نظم نادي تراث الإمارات أمس «الثلاثاء» في مقره بمدينة العين ندوة حوارية بمناسبة يوم الوثيقة العربية ضمن برامجه الثقافية، جاءت بعنوان «وثائق الإمارات التراثية والتاريخية»، وقدمها نخبة من أصحاب الاختصاص في التاريخ والتراث.
وتحدث في المحور الأول للندوة الذي جاء بعنوان «أهمية الوثائق التاريخية في كتابة التاريخ»، الدكتور حمدان الدرعي الباحث والمؤرخ في تاريخ الإمارات، والدكتور يحيى محمد أستاذ التاريخ الحديث في جامعة الإمارات، وأدار الحوار الدكتور أدريان دي مان رئيس قسم السياحة والتراث في جامعة الإمارات.
وتناول الدرعي في حديثه إلى أهمية الوثائق حيث تعد أحد مصادر كتابة التاريخ، وركز على الوثائق المحلية لاسيما المتعلقة بمدينة العين واستعرض عدة نماذج للوثائق عبر شاشة العرض مبيناً الطرق الصحيحة لحفظها وتخزينها وإثبات صحتها، ونوه إلى محاذير التعامل مع الوثيقة وضرورة اتباع المنهج العلمي التاريخي في التحليل والإحاطة بالأحداث ومجريات الأمور التاريخية.
من جانبه تحدث الدكتور يحيى محمد عن الحصون والقلاع في مدينة العين، موضحاً أنها مصدر من مصادر التوثيق، وركز على النصوص التأسيسية ليؤكد أن المعماريين الذين بنوا هذه القلاع كانوا على اطلاع كامل بأسس بنائها. كما أشار إلى أهمية دعم دراسة التاريخ من خلال البحث في مصادر غير تقليدية، والرجوع إلى المصادر الشفهية لأهل المنطقة، والتأكد من أن هذه المصادر صالحة خلال كتابة التاريخ.
وجاء المحور الثاني من الندوة تحت عنوان «الجهود العلمية والفردية لتحقيق الوثائق المحلية وجمعها»، بمشاركة شمسة الظاهري رئيسة تحرير مجلة تراث، ومسلم العامري الإعلامي والباحث في نادي تراث الإمارات، وأدار الحوار الدكتور عماد خلف الباحث في نادي تراث الإمارات، حيث استعرضت شمسة الظاهري من خلال فيلم وثائقي مدينة العين وطبيعتها، وتحدثت بالفيديو عن منطقة المعترض وضواحيها، بالإضافة إلى المساجد والحارات والآثار والمباني والقصور والقلاع التي تميزت بها مدينة العين.
فيما أشاد مسلم العامري بجهود نادي تراث الإمارات في الحفاظ على التراث واهتمامه بنشره بين الأجيال، متناولاً تأسيس النادي والأنشطة والفعاليات التي يقوم بها، وتخصيصه مدربين تراثيين مختصين لإقامة الأنشطة والفعاليات مثل الهجن، والمحالب، والمزاينة، بالإضافة إلى تعليم الحرف اليدوية والتراثية للطلاب.
كما تحدث عن دور مركز زايد للدراسات والبحوث التابع للنادي وإسهامه الثقافي والمعرفي في الجانب التراثي عن طريق إقامة الفعاليات والندوات وإصدار الكتب والدواوين الشعرية، ومجلة تراث الشهرية، والمشاركة باسم النادي في معارض الكتب والفعاليات التراثية والثقافية.
وتحدث في المحور الثالث الذي جاء بعنوان «الأدب الشعبي وثيقة تراثية ومعرفية» كل من الدكتور يوسف حطيني أستاذ اللغة العربية في جامعة الإمارات، والدكتور راشد المزروعي الباحث في الموروث الشعبي والأدبي، والحظ مصبح الكويتي الباحث في التراث الشعبي في دائرة الثقافة والسياحة، وأدارت الحوار الدكتورة غنيمة اليماحي رئيسة قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة الإمارات.
حيث ركز حطيني من خلال ورقته التي قدمها على انتماء المرء وتعلقه بتراث دولته وجعله ركناً يأوي إليه، مشيراً إلى أنه بالنسبة إلى التراث الإماراتي المادي وغير المادي فإن على المبدعين والنقاد والباحثين الاهتمام به والإسهام بالمحافظة عليه من خلال الممارسات الثقافية والفكرية، بعد أن قامت الدولة بواجبها وحفظت القطع الأثرية والمباني والمعالم.
وتطرق المحاضر أيضاً في حديثه إلى دور إحياء التراث من خلال الرواية الإماراتية، حيث قام العديد من الروائيين من خلال رواياتهم بالتركيز على العادات والتقاليد الإماراتية، والأشعار الشعبية، وتوظيف العديد من الأمثال الشعبية للمحافظة على التراث، وذكر العديد من الأماكن التقليدية والمفردات التراثية في كتاباتهم.
فيما ركز راشد المزروعي في حديثه على دلالات المكان وجمالياته من خلال الشعر الشعبي في منطقة العين، وعرف الشعر الشعبي على أنه أدب الطبقات التي تسمى شعباً أو عامة، وهو أكثر ميلاً لوصف الحقيقة أو التعبير عن المدح والحزن والآمال، وقال إنه مرتبط دائماً بالعادات والتقاليد، لذلك كانت قراءته لها أهمية كبيرة، فهو مرتبط بالبيئة والمكان، وأضاف أنه ذكرت أماكن كثيرة في الشعر الشعبي كانت لها صلة وثيقة بتجارب الشعراء الإماراتيين وتناولوا فيها أدق التفاصيل للأماكن التي عاشوا فيها.
من جهته اختتم الكويتي المحور بحديثه عن الأمثال الشعبية، مشيراً إلى أن جميع الدول لها أمثال شعبية خاصة بها، وأن الأمثال تكون نتيجة موقف أو قصة حصلت، وأن هناك العديد من الروايات والقصص القديمة ارتبطت بوثائق قديمة وأصبحت اليوم أمثالاً تقال وتداول بين الأفراد. وقرأ العديد من أبيات الشعر التي تتناول مدينة العين وجمالها.
جاءت الندوة ضمن أهداف نادي تراث الإمارات في نشر الثقافة والتراث من خلال برامجه الثقافية، وتجسيدا لأهمية الوثيقة باعتبارها الذاكرة الحية للأجيال، وانطلاقاً من ايمانه بدوره التاريخي في الحفاظ على الإرث الوثائقي للوطن، واستمرار لمسيرته في حماية الوثائق ودراستها ونشرها، وتعزيز مكانة القطاع التاريخي والتراثي في الدولة.