خبراء ومتخصصون: الكتب تحتاج إلى ترويج مدروس والاستدامة هي الضمانة الحقيقية لمستقبل النشر
استعرض المشاركون في “مؤتمر الموزعين الدولي” الذي نظمته هيئة الشارقة للكتاب، تجارب ملهمة في تسويق الكتب بالتجزئة، وطرحوا أفكارًا حول تعزيز الاستدامة في قطاع توزيع الكتب، وذلك خلال جلستين اختتم بهما المؤتمر أعماله اليوم الثلاثاء، وعقدت بينهما مجموعة ورش تفاعلية جمعت المشاركين لتبادل الخبرات وتنسيق مشاريع مشتركة لتطوير أعمال التوزيع وتوقيع العقود وشراء حقوق التوزيع.
تجربة “كينوكونيا” الإمارات
وخلال حديثه في الجلسة التي جاءت بعنوان “عناصر التسويق الخمسة لمتاجر البيع بالتجزئة: النجاحات والإخفاقات والدروس المستقاة خلال 30 عاماً في بيع الكتب”، أشار ستيف جونز، مدير متجر “كتب كينوكونيا” بدولة الإمارات العربية المتحدة، إلى أن النجاح في بيع الكتب يتطلب مراعاة مجموعة عناصر، وهي: النظر إلى الكتاب كمنتج مثل غيره من المنتجات التي تتطلب ترويجاً مدروساً واهتماماً بالجودة، والتركيز على مكان وبيئة العرض، ودراسة أثر مؤشرات الأسعار على التسويق، ومنح أولوية للترويج، والتعرف بشكل واضح على مجتمع القراء المستهلكين، بالإضافة إلى الجوانب اللوجستية المتعلقة بتنظيم عملية التسويق والبيع.
وتطرق إلى أهمية توفير كتب عالية الجودة لجذب القراء والحفاظ على بيئة المكتبة من حيث جاهزيتها لاستقبال العملاء، والترويج الجيد للكتب من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، والحرص على استقطاب موظفين على دراية تامة بطبيعة العمل في تسويق الكتب والقدرة على التواصل مع العملاء وإرشادهم إلى العناوين التي يتطابق مضمونها مع اهتماماتهم.
وأوضح أن اتباع هذه المبادئ يساعد بائعي الكتب على منافسة غيرهم من أصحاب المهن الأخرى التي تشترك مع مهنة بيع الكتب في جانب الترويج والتسويق والتعريف الجيد بالمنتج، وختم ستيف جونز كلمته بنصيحة لبائع الكتب قال فيها: “من المهم أن تضع في اعتبارك أن بيع الكتب صناعة صعبة، لكن التركيز على مبادئ التسويق الفعالة يمكن أن يجذب العملاء ويساعدك في الاحتفاظ بهم بقدر ما توفر لهم من كتب ذات قيمة وجودة عالية”.
الاستدامة وتشارك المعلومات
وبدوره تحدث فابيان باغمان المدير الإداري لمكتبات باغمان في هولندا في آخر جلسات المؤتمر التي حملت عنوان “4 ملاحظات حول الاستدامة” وعرض خلالها تجربة عمله في اتحاد بائعي الكتب الأوروبي والدولي (EIBF) منذ عام 2012، وهو اتحاد يمثل جمعيات بائعي الكتب نجح في توزيع أكثر من 25 ألف كتاب.
وأشار إلى أن الاتحاد الذي يتولى منصب نائب الرئيس في إدارته، يسعى لتحقيق الاستدامة والنمو في هذا قطاع التوزيع على المستوى الدولي، ويحرص على مشاركة الخبرات والمعلومات التي تكونت لديه مع المنظمات والاتحادات الأخرى المهتمة بالثقافة والمعرفة، واعتبر “المؤتمر الدولي للموزعين” الذي نظمته فرصة ذهبية لنقل تجارب الموزعين والاستفادة منها.
وقال: “إن عمل الموزعين ليس مجرد نقل الكتب من مكان إلى آخر، بل هو إيصال رسالة ثقافية واجتماعية، وإنشاء فرص عمل واستثمار في المجتمعات المحلية، كما أن الموزعين يلعبون دوراً هاماً في توجيه المحتوى وخدمة المجتمع من خلال القراءة، ولهذا نحن نفاوض صنّاع القرار والسياسات لتسهيل عمل الموزعين ودعمهم”.
وأوضح فابيان باغمان أن التطوير والابتكار والاستدامة ركائز أساسية لضمان مستقبل توزيع الكتب، وأن اتحاد بائعي الكتب الأوروبي والدولي يولي اهتماماً كبيراً للتكنولوجيا الحديثة والبرامج التدريبية التي تبني جسور الاستدامة، ودعا الموزعين إلى الاستفادة من مختلف المبادرات والأنشطة التي تركز على التعلم واستكشاف آليات ووسائل أكثر فعالية في مجال توزيع الكتب.
وختم حديثه بالإشارة إلى أن اطلاع الموزعين على مختلف التجارب والمبادرات لا يكفي، بسب وجود تحديات كبيرة تشكل عائقاً أمام دخولهم إلى أسواق جديدة وذلك يتطلب بناء جسور بين الموزعين أنفسهم لإرشادهم والتنسيق بينهم، لافتاً إلى أن إحدى مهام (EIBF) هي دراسة وتحليل تجارب الموزعين وبحث الاستدامة في هذا القطاع من خلال جمع المعلومات وإتاحتها للجميع للاستفادة منها على مستوى عالمي.
18 ورشة عمل
ولم يقتصر “المؤتمر الدولي للموزعين” على الجلسات الرئيسية التي تناولت قضايا استراتيجية وتحليلية في مجال توزيع الكتب، حيث نظم 18 ورشة عمل متنوعة تناولت موضوعات مهمة مثل دور البيانات في صناعة الكتاب وكيفية استخدامها بشكل فعال، وأهمية الاستدامة في ظل التغيرات البيئية والاقتصادية، وكيفية تقديم خدمة عملاء ممتازة تزيد من رضا القراء وولائهم، وكيفية بناء مجتمع قارئ نشط ومشارك.
وشارك في الورش خبراء بارزين من جميع أنحاء العالم، من بينهم فيكرانت ماثور ومامدو وانلي من “نيلسن بوك سيرفيس”، وأمبر هاريسون من “فولدي دورست”، وسونيا دراجا من “مكتبات سونيا دراجا” في بولندا، وجوراف شريناجش وسايروس خرادي من Penguin Random House في الولايات المتحدة وجنوب شرق آسيا.