افتتح الشيخ هيثم بن صقر القاسمي، نائب رئيس مكتب سمو الحاكم بمدينة كلباء فعاليات الدورة 22 لأيام الشارقة التراثية في خورفكان، بحضور سعادة الدكتور عبد العزيز المسلم رئيس معهد الشارقة للتراث رئيس اللجنة العليا لأيام الشارقة التراثية، وعدد من مسؤولي الدوائر الحكومية والضيوف وأبناء المدينة.

وقال سعادة الدكتور عبد العزيز المسلم رئيس معهد الشارقة للتراث: “إن الحاضنة الحقيقية للتراث هي نفوس الناس، وأن انتقاله بين الأجيال هي حياته واستمراره، وقد تجلى ذلك بصورة واقعية نابضة بالحياة في خورفكان التي أبهجت جميع الزائرين والضيوف بقدرتها على منح التراث ما يستحق من دور، ما يليق به من اهتمام“.

وشهدت الفعاليات التي أقيمت في موقع ينبض بالحياة التراثية والأزياء الشعبية تقديم مجموعة من الأنشطة الخاصة بالأطفال مثل الرقصات الشعبية، وفقرات العرائس، وعدد من الفقرات الفنية الترفيهية ذات الطابع التراثي، وسط تثمين الأهالي لهذا النوع من الفعاليات التي تعزز محبة التراث في نفوس الأبناء، وتزيد مهاراتهم القيمية والمعرفية.

وصورت الفعاليات جوانب عدة من طبيعة الحياة اليومية القديمة التي زادتها مشاركة أصحاب الحرف القديمة المزيد من الحفاوة والبهجة، كما مثَّلت السوق الشعبية ببيئاتها المختلفة صورة واقعية للجمهور عن الحقب الماضية بكل تفاصيلها، وتضمنت الفعاليات فقرات فنية وترفيهية وثقافية وأدبية تغنت بالوطن، والفخر بما وصل إليه من تقدم ومكانة.
تجفيف الأسماك.. ثلاجات الماضي
تطويع البيئة لحاجات الإنسان أخذ العديد من الأشكال والصور في الماضي، حتى صار الحديث عن بعض صورها اليوم ضرباً من الخيال في ظل تطور جميع وسائل الحياة، وازدهار الصناعات والتجارات حول العالم.

ثلاجات الماضي، أو تجفيف الاسماك، وهي حرفة محلية مشاركة بفعاليات أيام الشارقة التراثية، صورة من تلك الصور التي طوع الإنسان فيها الطبيعة ليحافظ على غذائه، ويستخدمه عند الحاجة بشكل سليم، وعن هذا التجفيف يحدثنا سبيد سلمان عبد الله قائلا: “يتم أخذ السمك الزائد عن الحاجة، أو الباقي من البيع، بعد إهداء ما يمكن منه إلى القريب والجار، ثم يتم تنظيف السمك بغسله، وإزالة أحشائه، ويُملّح بالملح الخشن، أو ما يسمى بملح البحر، ثم يدفن في التراب مدة من الزمن”.
ويضيف سبيد سلمان عبد الله: “وبعد إخراجه من التراب يتم غسله جيداً مرة أخرى، ويعاد تمليحه بالملح الخشن بصورة جيدة، ثم يزال الملح ويتم تعليق الأسماك بالحبال أمام الشمس لغرض التجفيف، ثم يتم خزنه بعد التجفيف أو تركه في مكانه لاستعماله في وقت الحاجة كما اعتاد سكان الإمارات والخليج والساكنين قرب البحار في مناطق مختلفة”.
وعن كيفية تناوله بعد التجفيف يكمل سبيد حديثه قائلاً: “يتم غسل الأسماك المجففة بشكل جيد، والقيام بوضعها في الماء من أجل ترطيبها، حتى يمكن طهيها وتناولها أو تقديمها للضيوف”، ودفعنا الفضول لسؤاله: “وماذا عن طعمها؟”، فأجاب: “الطعم مختلف قليلاً، بحكم الملح، ومدة الخزن، لكنه جيد، والناس اعتادوا عليه، وتغذوا ولا يزالون يتغذون منه إلى اليوم”. سؤال أخير حول مدة الخزن، أجابنا عليه سبيد بالقول: ” لا توجد مدة محددة للخزن ما دامت عملية
خلال ندوة (صناعة العطور بين التاريخ والتراث) بأيام الشارقة التراثية
عطور الإمارات تعكس طيبة نفوس أهلها وحبهم للتسامح والسلام

منذ القدم، وعطر الإماراتيين يعكس طيبة نفوسهم، ونقاء جذورهم، وحسن ذوقهم، ويصور حبهم للتسامح والسلام والتواصل الإنساني، وصار الاهتمام بالعطر الإماراتي، والوصية بضرورة الحفاظ عليه كإرث شعبي من أهم الواجبات التي يحرص عليها الإماراتيون، وينقلونها بين الأجيال كما تنتقل القيم والأصالة والمعاني النبيلة.
بهذا الانطباع المتميز تخرج بعد حضورك ندوة (صناعة العطور بين التاريخ والتراث) التي أقيمت ضمن الفعاليات الثقافية لأيام الشارقة التراثية بمشاركة مجموعة من المتخصصات بصناعة وأبحاث العطور وهن كل من: عائشة بن حويرب، وشمّا عيد الطاير، وحمدة الزرعوني، وأدارتها عائشة غابش، في أجواء معطرة فاحت بين أروقة البيت الغربي بأشكال وأنواع العطور.
بدأت الندوة النقاشية بسؤالين، الأول: كيف يمكن توثيق تاريخ العطور؟، والثاني: ماهي التحديات التي تواجه صناعة العطور المحلية؟، وكان أول المتحدثات عائشة بن حويرب التي حرصت على جلب مجموعة واسعة من العطور لربط (النظري بالعملي) وتعطير أنفاس الحاضرين بأطايبها، قائلة: “العطر حاجة إنسانية تدخل في جميع مجالات الحياة، وصناعة العطر الإماراتي قادرة على تجاوز التحديات، وقد نجحنا في توثيقها والحفاظ على جذورها”.
وقالت شمّا الطاير: “تواجهنا تحديات نقص الموارد الطبيعية للعطور والاعتماد على البدائل المصنّعة، عدم مواصلة الجيل الجديد للصنعة بسبب توافر العطور المستورد بشكل كبير، وحاجة الصنّاع للدعم، وأعتقد إن الاستمرار في إقامة دورات تصنيع العطور ستحقق أهدافها لما نرى من إقبال واسع بين الجيل الجديد عليها، وحرصهم على التعلم والنجاح”.
وتحدثت حمدة الزرعوني عن دلالة مفهوم العطور في اللغة، وأماكن تحسسها في الأنوف (فسيولوجياً)، ودوره في تحسين المزاج، وأرفقت حديثها باستعراض مجموعة عطرية عدة مثل: البخور، المسك، اللبان، وغيره، مع سرد تاريخي لصناعة واستعمال العطور في الحضارات القديمة.