كتب أسامة عبد المقصود

كتاب يحاكي استشراف المستقبل والمخاطر المتوقعة حتى ٢٠٥٠

بات استشراف المستقبل امرأ طبيعيا ،ومجالاً  مفتوحاً  أمام العلماء، فما كنا ننظر إليه في الماضي على أنه مستحيل أضحى بالعلم ممكن، والتوقعات لم تأتي بالتخمين وإنما تأتي بالدراسات والمعطيات التي تستجد من وقت لأخر، ومعرفة العلماء للعواقب الوخيمة التي يمارسها سكان الأرض، من تدمير  الطبيعة وما يترتب عليها من مخاطر، وحول هذه الفكرة نستكشف، إصدار كتاب جديد يتحدث عن المخاطر الدولية وانعكاساتها المتوقعة عالميا وإقليميا.

في هذا الشأن قدم الدكتور سعيد سيف المطروشي، الأمين العام للمجلس التنفيذي لإمارة عجمان، مع الدكتور محمد عبيد محمد المستشار القانوني للمجلس التنفيذي، مؤلفا جديدا بعنوان ” قراءة في أهم التوجهات والمخاطر الدولية وانعكاساتها المتوقعة عالميا وإقليميا” وذلك للفترة من عام ٢٠٢٠ إلى عام ٢٠٥٠م .

 ويقع الكتاب في ٢٣٢صفحة من القطع الكبيرة، وتمت طباعته  بتصميم فاخر، يليق بالجهة التي عملت على إصداره.

يحتوي الفصل الأول من الكتاب المعنون بالمخاطر العالمية لعام ٢٠٢٠، بحثان الأول عبارة عن تقرير المخاطر العالمية ٢٠٢٠ الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، والبحث الثاني تقرير المخاطر المستقبلية الصادر عن أكسا، أما الفصل الثاني فيضم ثلاث أبحاث الأول يناقش حالة المستقبل عام ٢٠٣٠ أثر التوجهات العالمية الكبرى على تشكيل الحكومات، بينما جاء البحث الثاني يعبر عن اتجاهات وتحولات وفرص وتحديات، والمبحث الثالث يطرح توقعات المستقبل و١٠٠ توجه عالمي لعام ٢٠٥٠

جاء الكتاب في وقت يحتاج فيه العالم لرؤى متنوعة وصادقة في التناول لتضع المخاطر المحتملة وحلولها أو على الأقل التنبيه إليها، فالكتاب يعكس دور المسئولين المشرف في طرح مثل هذه الأفكار البناءة والتي تعتبر مرجعا ونموذجا لتحمل المسؤولية والعمل على الحيطة لتجنب المخاطر بسن القوانين الملائمة للخروج من المخاطر المتوقعة، والكتاب كتب بلغة سلسة وبسيطة ليفهمها الغير المتخصصين، فاعتقادي أن اللغة كمكون أساسي للتواصل لابد ان تخرج عن نمط التنظير واستخدام المصطلحات المعقدة التي يصعب على غير المهتمين بالمجال استيعابها، لكن راعى الكاتبين أن تكون لغة الكتاب جاذبة للقارئ، وذلك من خلال تبسيط الفكرة ووضعها في قالب أدبي.

وقد أهتما مؤلفي الكتاب الدكتور سعيد المطروشي والدكتور محمد عبيد، بوضع رؤية شاملة أمام متخذي القرار، والكتاب يهدف إلى تثقيف الشعوب ونشر المعرفة والثقافة الخاصة بمفهوم التقييم الموضوعي للمخاطر والعمل على تجنبها، حيث أن التطورات المتسارعة منذ بدايات القرن الحالي تحتم على الدول والحكومات والمنظمات الدولية والإقليمية، أن تضع في قائمة أولوياتها، وجوب الدراسة المتأنية لواقع ومستقبل تلك التطورات، فهذه الدراسة تشارك في اتخاذ القرار الحكيم سواء على الأصعدة الوطنية أو العالمية، كما هو معلوم بالأزمات الاقتصادية المتكررة، والتغيرات المناخية المتلاحقة، والتقدم الهائل في مجال التكنولوجيا، بالإضافة إلى اختلال التركيبة السكانية، فضلا عن تصاعد أزمات الديون الخارجية، وأشار الكتاب إلى التوجيهات والمخاطر الدولية التى باتت تفرزها الأحداث العالمية، ولسنا من انتشار فيروس كورونا ببعيد، وجاء الكتاب بمجموعة من التوصيات التى تفيد التعامل على المستويات الوطنية والمحلية والإقليمية.

منح المؤلفان الدكتور سعيد المطروشي والدكتور محمد عبيد للقارئ فرصة كبيرة للتحصيل المعرفي، وذلك من خلال تلخيص مفهوم الكتاب وما يهدف له في عدة صفحات بالخاتمة، وأرى أن هذا سلوك يعكس إدراك المؤلفين لتوصيل الفكرة إلى أكبر قاعدة من القراء، وبهذه الحالة سيكون الكتاب عام وليس خاص او موجه لأصحاب القرار، فكل إنسان يعيش على هذا الكوكب مسئول عن تجنب المخاطر، والتفكير الدائم في وضع الحلول حتى لا تقع المشكلة، وهذا الدور المهم من طرح هذا الكتاب، والإشارة إلى أن الكتاب يتحدث عن المستقبل يمنح هذا المؤلف العلامة الكاملة، فالاقتصاديين عندما يتحدثون فهم ينقلون تصوراتهم بناء على تقارير واحتمالات ومعطيات ستؤدي في النهاية إلى نتائج، فهم الأقدر على استشراف المستقبل ومعرفة على الأقل المتغيرات المتوقعة.

في تصوري أن هذا الكتاب يصلح للجميع، فهو دراسة متكاملة ترتقي لرسالة دكتوراه لما تضمه من فصول وأبحاث وعناوين رئيسية وأخرى فرعية، فالكتاب نموذج لدستور حياة، فإذا ما قرأه شخص عادي سيكتشف من خلاله أسلوب توقع المخاطر والعمل على تجنبها، وعلى أرباب البيوت أخذ الحيطة والاعتماد على الخطة طويلة المدى، وبناء جسر قوي مع الجيران وعمل ما يسمى بالتكافل المجتمعي ضد المخاطر، والمشاركة  في التقليل من الانبعاثات الكربونية والحفاظ على البيئة والاعتماد على الطاقة النظيفة، لأن الكل في واحد تعتبر نظرية دفاع عن مقدرات الكون، وما يتماشى مع فكرة الكتاب الذي مهد للمسئولين رؤى وحلول لما هو قادم.

انتهى