اتفق مسؤولون حكوميون وخبراء في مجال البيانات على أن الأزمات والنزاعات تشكّل تحدياً كبيراً لجمع البيانات الإحصائية واستخدامها في صنع السياسات الفعّالة والاستجابة لحالات الطوارئ، داعين إلى أهمية استخدام نُظُم تكنولوجية وإدارية مرنة لحماية البيانات حتى في أوقات الأزمات.

جاء ذلك خلال جلسة بعنوان “طرق توفير البيانات في حالات الصراع والأزمات الإنسانية في المنطقة العربية”، ضمن فعاليات الدورة الأولى من “المنتدى الإقليمي للبيانات والتنمية المجتمعية”، الذي تنظمه دائرة الإحصاء والتنمية المجتمعية في مركز الجواهر للمناسبات والمؤتمرات، على مدار يومي 9-10 أكتوبر الجاري تحت شعار “معايير تصنع التغيير”.

وشارك في الجلسة كل من الدكتور إسماعيل لبّد، مسؤول قسم الإحصاءات الديمغرافية والاجتماعية في الإسكوا، والدكتور ماجد عثمان، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأسبق في جمهورية مصر العربية، والرئيس التنفيذي ومدير المركز المصري لبحوث الرأي العام (بصيرة)، والدكتور مروان الخواجة، رئيس قسم الإحصاءات السكانية والاجتماعية في الإسكوا، وأدارها الدكتور أحمد حسين، مستشار إحصائي في المركز الوطني للإحصاء بقطر.

غياب الإحصاء السكّاني

وقال الدكتور إسماعيل لبّد: “هناك بلدان متأثرة بالأزمات لا نعرف شيئاً عن خصائص السكان فيها منذ 20 عاماً، وهناك بلد لم يُجرِ إحصاءات سكّانية منذ قرن، مع أن تلك الظروف بالذات تحتاج فيها الدول إلى البيانات أكثر من أي وقت مضى؛ إذ لا بد جمع بيانات السكان، لأهميته في الإغاثة والتنمية حيث تحتاج المنظمات إلى بيانات آنية لتحديد احتياجات السكان بحسب أماكن وجودهم، لكن الواقع غير ذلك، إذ تشهد فترة النزاعات حالات نزوح جماعية تصعب معها عمليات المسح”.

وأشار الدكتور لبّد إلى أن هناك تحديات تواجه المسوحات السكانية، كالمخاطر الأمنية، ونزوح السكان، والافتقار إلى البنية التحتية، وعدم الثقة، ومحدودية الموارد، وكل هذه الأمور تؤثر على العمل الإحصائي. مؤكداً أن تداعيات المسوحات تشمل مخاوف متعلقة بالأخلاق وخصوصية البيانات، وتخصيص الموارد، وتوافر البيانات وجودتها وموثوقيتها، والقيود المنهجية.

آليات استرجاع البيانات

من جهته، أكد الدكتور ماجد عثمان أن التغير المناخي والكوارث البيئية والفيضانات والزلازل والأوبئة، إضافة إلى النازاعات وغيرها من الأزمات، تؤدي إلى تغيُّر كبير في تعامل الأجهزة الإحصائية مع المنتجات الإحصائية العادية.

وأضاف: “هناك العديد من التوصيات التي ينبغي أن نزود بها الدول التي تعيش في ظروف طبيعية ولكنها معرضة لأزمات، فلا بد من استخدام تكنولوجيا ونظم إدارية مرنة؛ فمثلاً، إذا حدث زلزال في موقع جهاز الإحصاء هل ستضيع كل البيانات أم يمكن إتاحتها في مكان آخر لإمكانية استرجاعها؟ لأن خسائر البيانات التاريخية لا يمكن تعويضها”.

فقدان البنية التحتية للإحصاء

بدوره، أكد الدكتور مروان الخواجة، أن النزاعات المستمرة تجعل جمع البيانات بشكل متسق وشامل أمراً شبه مستحيل في العديد من المناطق. وعلى الرغم من ذلك، تظل البيانات شريان الحياة لصنع السياسات، مما يبرز أهمية مواصلة هذه الجهود حتى في أشد الظروف قسوة، ممثلاً لذلك بغزة، حيث أدى تدمير البنية التحتية إلى صعوبة بالغة في عمل المؤسسات الإحصائية وحال دون إنجاز مهامها في جمع البيانات.

وأضاف: “من دون التعداد السكاني أو مصادر البيانات الحيوية الأخرى، لا تستطيع هذه الدول تقييم سكانها بدقة، كما أن عدم وجود بيانات يعوق التخطيط الاجتماعي والاقتصادي، وغالباً ما تضيع البيانات الموثوقة عن النساء والأطفال والفئات الضعيفة في الفوضى، مما يعقد الجهود الرامية إلى تقديم الحماية والدعم لهم”.

انتهى-