حلقة نقاشية: القراءة مفتاح نجاح الباحثين في مجال التراث الثقافي

أكدت حلقة نقاشية نظمها مركز التراث العربي التابع لمعهد الشارقة للتراث ضمن فعاليات أيام الشارقة التراثية في دورتها العشرين على أهمية القراءة الناقدة والفاحصة ودورها في إنجاح تجربة الباحث العلمي وضمان دقة المعلومات والبيانات التي يقف عليها خلال رحلته العلمية والبحثية.

أدار الجلسة الفنان محمد غباشي وبمشاركة الأستاذة عائشة الحصان الشامسي، مدير مركز التراث العربي التابع للمعهد، وحضور مجموعة من باحثات الجمع الميداني في قسم الدراسات والبحوث بالمركز.

وقد استهلت الجلسة الأستاذة عائشة الشامسي، بالحديث عن جهود المركز وفعالياته المستمرة في سعيه الدائم لتحقيق رؤيته في مجال دعم وصون التراث الثقافي العربي، والارتقاء بآليات جمعه وتحقيقه وتوثيقه ونشره؛ وذلك من خلال إطار مؤسسي جامع.

فعل حضاري رفيع يقوده سلطان

وأكدت الشامسي أن القراءة فعل حضاري رفيع يسهم في ارتقاء الشعوب والأمم والمجتمعات، ولا يستغني عنه كل من يطمح لتطوير نفسه ومجتمعه، وللارتقاء بنشاطه وعمله وفكره، ومن ذلك البحث العلمي، لافتة إلى أن الشارقة باعتبارها عاصمة للثقافة ووجهة للعلم وأهله، يقود مشروعها الحضاري والثقافي صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، والذي أدرك مبكرًا أهمية القراءة ودور الكتاب والكتابة في المحافظة على التراث والقيم وتحقيق التطور المجتمعي المتزن في الجمع بين المحافظة على أصالة الماضي واستثمار تطورات العلم والفكر.

القراءة مهارة تنشأ منذ الصغر

وأشارت مدير مركز التراث العربي إلى أن القراءة ممارسة ومهارة أساسية للباحث العلمي ووسيلة لا غنى عنها في اكتساب المعلومات ولا سيما فيما يتعلق بالتراث الثقافي والقيام بعملية الجمع الميداني وتوثيق التراث الثقافي في دولة الإمارات العربية المتحدة، داعية إلى ضرورة حرص الباحث على إثراء عادة القراءة لديه منذ الصغر وتطويره بمرور الوقت، حتى يملك مخزونًا معرفيًا ولغويًا وعلمياً هائلًا يمكنه من النجاح في مهمته البحثية، ويضمن له التأكد من دقة المعلومة التي يحصل عليها خلال استماعه وتوثيقه للحديث الشفهي في المقابلات مع كبار السن والأجداد، الذين يمثلون خبرات متراكمة ومكتبات فكرية ثرية.

الفضول مفتاح الحقيقة

وأوضحت أن الباحث الناجح والمتمرس يتميز بأنه يتحلى بصفة الفضول والشغف وحب الاطلاع، ويستفيد من تأثير البيئة المحيطة به، ونجده دائمًا ما بين أروقة المكتبات ورفوف الكتب يبحث ويفحص ويقارن ويوثق، بل ويجيد آلية الوصول إلى المعلومة الصحيحة والكتاب المناسب، ويحرص على الرجوع إلى أمهات الكتب والمصادر الأصلية والمعاجم والقواميس المعتمدة للتأكد من صحة معلومة ما أو كشف غموض كلمة أو التحري عنها، وعدم الاكتفاء بالمصادر الإلكترونية غير الموثوقة.

واختتمت الحلقة النقاشية بعرض تجربة عدد من باحثات الجمع الميداني في قسم البحوث والتراث في مركز التراث العربي في حواراتهن ومقابلاتهن مع كبار السن.

النخلة.. رمز تراثي خالد

وفي محاضرة أخرى نظمها مركز التراث العربي، تحدثت الباحثة في التراث الشعبي الإماراتي بمعهد الشارقة للتراث، حول النخلة والتي تعد أحد ركائز ورموز التراث الإماراتي الخالد، حيث أوضحت الحميدي بأن النخلة تم تسجيلها مؤخرًا على القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية باليونسكو من خلال ملف مشترك قدمته عدة دول عربية ومن بينها دولة الإمارات تحت عنوان “النخلة، المعارف والمهارات والتقاليد والممارسات.

