نساء يحترفن الغوص وقبعات يدوية تصنع من شعر الحيوانات النادرة

دهشة كبيرة، وإعجاب لافت يمكن مشاهدته بوضوح على وجوه الزائرين لجناح مقاطعة (جيجو) الكورية الجنوبية -ضيف الشرف هذا العام لفعاليات الدورة 21 من أيام الشارقة التراثية- في ضوء ما تميزت به هذه المدينة التي تكاد تكون الوحيدة عالمياً وهي تعيش في قلب تراثها الشعبي حالياً، بعد أن أوقفت زحف التطور وهي تصر على مزاولة ذات المهن، وتستعمل ذات الآلات والأدوات التي استعملها أسلافهم منذ مئات السنين.

يروي الجناح مجموعة من تقاليد وثقافات ومهن هذه المقاطعة التي أهلتها للدخول على لائحة التراث العالمي لليونسكو بجدارة تامة، ومن بين هذه القصص كانت عن نساء “الهاينيو”، وهي وصف للنساء اللواتي يحترفن مهنة، أو قل فن الغوص، حيث أن هذه المهنة حكر على النساء فقط، بينما يعمل الرجال في الزراعة، ويتعلم نساء جيجيو المهنة بين اعمار 7-8 سنوات، ويغصن إلى عمق يصل إلى 40 متراً من دون أجهزة غوص، حيث يكسبن أقواتهن من خلال جمع آذان البحر، والقواقع، والطحالب وغيرها، وقد فرضت عليهن طبيعة المكان التوجه إلى البحر بسبب ندرة الأراضي الزراعية.

ولتخليد عمل هؤلاء النسوة، ضم الجناح المشارك بفعاليات أيام الشارقة التراثية التي تستمر لغاية 3 من مارس المقبل أركاناً عدة، كالأثاث الخشبي، والحرف الشعبية، والحياة المائية التي تضمن كل منها عرض مجموعة من الأدوات التي توقفك على الحياة اليومية التي يعيشها أهل المقاطعة منذ القدم الى اليوم، كالجرار والصناديق وأدوات الصيد المصنوعة جميعاً من مواد الطبيعة، وقد أرفق الجناح صوراً وفيلماً تعريفياً يوقفك بصورة مقربة من ذلك، ولفائدة أكبر حمل كل ركن منها (كودا) خاصاً يستطيع الزائر الرجوع اليه لمعلومات موسعة أخرى، أو لاستعادة ذكريات زيارته الجميلة للمكان.

ومن البيئة البحرية إلى البرية، حيث استخدم أهالي الجزيرة النباتات البرية بدلاً من قش الأرز لصناعة الأواني المنزلية، وهي منتقاة بشكل مدروس لحماية المواد الغذائية من التلف، كما استخدموا الفيزيان، المعروف بخصائصه الباردة طبيعياً في صناعة مواد أدوات أخرى تقاوم الزمن، وتتميز بالأمان الصحي، وسهولة الاستعمال، والتكاليف البسيطة اقتصادياً، وهكذا جعل أهل الجزيرة من واقعهم صورة حية للتنوع، والاكتفاء الذاتي، والقدرة على مواجهة الظروف الصعبة، والاحتفاظ بالقيم التراثية الحية الى اليوم.

ما يلفت النظر في الجناح المذكور قيام اثنتان من النساء بصناعة القبعات يدوياً، لتكتشف أنه ليس أمراً روتينياً، فهما اثنتان من أصل ثلاثة نسوة حالياً ورثن هذه المهنة التي تشرف على الانقراض في جميع كوريا الجنوبية، حيث يطلع الزائر على القبعات وهي تصنع بشكل حي من شعر الخيول وذيول الثيران نادرة الأنواع، علماً أن صناعة القبعة الواحدة تستغرق عدداً من الشهور، لذلك كانت باهظة القيمة وهو ما جعلها لباساً يكمل زينة طبقة النبلاء في البلاد، ولم ينس الجناح تزويد الزائرين ببعض الهدايا التذكارية المشفوعة بابتسامات جميلة تعكس ما تتمتع به الجزيرة من طبيعة خلابة، وأرث حي أصيل وجميل، وأناس محبين للحياة والتواصل والسلام.