يشهد معرض الشارقة الدولي للكتاب 2025 حضورًا لافتًا للقصّة والرواية العربية في أبهى تجلياتها الإبداعية، إذ تتنافس دور النشر في تقديم أحدث أعمالها السردية التي تمزج بين الأصالة والتجريب، وبين الحكاية والرسالة، لتؤكد أن الرواية العربية ما زالت فضاء رحبًا لتوثيق الماضي والتجديد واستشراف المستقبل.
من القوائم الأدبية إلى مسارح الإبداع

ومن بين الإصدارات التي حجزت مكانها في القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية 2025، تبرز رواية “وادي الفراشات” للكاتب أزهر جرجيس، الصادرة عن دار الرافدين، التي تمزج الخيال بالواقع في حكاية تتأرجح بين المأساة والكوميديا، بطلها زوج متعثر يتحول إلى سائق جنائز في رحلة بحث عن ذاته بين الأزقة والحواري، ليكتشف أن الفقدان الذي أتعبه هو ذاته الذي ينتشله من الفشل.
وتقدّم دار الساقي روايتين أدرجتا ضمن القائمة الطويلة للجائزة، هما: “أغنيات للعتمة” للكاتبة إيمان حميدان، وهي عمل يتناول الألم الشخصي والجماعي في لبنان، عبر حكايات أربع نساء تتقاطع مصائرهنّ بين عامي 1908 و1982، في سرد يرصد تحولات تاريخية واجتماعية كبرى من زمن العثمانيين إلى ما بعد الانتداب الفرنسي، بلغة مشحونة بالعاطفة والوعي الإنساني.
ورواية “ما رأت زينة وما لم تر” للروائية رشيدة الضعيف، وهي عمل يبحر في عوالم النفس الإنسانية، مستعرضًا تجارب الحب والفقد والأمل بأسلوب سرديّ متين يلامس تفاصيل المشاعر البشرية ويعكس فلسفة الكاتبة في فهم الذات والعلاقات.
روايات جديدة تحتفي بالخيال الإنساني وتكسر القوالب
بدورها تقدّم دار عصير الكتب للقارئ إصدارات جديدة بارزة في أدب القصص والروايات منها: “القصة ما قبل الأخيرة” للدكتور خالد غطاس، وهي رحلة فكرية وشعورية جريئة يخوضها القارئ مع البطل في خمسة عشر فصلًا، تجمع بين الفلسفة والحياة والحب والخوف من الفقد، بأسلوب يمزج بين الواقع والخيال.
وأمّا رواية “317 – لا تفتح على نفسك أبواب الجحيم” للكاتب أحمد علي الصادرة حديثا عن دار حروف للنشر، فتقدّم تجربة تضعك وجهاً لوجه مع أسوء مخاوفك ومع أسرارك الدفينة، في رحلة نفسية داكنة مشبعة بالتقلبات والصدمات تفضح هشاشة الإنسان حين يواجه ذاته.
ومن دار الرافدين، تأتي رواية “مدن الحليب والثلج” للكاتبة جليلة السيد، التي تروي قصة أمّ تقاتل من أجل أطفالها، وتخوض دائرة النار حتى النهاية، في نصّ إنساني صادق يضع القارئ أمام اختبار الضمير والرحمة.

كما تسجّل دار آفاق للنشر حضورها برواية “إسبيرانزا” للكاتب مشاري بودريد، وتتناول قصة حب ووفاء تتقاطع فيها مشاعر الفقد والتوبة والفضائل في مواجهة المصير الإنساني.
وتشارك دار الأهلية للنشر برواية “غرناطة آخر الأيام” للكاتب وليد سيف، التي تستعيد المشهد الأخير من التاريخ الأندلسي، من خلال حكاية تسليم مفاتيح غرناطة، لتقدّم رؤية أدبية مؤثرة عن سقوط الحلم العربي في الأندلس، وما تبقّى من وهج الحضارة.

أما دار العين للنشر، فتأخذ القرّاء في رحلة مشوّقة عبر رواية “اللوكندة الحمراء” للروائي عماد مدين، حيث يعود السرد إلى أزقة الإسكندرية ليحكي مغامرات “البارون” و”أمّ نسمة” وسكان اللوكاندة الغامضة، في حبكة تجمع بين التشويق والدراما الاجتماعية والنقد الساخر.

وفي رواية “أحلام سعيدة” للروائي أحمد الملواني والصادرة عن دار كتوبيا للنشر، والتي تم إدراجها في القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية، فتدور أحداثها في دولة مجهولة، حيث توصلت الحكومة إلى فكرة الحفاظ على موارد الدولة، وفي إجبار نصف الشعب على النوم ليوم كامل، عن طريق شريحة صغيرة يتم زرعها تحت جلد المواطن. على أن يستيقظ نصف الشعب في اليوم التالي لينام النصف الآخر. وقد تم اختيار مواعيد النوم والصحو لكل مواطن عن طريق قرعة علنية. ولكن القرعة كانت ظالمة لبطل الرواية أكرم، حيث وضعته في موعد للصحو مخالف لموعد استيقاظ زوجته هالة.
بانوراما سردية تستحق الاكتشاف
بهذا التنوع الثرّي في الموضوعات والأساليب، يقدّم معرض الشارقة الدولي للكتاب لوحة بانورامية للرواية العربية المعاصرة، حيث تتقاطع الرؤى وتتلاقى الأصوات في احتفاء بالحكاية والخيال والإنسان. وهي فرصة لكل قارئ ليعيد اكتشاف سحر الأدب العربي في أبهى صوره، وليشهد كيف تواصل الرواية دورها في فهم العالم وتغييره، كلمة بعد أخرى. وتتواصل فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب حتى 16 نوفمبر الجاري في مركز إكسبو الشارقة.
-انتهى-