واستعرضت الباحثة خلال المحاضرة كيفية زراعة النخلة قديمًا في دولة الإمارات وطرق الاهتمام والعناية بها وأساليب سقيها، والمحافظة عليها من الآفات والأمراض الزراعية، ولأدوات التي تستخدم للنخلة في موسم جني الرطب كالمخرافة والمزماة والحابول والموراد، مشيرة إلى تعاون الرجل والمرأة قديمًا في القيام بمسؤوليات العناية بالنخلة فيما يتعلق بالسعف وسف وخياطة الجراب والضمائد.

كما شملت المحاضرة بيان مواسم جني الرطب والمجالات والصناعات القائمة على النخلة ومكونها ولا سيما الرطب بأنواعه، بالإضافة إلى أفضل ممارسات التسويق والإنتاج الخاصة بالتمور، وطرق الاستفادة من التالف منها، فضلاً عن بيان الطرق الحديثة للمحافظة على الرطب والتمر لفترة طويلة، دون أن تفقد طراوتها وقيمتها الغذائية.

قدمتها د. مها الدوري خلال أيام الشارقة التراثية

محاضرة تؤكد على دور الانفتاح الواعي على الحضارات في صون التراث الثقافي

في أولى محاضراتها الأكاديمية والثقافية، نظمت الإدارة الأكاديمية التابعة لمعهد الشارقة للتراث وضمن فعاليات الدورة العشرين من أيام الشارقة التراثية محاضرة حول التطور الحضاري وأثره في صون التراث الثقافي قدمتها الدكتورة مها الدوري عضو هيئة التدريس في الإدارة الأكاديمية وأدارتها المهندسة المعمارية وفاء داغستاني عضو هيئة التدريس في الإدارة.

جاءت المحاضرة التي استضافها متحف بيت النابودة في ساحة التراث في الشارقة ثرية في محاورها متنوعة في أفكارها، واستطاعت وضع تصور شامل حول التطور الحضاري ولا سيما في بعديه العربي والإسلامي وكيف ساهم في صون التراث الثقافي، وبالمقابل بيّنت المحاضرة أثر التغيرات الحضارية التاريخية في اندثار أو تلاشي أو ذوبان بعض الهويات والقيم الثقافية لحضارات معينة بسبب تفوق حضارات أخرى عليها.

استهلت الدوري محاضرتها ببيان الفارق بين التراث الثقافي المادي وغير المادي، موضحة بأن الأخير هو أكثر انتشارًا نظرًا لصعوبة اندثاره وسهولة تناقله بين الناس والمحافظة عليها فكرًا وثقافة وشفاهة.

وأكدت على أن الحضارات القديمة تأسست بصورة رئيسية على عدة عناصر مهمة تتمثل في الأفراد، والبيئة بأنواعها ومفرداتها، وكذلك المجتمع بما فيه من جماعات ومجموعات مختلفة، لافتة إلى وجود نظريتين في تفسير التطور الحضاري للأمم والشعوب، الأولى تبناها ابن خلدون ومؤداها أن بداية كل تطور تأتي من البيئة البدوية ثم يحدث التطور بالانتقال من هذه البيئات المفتوحة كالصحارى والجبال أو النائية كالمغارات والكهوف إلى بيئات ساحلية ومناطق أخرى ليحدث التطور والاكتشاف نتيجة هذا الانتقال، وأما النظرية الأخرى والتي تبناها توينبي فتعتبر أن التطور الحضاري لا يعتمد بالضرورة على الانتقال وإنما هو نتاج طبيعي وأصيل لتطور البيئة المحيطة بالمكان وبمن يسكنه من أفراد وبما يحدث فيه من تغيرات طبيعية في السلوك والأنشطة.

وأوضحت الدوري خلال محاضرتها على أن ارتباط مظاهر بعض الحضارة في عدد المجتمعات بطبيعة الموقع الجغرافي، نظرًا لوجود تجمعات سكنية مترابطة، ضاربة المثل ببعض الحضارات مثل حضارة ما بين النهرين والحضارة الفرعونية وغيرهما.

