من يقرأ الكتب وتستهويه الفرنكوفونية في سماء المغرب العربي سيتذكر اسما لربما غير معروف ولكن روايته الهجينة (المكتوبة بحسب مصادر ثقافية باللغتين الفرنسية والعربية تحت عنوان عطيلة فقير” تعيد الى الاذهان اسم صاحبها الجزائري الأصل الذي أعاد من خلال هذا العمل طرح قضية مهمة تفيد الثقافة والأدب عموما.
يكشف أحمد زيتوني السياق الاجتماعي للجزائريين الذين يعيشون في فرنسا في الثمانينات من خلال مرآة تعكس صورة شاب يحاول كسر حاجز الحياة الاجتماعية من خلال خوضه تجربة الكتابة. تهدف الكتابة في نصه إلى إعادة تأهيل كاتبها على الساحة الأدبية وتعزيز التكامل الاجتماعي (الشاب نجمة يسكن في مبنى يقع في شارع كاتب ياسين… ص 54.
لربما سيلحظ المتلقي أن زيتوني يستخدم لغة الآخر –الفرنسي هنا على سبيل المثال- لتوضيح رؤى تتعدد بها ملامح شخوصه كون اللغة اجمالا وسيلة للتعبير عن الحرية الفردية وكذا تتويجا لعملية تاريخية توضح هوية شعب كالجزائر عان ويلات المستعمر. يمكننا القول هنا أن الروائي محكوم عليه إلى حد ما بالكتابة والإخبار بلغة فرضها التاريخ.
من يقرأ هذا العمل الأدبي سيجد كلمات تعود جذورها للغة الأم –العامية الجزائرية لزيتوني- قد نذكر منها مناجاته “الله يا الله… في الساع في الساع… ادخل في القربي…” ومن خلال تطفلها الكبير، تفلت اللهجة من وضعها الهامشي في النص عموما.
إن استخدام اللغة الاسكتولوجية هو شكل من أشكال السخافة التي يكشف واقعا اجتماعيا. حاول زيتوني كمبدع المزج بين اللغتين كوجه مغاير لثقافتين يعيد الى اذهاننا فلسفة مالك بن نبي، لربما الهدف من ذلك الرغبة في إعادة إنتاج الخطاب لحياتنا اليومية وهذا يعتبر تأهيلا للغة كي تؤكد نفسها حتى لو كان المؤلف على بينة من النقص الذي قد لا يفصح عن تشوهات لغة المستعمر تستلزم حضور اللغة الأم.
لهجة النص تشير إلى أن الخطاب ليس موجها فقط إلى القارئ الفرنسي ولكن أيضا للمواطنين العرب كون كتابات زيتوني تمازج بين عالمين الغربي والعربي الإسلامي، لكن ما يثير التساؤل على سبيل المثال لا الحصر، فالبطل هنا يبتعد عن الصلاة ولكن لا يريد أن يصبغ قميصه بالخطايا كونه مثقف واع بثقافة مخالفة لتعاليم دينه (يتناول القليل من البيرة، […] الزجاجة الرابعة بالفعل تحدث صفيرا ص 152.
يمكننا القول أن عمل كاتبنا في سلك التعليم –تخصص علوم سياسية- رسم من خلال هذه الرواية مكانا تلتقي فيه ثقافتان تتصارع إلى حد الساعة: الغربية والمغاربية كموجة عربية، ورحيله أول أمس أعاد إلى أذهاننا عمله “عطيلة فقير” وهو كاتب عشرات من الأعمال الأدبية نذكر منها “هل هناك حياة بعد الموت؟-اليوم الأخير للمناجي-نهاية صعبة للأنا.. وغيرها”، سيظل بمشروعه حاضرا بين محبيه من القراء في الخارطة الفرنكوفونية والادب بشكل عام لما لا وهو من المعجبين بكتابات ارنيستو صاباتو، محمد ديب ورشيد ميموني وغيرهم من عمالقة الأدب العالمي.