الاقتصاد الأخضر يتطلب تفعيل الالتزامات البيئية وبناء منظومات متكاملة تدعم نمو الأسواق واستقرارها
أكد خبراء واقتصاديون دوليون، أن بناء الاقتصاد الأخضر يتطلب منظومة سياسات متكاملة، وخبرات قادرة على فهم احتياجات القطاع الخاص وربطها بفرص العمل وإعادة تأهيل المهارات، وشددوا على أهمية دور المستهلكين في الحد من الانبعاثات الكربونية، وأشاروا إلى أن 60 % من الشباب مستعدون لدفع تكلفة إضافية مقابل منتجات صديقة للبيئة، ما يجعل من الاقتصاد الأخضر نواة اقتصاد المستقبل، كما دعا الخبراء إلى تفعيل الالتزامات البيئية وتحويلها إلى سياسات فاعلة

جاء ذلك خلال جلسة حوارية ضمن فعاليات “منتدى الشارقة للاستثمار” و”مؤتمر الاستثمار العالمي” 2025، أقيمت تحت عنوان: ” الذهب الأخضر: الميزة التنافسية من خلال الاستثمار المستدام”، وسلطت الضوء على السياسات، والتمويل، والفرص التي يمكن أن تجعل من الاستدامة محركاً رئيسياً للنمو والاستدامة.

وشارك في الجلسة كل من، ري فيس كيلدجارد، مديرة إدارة المؤسسات المستدامة والإنتاجية والانتقال العادل في منظمة العمل الدولية، والبروفيسور راي كوون تشونغ، سفير تغير المناخ وعضو مجلس إدارة مؤسسة بان كي مون والحائز على جائزة نوبل للسلام، وهاني إدريس، عضو مجلس إدارة مصرف التنمية الدولي، و البروفيسورة ليزا ساتش، المديرة التنفيذية لمركز الاستثمار المستدام، في جامعة كولومبيا، وروزلين نجينو، خبيرة الاستثمار، في الأمانة العامة لمنطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية ، وأدار الجلسة جاكوبو ديتوني، رئيس تحرير مجلة “الاستثمار الأجنبي المباشر” التابعة لمجموعة “فاينانشال تايمز” البريطانية، وعضو المجلس التنفيذي لمؤتمر الاستثمار العالمي.

تجارب عالمية في الاقتصاد الأخضر
واستعرضت ري فيس كيلدجارد، إحدى التجارب في سلطنة عُمان في مشروع للبطاريات الكهربائية، حيث ركز على دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، موفراً أكثر من 2700 وظيفة هندسية خصص 20 % منها للنساء. كما أشارت إلى تجربة البرازيل التي خلقت أكثر من 90 ألف فرصة عمل في الصناعات الزراعية المستدامة، مما ساهم في تعزيز الاقتصاد المحلي وتحقيق الشمول الاجتماعي.

من جانبه، شدد البروفيسور راي كوون تشونغ، على أهمية دور المستهلكين في الحد من الانبعاثات الكربونية، مشيراً إلى أن 60 % من الشباب مستعدون لدفع تكلفة إضافية مقابل منتجات صديقة للبيئة. واستشهد بتجارب شخصيات من مختلف بلدان العالم تبنوا خيار الزراعة المستدامة، ونجحوا في تحقيق عوائد مالية عالية، ما يعكس الجدوى الاقتصادية للتحول الأخضر.
التمويل المستدام وإدارة المخاطر
أما من منظور مالي، فأوضح هاني إدريس، أن التمويل المستدام أصبح محورياً في إدارة المخاطر الائتمانية، خصوصاً في الأسواق الهامشية. ودعا إلى تفعيل أدوات تمويل مثل الصكوك الخضراء وضمانات المشاركة في المخاطر لتعزيز تدفقات رأس المال نحو المشاريع الخضراء، مؤكداً أن الاستدامة أصبحت معياراً تنافسياً في التقييم المصرفي.

وفي السياق ذاته، لفتت البروفيسورة ليزا ساتش إلى أن تحدي الوصول إلى البنية التحتية للطاقة النظيفة يمثل العقبة الكبرى أمام الاستثمارات المستدامة، مشيرة إلى المفارقة بأن إفريقيا تمتلك 60% من موارد الطاقة الشمسية في العالم، بينما يفتقر 80 % من سكانها إلى مصادر طاقة نظيفة بسبب التعقيدات البيروقراطية.
من جانبها، دعت روزلين نجينو، إلى تحويل الالتزامات البيئية إلى تشريعات فاعلة، مشيرة إلى أن 55 دولة إفريقية صادقت على أطر قانونية تدعم الاستدامة، لكنها ما تزال بحاجة إلى تفعيل سياسي ومؤسسي يترجم تلك الالتزامات إلى واقع.
انتهى