نظم نادي الإمارات العلمي في ندوة الثقافة والعلوم مجلسا رمضانيا علميا بعنوان “الطريق إلى COP28” بمشاركة معالي الدكتور عبدالله بن محمد بلحيف النعيمي وزير التغير المناخي والبيئة السابق، والمهندس عيسى عبد الرحمن الهاشمي الوكيل المساعد لقطاع المجتمعات المستدامة، الوكيل المساعد لقطاع التنمية الخضراء والتغير المناخي بالوكالة في وزارة التغير المناخي والبيئة، والأستاذ الدكتور أحمد مراد النائب المشارك للبحث العلمي بجامعة الإمارات العربية المتحدة، والدكتور سعيد الظاهري مدير مركز الدراسات المستقبلية بجامعة دبي، وبحضور بلال البدور رئيس مجلس الإدارة وعلي عبيد الهاملي نائب الرئيس وأعضاء مجلس إدارة الندوة، ومجلس إدارة نادي الإمارات العلمي ولفيف من المتخصصين والمهتمين.
أدار المجلس الدكتور عيسى البستكي رئيس جامعة دبي، رئيس نادي الإمارات العلمي مؤكداً أن مؤتمر الأطراف (COP28) موضوع واسع ومتشعب فالتغير المناخي يعني ارتفاع درجة الحرارة ما يؤدي إلى ذوبان الجليد في القطبين الشمالي والجنوبي، بالإضافة إلى ارتفاع منسوب البحار ما قد يؤدي إلى إغراق بعض المدن الساحلية العالمية، وتلوث البيئة (الماء والهواء والأرض)، وأيضاً قد يؤدي إلى عدم كفاية الموارد الطبيعية لإشباع الشعوب نظراً لهدرها وعدم ترشيدها.
وأردف البستكي أن هناك حلولا إذا اتفقت دول العالم على تبني سياسات واستراتيجيات للحد من أضرار التغير المناخي والبيئي، منوهاً إلى أن درجة الحرارة العالمية ارتفعت 0.85 درجة ما بين الأعوام (1880 – 2012)، وأشار إلى اتفاق باريس (COP21) عام 2015 والذي اتفقت فيه 195 دولة على احتواء الاحترار العالمي، وخفض الانبعاثات وتخصيص مليار دولار مساعدات مناخية للدول النامية.
وأشار البستكي إلى المبادرة الإماراتية المناخية للحياد المناخي 2050 التي تتيح فرص جديدة للتنمية المستدامة والتقدم الاقتصادي، وتنسيق وتكامل الجهود بين القطاعات المختلفة بتحديث الخطط والاستراتيجيات والسياسات ذات العلاقة، والاستثمار في الطاقة المتجددة ورفع مساهمة الطاقة النظيفة وخفض الانبعاثات الكربونية وتبني تكنولوجيا مبتكرة للحد من الانبعاثات. وقد استثمرت الإمارات في الخارج 16.8 مليار دولار في 70 دولة في مجال الطاقة المتجددة.
وتطرق البستكي إلى جهود جامعة دبي في مجال الاقتصاد الأخضر للوصول إلى المحصلة الصفرية للطاقة، وتبنيها مشروعات الطاقة النظيفة بتكاليف صفرية بعد 5 سنوات من التشغيل وتم عرض فيديو لمشروع جامعة دبي في مجال الطاقة المتجددة.
واستعرض البستكي محاور الجلسة التي تضمنت استراتيجية دولة الإمارات العربية المتحدة لتعزيز المساهمات المحددة وطنيا في تقليل الانبعاثات ودعم إجراءات التكيف، ومواجهة التحدي المزدوج المتمثل في تحقيق التوازن بين متطلبات التنمية والمسؤولية البيئية، وتعزيز التعاون الدولي بشأن تغير المناخ، ودعم تطوير التقنيات المبتكرة، ودعم البحث العلمي لتطوير تقنيات منخفضة الكربون، و تشجيع الاستثمارات العامة والخاصة في مجال الطاقة المتجددة، والدور الشبابي المحوري في منظومة العمل المناخي العالمي.
وأكد معالي الدكتور عبدالله بن محمد بلحيف النعيمي وزير التغير المناخي والبيئة السابق أن هناك تعريفات عدة للتغير المناخي، والأكثر تعريفا هو ارتفاع درجة حرارة الأرض، وأشار إلى أن غاز ثاني أكسد الكربون ليس وحده المسؤول عن التغير المناخي باعتباره أساسا للحياة على الأرض، وله أهمية في حياتنا، ولكن التغير المناخي يأتي من مكانين أولاهما دورة الشمس التي تتسبب أو تؤثر على الأرض والكون ككل وتحدث جزءا من التغير المناخي، والثانية تأتي من النشاط البشري.
