خلال جلسة حوارية في “الشارقة للأدب الإفريقي 2025”

التقى جمهور مهرجان الشارقة للأدب الإفريقي في دورته الأولى بالروائي التنزاني عبدالرزاق قرنح، الحاصل على جائزة نوبل للآداب 2021، خلال أمسية أدبية استثنائية، أدارتها الكاتبة الإماراتية إيمان اليوسف، لاستكشاف عوالم قرنح الأدبية المدهشة، والموضوعات المختلفة التي يتناولها في رواياته، وخاصةً روايته “حياة لاحقة” التي تميزت بتعمقها في قضايا إنسانية كبرى.

واستهل قرنح جلسته بإجابته على سؤال حول شعور الكثيرين من قراء المنطقة العربية أن هذا الأدب يخصهم، وأن قرنح واحد منهم، حيث قال: “أنا من زنجبار، وزنجبار بما أنها على ساحل إفريقيا الشرقي فهي قريبة من بلدان عربية كثيرة، ومؤكد أن ثمة تقاطعات ثقافية بينها وبين البلاد العربية وغيرها، أيضاً ربما لأننا ومعظم البلدان العربية في أوقات سابقة عشنا تجارب مشابهة تحت الاستعمار البريطاني والفرنسي والألماني، وكانت هذه القصص جزءاً من ذاكرتنا الجماعية، لكنني أحب أن يدّعي الجميع أنني منهم، وهذا يعجبني كثيراً”.

تطور الشخصيات

وتطرق عبد الرزاق قرنح للتحدث عن تطور الشخصيات في رواية “حياة لاحقة”، وتغيرها نتيجة اكتسابها للمعرفة، كشخصية حفصة التي تغيّرت بعد أن تعلمت القراءة والكتابة، وكيف أحدث تعلم حمزة للغة الألمانية تغييراَ جذرياَ في حياته. فالتعليم والكتابة كانا محورا للتغيير في حياة كل شخصية تقريباً، وقال قرنح في هذا السياق: “أنا أكبر المتفائلين بقدرة التعليم على التغيير”.

الأدب الإفريقي.. يتجاوز الحدود

وفي حديثه عن الأدب الإفريقي وما يميزه عن غيره، قال قرنح: “لا أعتقد أن الأدب الإفريقي يقدم شيئاً لا يمكن لأي أدب آخر أن يقدمه. ما يفعله الأدب إذا قرأناه بعناية، هو أنه يمنعنا من التعميم أو التحيز، لأنه يتحدث عن أشياء محددة وأوقات معينة وأشخاص محددين.” وأشار إلى أن الأدب الحقيقيّ يحمل رسالة عالمية تتجاوز الحدود، فهو يخاطب الجميع، بغض النظر عن خلفياتهم أو مواقعهم، وأضاف قرنح قائلاً: “ما نحتفل به الليلة هنا في الشارقة هو أننا نقول هذا نحن. هذه هي أصواتنا، ونحن نخاطب أشخاصاً، بعضهم ليسوا من إفريقيا. هذا هو دور الأدب، أن يتجاوز الحدود، وأن يخاطب الجميع”.

منبع حكايات قرنح

حاله حال جابرييل جارسيا ماركيز وخوان رولفو والكثيرين من الأدباء العالميين، كان عبدالرزاق قرنح ينهل حكاياته من معين جدته وأمه وعماته وخالاته وغيرهنّ من النساء في البيت الذي نشأ فيه في طفولته، وعن هذا الأمر قال: “لم يكن الرجال يروون لنا القصص، بل كانت النساء هن من يفعلن ذلك، وغالبًا ما كانت القصص مليئة بالتفاصيل والمواقف التي تركت أثراً عميقاً فينا كأطفال”. وأشار قرنح إلى أن القصص التي رُويت في طفولته لم تكن مجرد وسيلة للترفيه، بل كانت تُستخدم لفهم العالم.
إفريقيا صعب الحديث عنها

وتطرق قرنح في النصف الأول من الجلسة للحديث عن فلسفة الانتماء المفتوح والتنوع الذي تحتضنه القارة الإفريقية، موضحاً أن إفريقيا ليست مجرد مفهوم بسيط أو موحد، بل هي قارة متعددة الثقافات، اللغات، والهويات، مؤكداً على أهمية إدراك تعقيداتها قائلاً: “في بعض الأحيان، يكون من السهل التحدث عن إفريقيا وكأن هذا المصطلح يمكن أن يعبر عن شيء بسيط أو محدد. لكن في الواقع، إفريقيا تعني أشياء كثيرة، تعني تنوعاً كبيراً. ومن المهم دوماً أن نهتم بالتفاصيل وألا نبسط الأمور أو نعممها.”