لديه الرغبة في العمل العام، وستكون الأحزاب هي الحاضنة لفرز القيادات وتظهيرها، كما هو متبع لدى البلدان الديمقراطية المتطورة.
#أنتهى #