نظّم المركز العالمي للموهوبين التابع لمؤسسة حمدان بن راشد آل مكتوم للعلوم الطبية والتربوية، ورشة عمل تدريبية عبر الانترنت بعنوان “إرشادات تطوير المناهج التعليمية للطلاب الموهوبين”  وقد شهدت مشاركة أكثر من 200 من التربويين والخبراء في مجال تربية الموهوبين من مختلف أنحاء العالم.

وقدّمت الورشة الدكتورة “كيمبرلي تشاندلر”، مديرة المناهج في مركز الشباب الموهوبين (CTY)  بجامعة “جونز هوبكنز”، والتي تعدّ من أبرز الخبراء العالميين في مجال تصميم المناهج التعليمية للطلاب الموهوبين، حيث تمتدّ خبرتها لأكثر من عشرين عامًا عملت خلالها على تطوير برامج تعليمية متخصصة تلبّي احتياجات الطلاب الاستثنائيين وتساعدهم في تحقيق إمكاناتهم الكاملة. وقد ساهمت هذه الورشة في توفير منصة لتبادل الأفكار والخبرات بين المعلمين والمختصين، بهدف تعزيز التعليم الموجّه للموهوبين وفق أحدث المعايير الدولية.

وفي هذا السياق، قالت الدكتورة مريم الغاوي، مدير مركز حمدان للموهبة والابتكار: “يأتي تنظيم هذه الورش المتخصصة ضمن رؤية المركز العالمي للموهوبين، الذي أنشأته مؤسسة حمدان بن راشد آل مكتوم للعلوم الطبية والتعليمية بهدف تمكين الموهوبين من خلال أساليب تعليمية متقدمة تتوافق مع احتياجاتهم الفردية وتدعم التميز العلمي في تعليم الموهوبين عالميًا. وإننا في مؤسسة حمدان نؤمن بأن تبني استراتيجيات إبداعية وتكنولوجية في المناهج التعليمية يسهم بشكل مباشر في تحقيق نمو أكاديمي وشخصي مستدام للطلاب الموهوبين. ونتطلع لمواصلة العمل على هذه المبادرات بالتعاون مع أفضل الخبراء الدوليين، لتحقيق رؤيتنا في نشر ثقافة التميّز وتطوير شبكة عالمية تدعم تعليم الموهوبين في مختلف أنحاء العالم”.

محاور الورشة: تحديات وفرص جديدة لتعليم الموهوبين

واستعرضت الورشة عدة تحديات تواجه الطلاب الموهوبين في المناهج التقليدية، أبرزها الشعور بالملل نتيجة نقص التحديات الفكرية المناسبة، الأمر الذي يؤدي إلى ضعف الدافعية وتزايد العزلة. كما نوقشت قضايا اجتماعية وعاطفية أخرى، مثل السعي نحو الكمال والانفصال عن أقرانهم، مما يبرز أهمية تبني استراتيجيات تعليمية متخصصة لدعم تطورهم المتكامل.

وقدّمت الدكتورة “تشاندلر” رؤيتها حول تصميم مناهج مخصصة تلائم احتياجات الطلاب الموهوبين، تشمل إتاحة الفرصة لهم للتعمق في مواضيع متقدمة ومجالات اهتمام فردية. كما أكدت على أهمية التسريع الأكاديمي كأداة فاعلة لمساعدة الطلاب على التقدم وفق قدراتهم، إلى جانب تكثيف المناهج الذي يعتمد على استبدال المحتويات التقليدية بأنشطة متقدمة تناسب مستوى الطلاب.

التعلم الاجتماعي والعاطفي كعنصر أساسي في مناهج الموهوبين

وأكّدت الورشة على ضرورة دمج التعلم الاجتماعي والعاطفي (SEL) في تعليم الموهوبين، حيث يساهم هذا النوع من التعلم في تطوير مهارات الوعي الذاتي والتنظيم العاطفي، مما يساعد الطلاب في مواجهة التحديات الشخصية وتطوير علاقات اجتماعية صحية. وقدمت الدكتورة “تشاندلر” استراتيجيات تتضمن التعلم التعاوني، الذي يشجع الطلاب على التعاون وحل النزاعات، وتحديد الأهداف الشخصية، مما يعزز مهارات التنظيم الذاتي لديهم ويزيد من دافعيتهم الداخلية.

دور الذكاء الاصطناعي في إثراء التعليم وتطوير التفكير النقدي

وتطّرقت الورشة إلى استخدام الذكاء الاصطناعي كأداة مبتكرة لتقديم تجارب تعليمية متقدمة، حيث عرضت نموذجًا عن مختبرات التشخيص ودراسات الحالات الطبية، وهي أنشطة تساعد الطلاب على تطبيق التفكير النقدي والتحليل من خلال تشخيص حالات طبية افتراضية تحت إشراف نظام ذكاء اصطناعي. ومن خلال هذه التجارب، يتمكّن الطلاب من تطوير مهارات تحليلية متقدمة تؤهلهم لمواجهة التحديات العلمية الواقعية، وقد أظهرت الدراسات أن دمج الذكاء الاصطناعي يعزز من رضا الطلاب ويرفع من مستوى أدائهم الأكاديمي.

توصيات لتعزيز تعليم الموهوبين

واختتمت الورشة بمجموعة من التوصيات العملية التي تضمن تطوير مناهج تعليمية تراعي احتياجات الطلاب الموهوبين وتدعم تطورهم الأكاديمي والعاطفي. وأكدت التوصيات على أهمية التقييم المستمر وتحديث المناهج بانتظام لتلائم الاحتياجات المتغيرة للطلاب، وتشجيع المرونة في الاختيار داخل الأنشطة والمشاريع لتعزيز اهتمامهم وإشراكهم. كما شددت الورشة على أهمية دمج التعلم الاجتماعي والعاطفي كعنصر أساسي لتحقيق التوازن بين التحديات الأكاديمية والدعم العاطفي، مما يسهم في تنمية شخصية شاملة للطلاب. وتمّت الإشارة إلى دور التكنولوجيا وأدوات الإبداع في توفير بيئة تعليمية مشجعة على الاستكشاف والتعبير بطرق مبتكرة، مما يعمّق استيعاب الطلاب ويثري تجاربهم التعليمية.

وأعرب المشاركون عن شكرهم للمركز العالمي للموهوبين على تنظيم هذه الورشة الاستثنائية، التي وفّرت منصة تفاعلية لتبادل الخبرات والأفكار بين معلمين وخبراء من مختلف أنحاء العالم. وأكّدوا على أهمية هذه الفعاليات في تطوير تعليم الموهوبين عالميًا، وتعزيز قدراتهم الأكاديمية والاجتماعية، بما يسهم في إطلاق طاقاتهم وتحقيق إمكاناتهم الكاملة.

– انتهى –