وتوقفت المحاضرة للحديث عن دور التجارة والتجار في إحداث التطور الحضاري من خلال انتقالهم قديمًا وبطرق مبسطة مشيًا أو باستخدام الحيوانات أو السفن حاملين عاداتهم وتقاليدهم ومعتقداتهم وثقافاتهم إلى الشعوب الأخرى.

ثم انتقلت المحاضرة للحديث عن العوامل الرئيسية لاندثار الحضارات واختفائها أو تراجع أثرها، ومن ذلك تشتت المجتمعات بسبب انتقال الأفراد من مكان إلى آخر، والتغيرات الفكرية التي تؤدي إلى تغير الثقافة والانفتاح على حضارات أخرى، فضلاً عن دور الأنظمة السياسية وتغير السلطة بما يصاحبها من نفوذ وحروب وهدم وتدمير وبناء وظهور عادات وقوانين وتقاليد جديدة على أنقاض الحكم السابق، إلى جانب أثر الكوارث الطبيعية والأوبئة في إحداث التغير الحضاري، كما يمكن أن يحدث التطور الحضاري بشكل طبيعي من خلال ظهور حضارة جديدة بشكل تدريجي يبدأ بالاندماج مع الحضارة السابقة ثم التفوق عليها بمرور الوقت.

واختتمت المحاضرة ببيان أثر العولمة في التغير والتطور الحضاري في العصر الحديث، بمختلف مجالات هذه العولمة سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو إعلامية أو ثقافية، حيث بينت الدوري أهداف ظاهرة العولمة وآثارها الإيجابية والسلبية، ولا سيما في المجال الثقافي، مؤكدة بأن العولمة نجحت في تحقيق وحدة إنسانية فاعلة ما بين شعوب العالم، جعلتها تشعر وتعيش أجواء مشتركة في حالات الفرح أو الحزن الإنسانيين ولا سيما في الظروف المشتركة مثل الزلازل أو الأمراض أو الكوارث الطبيعية الأخرى، وبالمقابل جعلت هذه العولمة العالم سوقاً واحدة بلا حدود، وأدت إلى ذوبان بعض الهويات الثقافية المحلية وتماهيها في ثقافة الدولة المهيمنة، وانتشار لغاتها في المعاملات والعلوم والأنشطة الاقتصادية، وانتقال بعض السلع والمنتجات وطغيان استخدامها من شعوب أخرى.

وأكدت المحاضرة على التجربة الحضارية الناجحة لدولة الإمارات في الاستفادة من ثقافات وحضارات شعوب العالم وانفتاحها على الآخر من خلال قيم التعلم والمحاورة والتسامح، ونجاحها بالمقابل في نقل التراث الإماراتي القديم بما فيه من عادات وتقاليد وقيم والمحافظة على مكونات الموروث المادي لصالح الأجيال القادمة، ومن خلال العادات من المشاريع والمبادرات وعلى رأسها أيام الشارقة التراثية التي تحتفي هذا العام بمرور عقدين من الزمن على انطلاقتها الميمونة.

توقيع كتاب (السرد في فاكهة الخلفاء ومفاكهة الظرفاء)

أيام الشارقة التراثية تناقش توظيف التراث في السرديات العربية

ضمن الجلسات الفكرية للمقهى الثقافي في الدورة العشرين من فعاليات أيام الشارقة التراثية؛ عقدت جلسة حوارية في متحف بيت النابودة يوم أمس الجمعة حملت عنوان “توظيف التراث في السرديات العربية” تحدث فيها كل من الباحث والدكتور أحمد العلواني، والناقد الدكتور سعيد يقطين، والباحث الدكتور شعيب حليفي، وأدارها الدكتور مني بونعامة مدير إدارة المحتوى والنشر في معهد الشارقة للتراث.

سعى الدكتور سعيد يقطين من خلال مداخلته إلى الإجابة عن علاقة الرواية العربية بالتراث، وتحدث عن تلك العلاقة من خلال فن تراثي مغربي يسمى “فن الملحونة” وذلك من خلال قصيدة “الحراز” وهي قصيدة مشهورة في التراث الغنائي المغربي.

