“علم النفس يهدف إلى تطوير مهارات الأفراد وتحسين قدراتهم على التكيف مع بيئتهم، وهو موجه للجميع، وليس للمرضى” بهذه العبارة استهلت جلسة نقاشية بعنوان “حوار المستقبل… صحتي مسؤوليتي”، ضمن فعاليات اليوم الثاني من الدورة العاشرة لمؤتمر “صحتي”، الذي تنظمه إدارة التثقيف الصحي بالمجلس الأعلى لشؤون الأسرة، في قاعة الرازي بجامعة الشارقة، تحت شعار “الصحة والرفاه”.

وتحدث خلالها كل من الدكتورة بنة يوسف بوزبون، مسؤولة الصحة النفسية في مركز “كنف” بإدارة سلامة الطفل بإمارة الشارقة، والدكتورة أمل عبدالرحمن الجودر، خبيرة ومدربة تعزيز صحة وجودة حياة، وممارسة لعلم النفس الإيجابي في مملكة البحرين، والدكتورة وداد الحاج الميدور المهيري، مديرة مركز عمليات الطوارئ في مؤسسة الإمارات للخدمات الصحية، إلى جانب عدد من الشباب اليافعين أعضاء “مجلس شورى شباب الشارقة”، وأدار الجلسة الإعلامي أحمد بوكلاه لوتاه.

أكد المتحدثون أن الصحة تشكل الركيزة الأساسية لممارسة الحياة الطبيعية في جميع المجالات، وحذروا من الشائعات التي تروج لفكرة أن السجائر الإلكترونية أقل ضرراً، مؤكدين أنها لا تختلف عن التقليدية في تسببها بالإدمان وأمراض السرطان والرئة الخطيرة.

علم النفس للجميع

وفي حديثها حول المعلومات علم النفس، أكدت الدكتورة بنة يوسف خلال الجلسة أن الأمراض النفسية تُعد حالات استثنائية في علم النفس، مشيرة إلى أن علم النفس يهدف أساساً إلى تطوير مهارات الأفراد ورفع قدرتهم على التكيف مع البيئة المحيطة، وهو موجه للأشخاص للجميع وليس فقط للمرضى. وأوضحت أن جميع البشر يواجهون مشكلات نفسية وأزمات حياتية، إلا أن هذه المشكلات لا تُعتبر أمراضاً بالضرورة.

وأضافت أن الذهاب إلى الطبيب النفسي لا يعني بالضرورة أن الشخص مريض، بل هو أمر طبيعي لمواجهة مواقف الحياة الصعبة التي قد تثير مشاعر الضيق أو الاكتئاب أو اليأس. مشيرة إلى أن من لا يشعر بالضيق في تلك المواقف قد يكون غير طبيعي. ولفتت الدكتورة إلى أن مواقف الحياة ليست هي التي تولّد المشكلات، بل طريقة تعاملنا مع تلك المواقف ونظرتنا إليها هي ما يحولها إلى صعوبات نفسية

الصحة أساس الحياة الطبيعية

بدورها، أوضحت الدكتورة أمل عبد الرحمن أن الصحة هي الشرط الأساسي لممارسة الحياة الطبيعية في جميع المجالات التعليمية والمهنية والعملية والتربوية، مؤكدة أن إرادة الإنسان هي العامل الحاسم في تحقيق الأهداف، فكلما كانت الإرادة حقيقية ومدعومة بهدف واقعي ومحدد، تمكن الفرد من تحقيق ما يريد، ومع ذلك أشارت إلى أن الإرادة الحقيقية تتطلب توفر المعرفة، المهارة في اتخاذ القرار، والذكاء، والدافع لتحقيق النجاح.

وتناولت الدكتورة أمل الفرق بين ما يقدمه العقل وما يقدمه الوجدان، مبينة أن العقل يمد الإنسان بقناعات إيجابية حول أهمية الغذاء الصحي والنشاط البدني، إلا أن الوجدان والمشاعر قد تمنعه من اتباع تلك السلوكيات. وفي هذا السياق، أكدت أن بعض الأسر تركز على راحتها الشخصية وتترك أبنائها أمام شاشات الهواتف والأجهزة اللوحية، بدلاً من التركيز على تطوير مهاراتهم.

السجائر الإلكترونية كالتقليدية في الضرر

من جهتها، أوضحت الدكتورة وداد الحاج الميدور المهيري أن السجائر الإلكترونية هي أداة متطورة لإيصال التبغ إلى المستخدمين، حيث تستغل الجاذبية البصرية للشباب من خلال الألوان المغرية، والأسعار المنخفضة، والنكهات المتنوعة. ولفتت إلى أن ما يُشاع حول أنها تعمل بتقنيات حديثة تقلل من الإدمان هو في الحقيقة كلمة حق يُراد بها باطل.

وأضافت أن الدراسات العلمية أكدت بما لا يدع مجالاً للشك أن السجائر الإلكترونية لا تختلف عن السجائر التقليدية في تسببها بالإدمان ومخاطر الإصابة بالسرطان وأمراض الرئة وغيرها من الأمراض الخطيرة المرتبطة بالتدخين. وقالت: “كل التدخين ضار فلتكن ذا قرار”.

 مواجهة التحديات النفسية مسؤولية مجتمعية

بدورهم، أكد ممثلو مجلس شورى شباب الشارقة أن مواجهة التحديات النفسية والاجتماعية ليست مسؤولية فردية فحسب، بل هي مسؤولية مجتمعية أيضاً، مشيرين إلى أهمية التفاعل الإيجابي مع المجتمع المحيط. ولفتوا إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي واللقاءات الافتراضية، بالإضافة إلى نمط الحياة الذي نعيشه في ظل هذه التقنيات، تفرض ضغوطات كبيرة على الأفراد. ولذلك، يجب التعامل مع هذه الضغوطات بحكمة وبروح التعاون الجماعي من أجل مواجهتها بفعالية وإيجابية.

-انتهى-