مسؤولون وخبراء: الإمارات تبني اقتصاداً ذكياً قائماً على التقنيات الحديثة والكوادر البشرية
سلط خبراء ومسؤولون حكوميون الضوء على سبل بناء اقتصادات ذكية ومرنة ومستدامة في ضوء التحديات التي يشهدها العالم، مؤكدين أن التحوّل نحو الاقتصاد الذكي في الإمارات يشهد تقدماً ملحوظاً بفضل الاستثمار في التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي و”البلوك تشين”، ودعم القطاع الحكومي والخاص. كما شددوا على أهمية تطوير الكوادر البشرية وتزويدها بالمهارات اللازمة للتعامل مع هذه التقنيات، بالإضافة إلى دور القطاع المالي في دعم هذا التحوّل من خلال توفير التمويل اللازم للمشاريع المبتكرة، مما يساهم في خلق بيئة محفزة للابتكار وريادة الأعمال.
جاء ذلك في جلسة بعنوان “بناء اقتصادات ذكية” خلال فعاليات الدورة السابعة من “منتدى الشارقة للاستثمار”، التي ينظمها مكتب الشارقة للاستثمار الأجنبي المباشر (استثمر في الشارقة)، يومي 18 و19 سبتمبر في “مركز الجواهر للمناسبات والمؤتمرات” بالشارقة، تحت شعار “رؤية مستقبلية للاقتصادات الذكية”.
وشهدت الجلسة مشاركة كل من الشيخ فاهم القاسمي، رئيس دائرة العلاقات الحكومية، وسعادة خالد الحريمل، الرئيس التنفيذي لمجموعة بيئة، وسعادة حسين المحمودي، المدير التنفيذي لمجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار، وسعادة أحمد النقبي، الرئيس التنفيذي لمصرف الإمارات للتنمية، وأدارتها الدكتورة روعة الحاراتي، مؤسسة “كنز للاستشارات”.
نموذج في الاقتصاد الشامل والمبتكر
وفي حديثه خلال الجلسة، أكد الشيخ فاهم القاسمي أن اقتصاد الإمارات بات نموذجاً يحتذى به في الابتكار الشامل، حيث يتجاوز الأمر التقنيات الحديثة ليشمل كافة جوانب الحياة الاقتصادية، مشيراً إلى أن هذا النجاح يعود إلى الرؤية الحكيمة للحكومة في تنويع مصادر الدخل والاستثمار في القطاعات المستدامة.
وفي معرض حديثه عن دور الحكومات في التحول نحو الاقتصاد الذكي، أكد القاسمي على ضرورة أن تكون الحكومات أكثر مرونة واستجابة للتطورات التكنولوجية المتسارعة، مشيراً إلى أن الشارقة نجحت في تحديد أولوياتها والاستثمار في القطاعات المحورية، مثل الزراعة والصناعة، وذلك من خلال التعاون والتكامل مع القطاع الخاص، واستثمار النجاحات التي يتميز بها.
كافة القطاعات شركاء في الاقتصاد الذكي
بدوره، أشار سعادة خالد الحريمل، الرئيس التنفيذي لمجموعة بيئة، إلى الدور الذي تلعبه المجموعة في دعم التحول نحو الاقتصاد الذكي. لافتاً إلى أن “بيئة” نجحت في تطوير حلول مبتكرة لمعالجة النفايات، حيث تمكنت من تحويل 90% من النفايات في الشارقة بعيداً عن المكبات التقليدية. كما سلط الضوء على أهمية التكنولوجيا في هذا المجال، حيث تم تزويد سيارات النفايات بكاميرات ذكية لرصد المناطق التي تحتاج إلى خدمات النظافة بشكل أكثر فاعلية، بما وفر التكاليف وضاعف جودة الخدمات.
وشدد الحريمل على أهمية الشراكة بين القطاعين العام والخاص في بناء الاقتصادات الذكية، موضحاً أن الشارقة تعد نموذجاً يحتذى به في هذا المجال، حيث تمكنت من الوصول إلى مستوى متقدم في إدارة النفايات بفضل التعاون المثمر بين الحكومة والشركات الخاصة، كما أشار إلى أن مجموعة بيئة نجحت أيضاً في توسيع نطاق شراكاتها لتشمل دولاً أخرى مثل السعودية ومصر.
العنصر البشري أساس التحول الذكي
بدوره، قال سعادة حسين المحمودي: “إن التحوّل نحو المجتمعات الذكية ليس مجرد تبنٍّ لتقنيات جديدة، بل هو عملية شاملة تتطلب استثماراً كبيراً في العنصر البشري، والذكاء الاصطناعي، مهما بلغ من تطور، يبقى أداة في يد الإنسان، وبالتالي، فإن نجاح أي تطبيق للذكاء الاصطناعي مرتبط ارتباطاً وثيقاً بقدرة المجتمع على تطوير كوادر بشرية مؤهلة وقادرة على التعامل مع هذه التقنيات واستثمارها بشكل فعال، فبدون كوادر بشرية متعلمة ومبتكرة، يبقى الذكاء الاصطناعي مجرد مجموعة من الخوارزميات التي تفتقر إلى الهدف والتوجيه”.
وشدد المحمودي على أهمية تكييف الذكاء الاصطناعي مع الثقافات المحلية، مؤكداً أن لكل مجتمع خصوصيته وتراثه، وهذه العناصر الثقافية يجب أن تكون حاضرة في عملية تطوير وتطبيق الذكاء الاصطناعي الذي يتماشى مع القيم والثقافات، ولتحقيق ذلك، لا بد من تعزيز التعاون بين القطاعات الحكومية والخاصة والأكاديمية، مع التركيز على تطوير البرامج التعليمية التي تهتم بتنمية المهارات الرقمية والإبداعية لدى الشباب.
أدوات لدفع عجلة التنمية
بدوره، أشار سعادة أحمد النقبي إلى أن التحول نحو الاقتصاد الذكي يشكل محور اهتمام الإمارات، حيث تسعى إلى بناء اقتصاد مستدام قائم على المعرفة والابتكار. مشدداً على أن التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي والبلوك تشين تلعب دوراً مهماً في هذا التحول، ولكنها لا تعبر عن الاقتصاد الذكي، بل هي أدوات لدفع عجلة الاقتصادات الذكية.
وأضاف النقبي: “يلعب القطاع المالي دوراً بالغ الأهمية في دعم هذا التحول، حيث يتحمل مسؤولية تمويل المشاريع التي تعتمد على التقنيات الحديثة؛ فالمصارف تعمل على توفير التمويل اللازم للمشاريع التي تساهم في بناء اقتصاد ذكي، وتقدم الاستشارات والدعم للمستثمرين والشركات الناشئة. وبذلك، تساهم في تحفيز النمو الاقتصادي وخلق بيئة أعمال جاذبة للاستثمارات المحلية والأجنبية، وهذا التكامل بين التوجهات الحكومية واستثمارات القطاع الخاص يمثل حجر الأساس لبناء اقتصاد ذكي ومستدام في الإمارات”.
-انتهى-