ورقة الدكتور أحمد علواني، تناولت المرأة والنخلة في التراث الخليجي “الأمثال الشعبية نموذجًا” وتحدث فيها علواني عن جوهر الأمثال الشعبية وتعريفها، والتنوع التراثي في ضرب الأمثال والمرأة والنخلة باعتبارها محور التركيز في التمثيل الشعبي، والنخلة والمعادل.

شعيب حليفي وفي مداخلته التي حملت عنوان “تجارب فنية في توظيف التراث بأشكاله المتنوعة في الرواية العربية” أشار إلى أن التراث كان مادة خصبة للعديد من الأعمال السردية، وجاء بأمثلة على تلك الأعمال من مختلف الأقطار العربية.

واختتمت الجلسة بتوقيع كتاب “السرد في فاكهة الخلفاء ومفاكهة الظرفاء: آلياته ودلالاته” للدكتور أحمد علواني، وهو من إصدارات معهد الشارقة للتراث،ويحاول الكتاب الكشف عن حلقة مجهولة من حلقات تراثنا القديم، وذلك بنفض الغبار عن هذا الكتاب الذي ألفه العالم والأديب السياسي ابن عرب شاه في بدايات القرن التاسع الهجري، ويعد أحد الكتب المهمة الذي عزف عنه الباحثون، ولم يلق حظه من البحث والتحقيق العلمي الكافي،بسبب انصراف بعض هؤلاء الباحثين عن دراسة الأدب المملوكي ووصفه بالضعف من وجهة نظرهم، فقد خرج هذا العصر التاريخي عن دائرة الاهتمام الأكاديمي والبحث الأدبي، وذاع بين بعض الدارسين أن نتاجه – على كثرته وضخامته – لا يرقى إلى البحث الأدبي والدرس النقدي لخلوه من القيمة والخيال المبدع.

ويقدم الكتاب سردًا مفصلاً عن العصر المملوكي باعتباره جزءًا من تاريخنا امتد لأكثر من 200 عامًا، ولا يمكن نسيانه أو التغافل عنه أو إنكاره، فكان الكتاب كما يقول صاحبه محاولة لتوجيه أنظار الباحثين، ولفت انتباههم للعصر المملوكي بما كان فيه من ظروف سياسية واجتماعية وثقافية مختلفة، حاول ابن عرب شاه تناولها في كتابه بأسلوب الترميز من خلال ألسنة الحيوانات للتعبير عن المعاني والأفكار التي يحملها إزاءها.

الذيد تستقبل ضيوفها بالعيالة والرزقة والعازي

أيام الشارقة التراثية تطل على الجمهور من قلب حصن الذيد

بين ربوع المنطقة الوسطى في الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة، وعلى أرض الذيد المباركة، وفي أجواء استلهمت ماضي الآباء والأجداد العريق،افتتح سعادة الشيخ محمد بن حميد القاسمي رئيس دائرة الإحصاء والتنمية المجتمعية بإمارة الشارقة وسعادة الدكتور عبد العزيز المسلم رئيس معهد الشارقة للتراث، رئيس اللجنة العليا لأيام الشارقة التراثية، والدكتور محمد عبد الله بن هويدن رئيس المجلس البلدي في الذيد، فعاليات الدورة 20 لأيام الشارقة التراثية في حصن الذيد، والتي تستمر لغاية 11 من مارس المقبل بمشاركة محلية وإقليمية وعالمية لافتة.

وفي هذه المناسبة قال سعادة الدكتور عبد العزيز المسلم رئيس معهد الشارقة للتراث:” إن إقامة فعاليات أيام الشارقة التراثية في الذيد هو ترجمة لرؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة الذي يؤكد دائماً على أن للتراث أكبر الأثر في تنمية الذائقة الوطنية، والشعور بالانتماء والفخر والاعتزاز بالجذور الأصيلة المستمدة من تراث الآباء والأجداد، وقد سعدنا كثيراً بحجم حفاوة أهل الذيد بالجمهور وهم معروفون بالكرم والأصالة والوطنية”.

