الإنسان الإماراتي منح الطيور مكانتها المستحقة أدباً وتراثاً ورعاية
اتفق الحاضرون في أمسية “حكايات الطيور في المخيال الشعبي الإماراتي” التي أقيمت على هامش ملتقى الشارقة الدولي للراوي بنسخته الـ24، الذي ينظمه معهد الشارقة للتراث، على أن الإنسان الإماراتي منح الطيور عبر العصور مكانتها المستحقة احتضانًا ورعاية، وامتد ذلك إلى أدبه وتراثه الشعبي. وصارت العناية بالطيور وتهيئة البيئات الآمنة لها من الوصايا المهمة التي تتناقلها الأجيال على أرض الإمارات.
وقال سعادة الدكتور عبد العزيز المسلم، رئيس معهد الشارقة للتراث، في ورقته “حكايات الطيور والكائنات الخرافية المحلقة”: “إن للطير في الإمارات رمزية محددة، فالحمام يرمز للمسالمة، والصقر للشجاعة، والغراب للمرشد في الدفن، والنورس يُطمئن بالوصول إلى الساحل، والحمام يدل على البراءة والطيبة والأمان”. ثم ذكر أمثلة لعدد من القصص الشعبية المحلية المتداولة، مبينًا أهمية وضرورة الإسراع في تدوين أدق التفاصيل التراثية للحفاظ عليها من الاندثار والضياع، ومؤكدًا أن هذا العمل مسؤولية الجميع ولا يتوقف على شخص معين أو جهة محددة.
وفي ورقته المعنونة “أسطورة الهدهد في تراثنا الشعبي”، تحدث الدكتور راشد المزروعي عن صورة هذا الطائر الفريد في تراثات الشعوب، مبينًا أن حضوره الأقوى كان في الثقافة الإسلامية، ومنها قصته المعروفة مع النبي سليمان في القرآن الكريم، بالإضافة إلى حضوره المؤثر في التراث الشعبي المحلي. وذكر أنه حصل على قصيدة شعبية نادرة من لسان أحد المسنين في المنطقة الشرقية، يقول مطلعها: “يوم النبي سليمان برد ينتظر
ويشوف ألوان الطيور الوافدة”
ومنها قصيدة للشاعر المرحوم محمد بن ذيبان، يقول فيها:
“يا طير بن داوود ما شفت بلقيس؟
في ديرتي يا صاحب التاج قولي
يا هدهد سليمان فتش عن العيس،
عساه نوّخ في حمى الدار حلّ”
كما تطرق إلى ذكر الهدهد في الأمثال الشعبية، وأشار إلى المثل المحلي المعروف “هذه ضيافة هدهد” للدلالة على قلة الجود في الضيافة.
وتحدثت فاطمة المغني عن “رمزية الطير في الحكايات والمعتقدات الشعبية الإماراتية”، مبينة أن جميع رموز الحب والجمال والبهجة، وحتى الشؤم والحزن والخبر اليقين، تأتي من الطيور. وشرحت بعض هذه الرموز، ذاكرةً أمثلة عن علاقة الغراب بقدوم ضيف، وعلاقة الدجاجة بالطمع، وعلاقة الحمامة بالسلامة، وغير ذلك.
وأشارت الدكتورة بديعة الهاشمي في ورقتها “الطير في الحكايات الشعبية الإماراتية” إلى أن اختيار الطيور في المخيال الشعبي له علاقة بنوع الرواية ومدى كونها فاعلة في السرديات. وذكرت أن الأدب الشعبي يعطي للطيور حكايات متناقضة؛ فتارة يجعلها علامة للأحزان، وتارة للأفراح، وأخرى للكره أو المحبة. وقد توسع الخيال حتى ساق قصصًا شعبية عن تحول الإنسان إلى طير بسبب فعل خاطئ أو سحر وقع عليه.
وحول “عالم الطيور في الخرافات والحكايات الشعبية”، تحدثت الدكتورة هند السعيدي عن كيف جذب عالم الطيور الإنسان منذ القدم، بما يحمله من شكل وصوت وفوائد أثرت في حياته. وشرحت عددًا من الأساطير التي تميزت بها المعتقدات حول العالم، مبينة أن الاهتمام بالطيور انعكس في تناول معظم ما له علاقة بها، كالأجنحة والريش والأعشاش والبيض. وتطرقت أيضًا إلى الحديث بين الطيور والإنسان، وأخرى تحدثت عن الشخصيات البشرية التي تتحول إلى طيور.
انتهى