كتب المحلل السياسي حمادة فراعنة

لم يتعلم الرئيس بشار الأسد من خلاصات تجارب العراق ومصر وليبيا واليمن وتونس وحتى من الصومال، وأن بقاء الرئيس الزعيم إلى الأبد، والحزب القائد إلى الأبد لم يعد لها سوق سياسي منذ هزيمة الشيوعية والاشتراكية والاتحاد السوفيتي عام 1990 مع نهاية الحرب الباردة، فالعصر عصر التعددية والديمقراطية والاحتكام إلى صناديق الاقتراع لانتخابات الرئيس ومجلس النواب: 1- لدى البلدان ذات النظام الجمهوري، و2- حكومات برلمانية حزبية لدى الأنظمة الملكية كما في المغرب، والأردن وضع المقدمات نحو هذا التوجه عبر انتخابات مجلس النواب في دورته العشرين الأخيرة 10/9/2024، كدورة أولى سيتلوها دورات تراكمية متعاقبة نحو هذا الخيار السياسي الأمني نحو التعددية نتيجة إفرازات صناديق الاقتراع.

لقد اعتمد الرئيس بشار الأسد وراهن على: 1- حلفائه الروس وإيران وحزب الله، 2- كما اعتمد على الجيش والأجهزة الأمنية، ولكنه لم يوفق ولم يبذل جهوداً عملية باتجاه الاعتماد على العنصر الثالث الأهم وهو 3- الشعب السوري عبر توسيع القاعدة الاجتماعية للدولة والنظام، ولهذا دفع الثمن، حينما لم يتدخل حلفاؤه مباشرة كما سبق وحصل بعد عام 2011، ذلك لأن هذه الأطراف الحليفة كل وله مشاكله ومتاعبه.

تحرك قوى المعارضة المسلحة منذ 27 تشرين ثاني نوفمبر، كانت نتنيجتها هذه السرعة والسهولة يوم 8 كانون أول ديسمبر 2024، بسقوط النظام وهروب الرئيس من موقعه وقصره وترك سلطته إلى رئيس الحكومة الذي تصرف بحكمة وشجاعة، وتفاهم مع المعارضة ليقول كلمته الحكيمة وهي: أنه سيسلم السلطة لمن يتم إختياره من قبل الشعب السوري.

الوضع المقبل مفتوح على كل الاحتمالات:

1-التصادم مع الفوضى أو 2-التفاهم بين مختلف الأطراف الفاعلة المستجدة وصولاُ إلى 3-الأرتقاء نحو خيار: التعددية والديمقراطية والاحتكام إلى صناديق الاقتراع، وتداول السلطة، بدون احتكار لرئيس أو لحزب دون الآخرين.

منذ يوم الأحد 8 كانون أول 2024، ستدخل سوريا مرحلة انتقالية، مهد لها التفاهم الإيجابي بين الرئيسين محمد الجلالي رئيس الحكومة، وبين رئيس المعارضة أحمد الشرع الجولاني، وهي مقدمات هامة وضرورية لوضع سوريا على سكة السلامة الأمنية، والانتقال من سلطة التمرد والثورة والمعارضات المسلحة إلى حقبة الاستقرار والتحول الديمقراطي عبر انتخابات الرئيس ومجلس الشعب البرلماني.

المستعمرة الإسرائيلية، تستغل الانكفاء السوري نحو قضاياه الداخلية، لتمارس القصف المنظم، والتدمير المنهجي لقدرات سوريا وأسلحتها المختلفة، وبلع المزيد من الأراضي السورية مع الجولان المحتل، فالخيارات لدى المستعمرة هي التوسع، ونحو العمل والتخطيط والتآمر باتجاه أن يكون الطرف العربي برمته ومكوناته وأنظمته هو الأضعف في معادلة الصراع العربي الإسرائيلي، وعودة الرئيس الأميركي ترامب سيقف وسيعمل على دعم خيارات المستعمرة نحو التوسع والاحتلال والهيمنة، وهو التحدي المفروض الذي سيواجه العرب كل العرب.

#أنتهى #

لقد فاتك قراءة