وتجول الحضور في أرجاء منطقة الفعاليات التي انطلقت على إيقاعات طبول رقصة العيالة، وهي من المباهج الفنية المحلية المحببة التي ترتبط ببث روح النخوة والشهامة في دولة الإمارات العربية المتحدة والشارقة، وعبرت العيالة بحركاتها الفنية الرشيقة عن التراث الاجتماعي الثري للدولة، حيث الفن الأصيل، والمشاركة الواسعة بين مختلف الفئات العمرية لأبناء المجتمع، مع ما تحمله من رموز محلية مختلفة كعصي الخيزران، واللباس الشعبي الموحد، وغيرها

وأنصت الجمهور باهتمام للصوت القوي المنبعث أحد الشعراء إيذاناً بانطلاقة فقرة شعر العازي التي سريعاً ما تلاها جواب فرقة المنشدين، وقد دعت كلمات الشاعر إلى التلاحم والتكاتف بين أبناء البلد الواحد، وهو جزء مهم من تكوين شعر العازي، وقد شكلت الرموز المحلية كسيف الشاعر وبنادق المنشدين فرصة ثرية للجمهور وهم يضيفون تجربة متميزة عن التراث المحلي في الجانب الأدبي والفني الجمالي الباهر.

ولبيان التمازج التراثي بين ثقافات العالم، أضافت فقرة الفرقة الهنغارية بلباسها التراثي المميز، وأنغامها وإيقاعات حركة المؤدين، ومقطوعاتها الغنائية المستمدة من إرثها الشعبي بهجة مضاعفة لفعاليات أيام الشارقة التراثية، وكونت فرصة واقعية لإظهار حقيقة أن التنوع الثقافي العالمي عامل مهم من عوامل السلام بين البشر، وفرصة للتواصل والبناء الحضاري، وترجمة لبيان حجم المحبة والتسامح الذي يميز أبناء الدولة تجاه غيرهم من أبناء وشعوب العالم.

ولكي تكتمل الصورة الفنية التراثية المحلية في أرض القرية التراثية في الذيد، وتزداد جمالاً مضافاً إلى جمال العيالة والعازي، انطلقت أصوات شعراء آخرين بين صفين من المؤدين لتعلن بداية فقرة شعر الرزفة، حيث تنوعت كلمات الشعراء بين موضوعات عدة، ومجالات شعرية منوعة لرواد هذا النوع من الفن من الراحلين، إضافة الى شعراء معاصرين اعادوا لهذا التراث رونقه وجعلوه مقصداً مهماً يتنافس فيه أبناء اليوم بمحبة وفخر.

ولم يقتصر التراث الشعبي المحلي الذي حرصت إدارة معهد الشارقة للتراث على إبرازه لجمهور فعاليات أيام الشارقة التراثية على الجوانب الفنية وإنما تعدته إلى كل ما هو تراثي، ومن هنا قدمت للجمهور فكرة عن فريج البدو ببناء نموذج يحاكي البيئة البدوية لاسيما بيوت الشعر، وإضافة عدد من حيوانات الدواجن والرعي، ومنحت المكان حيوية بمشاهد المجالس وأجواء الضيافة والقهوة.

وأطل الجمهور على البيئة الزراعية التراثية، أو ما يعرف بـ (شريعة الذيد) كمرفأ تراثي مهم كان يمثل محطة تستريح فيها القوافل وتتزود بالماء والغذاء، وتشكل منظومة مائية كبيرة مع الأفلاج المجاورة لها في الدولة، ولها خطط مهمة في إدارة المياه بما جعل منها واحة غناء ليس في الزراعة فقط، وإنما الهمت شعراء الكثير من شعراء الشعر  النبطي ليقولوا على أرضها أجمل قصائد الفخر والغزل والحنين لذكريات الماضي.

ومن الزراعة إلى التجارة، تعرف جمهور أيام الشارقة التراثية إلى (قافلة الطروش)، وهؤلاء هم تجار البادية، وكونهم طروشفلأنهم كانوا (يطرشون)، أي يسافرون من منطقة إلى أخرى على النوق يتاجرون في الطعام والشراب والكسوة، وتتحكم بحركتهم ظروف البر والبحر.

وبهذا جمع جمهور أيام الشارقة التراثية بين أغلب فقرات التراث المحلي بدءاً من الفن التراثي، ومروراً بالإرث الزراعي وانتهاء بالإرث التجاري، وكان كل ذلك في محيط قرية الفعاليات في الذيد التي كان لجهود القائمين عليها أبرز الأثر في إظهار قيم التراث أمام ضيوف الشارقة من حول العالم بشكل حضاري مرموق.