وأشار معاليه إلى أن النشاط البشري والصناعة هما جزء من مسببات التغير المناخي بما ينتج من غازات دفيئة تؤثر على الحياة، فقبل الثورة الصناعية كانت كثافة تلك الغازات محدودة، ولكن حديثاً صار تأثيرها قوياً، مما يرفع درجة حرارة الأرض بشكل غير منطقي.
ونوه معاليه إلى غازات دفيئة أكثر فتكاً من غاز ثاني أكسيد الكربون منهم تأثير غاز الميثان الذي تضاعفت كثافته خلال السنوات الماضية، كذلك غاز أوكسيد النايتروس (الغاز المضحك) والهيدروجين ولهما تأثير قوي في التغير المناخي، لذلك من المهم عقد اللقاءات والمؤتمرات للوقوف على مسببات التغير المناخي.
وذكر معاليه أن البشرية إذا استطاعت تخفيض 0.1 من الغازات الدفيئة قد تنقذ العالم، فمثلا تخفيض استخدام غاز بوتان المستخدم في المكيفات والتدفئة قد يساعد كثيراً في خفض الانبعاث الحراري بدرجة 0.2، كذلك بالنسبة لغاز الهيدروجين الذي من الصعب توليده دون انبعاث غازات دفيئة، لذلك من المهم إعطاء العلم والمعرفة وقتاً كافيا للبحث والدراسة.
وحول استراتيجية دولة الإمارات العربية المتحدة لتعزيز المساهمات المحددة وطنيا في تقليل الانبعاثات ودعم إجراءات التكيف أكد المهندس عيسى عبد الرحمن الهاشمي الوكيل المساعد لقطاع المجتمعات المستدامة، الوكيل المساعد لقطاع التنمية الخضراء والتغير المناخي بالوكالة في وزارة التغير المناخي والبيئة، أن هناك غازات دفيئة مهمة ومن دونها لن توجد حياة في الأرض، لأنها تحافظ على درجة حرارة الأرض من انعكاس حرارة الشمس، وقبل الثورة الصناعية كان الاقتصاد العالمي حرفيا، ولكن جاءت الثورة الصناعية للتحول من اقتصاد مبني على الزراعة إلى اقتصاد مبني على الإنتاج ما خلق الحاجة للآلات ومن ثم الطاقة للتشغيل، وكان الوقود الأحفوري الأكثر توفراً واستخداماً منذ أكثر من 200 سنة، ما أحدث خلل في الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي وزيادة في درجة حرارة الغلاف الجوي، ومن ثم درجة حرارة الأرض.
وأشار إلى أن درجة الحرارة في دولة الإمارات في ارتفاع وإذا استمرت هذه الحرارة في الارتفاع ستصبح الإمارات عام 2100 من أكثر الدول ارتفاعاً في درجة الحرارة، ما قد يؤدي إلى خسارة في التنوع البيولوجي وغيرها من الأضرار، وسيحدث هذا الخلل مواسم تزداد فيها شدة الأمطار أكثر مما هو متوقع لذلك تزيد الدولة من بناء وتصميم سدود لتدوم أكثر من 100 سنة لمواجهة التغير المقبل.
وفيما يخص موازنة الكربون ذكر الهاشمي أنه إذا استمرت دول العالم في إصدار انبعاثات سنصل إلى حد أقصى لا نستطيع بعده الحفاظ على حرارة الأرض، ولكن موازنة الكربون تساعد على الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة التي تقدر بحوالي 60 مليار طن في السنة الواحدة، وعليه لابد من تعديل نمط الحياة، واتفقت دول العالم على أنه في خلال السبع سنوات القادمة لابد أن تنخفض الانبعاثات بما يساوي 43%.
وأكد الهاشمي دولة الإمارات لديها طموح مناخي لتجنب زيادة الانبعاثات وتم وضع استراتيجية الحياد المناخي، ومراجعات خفض الانبعاثات بحوالي 18%، وجعل الخفض مطلقا في جميع المجالات كخفض استهلاك الطاقة وتقليل النفايات وزيادة كفاءة النقل وزيادة وعي وثقافة المستهلك للمنتجات الصديقة للبيئة، وإنتاج الغذاء والزراعة المنزلية واستخدام الطاقة النظيفة للمساعدة في خفض الانبعاثات الكربونية والوصول للحياد المناخي.
وتطرق الأستاذ الدكتور أحمد مراد، النائب المشارك للبحث العلمي بجامعة الإمارات العربية المتحدة، إلى موضوع دعم البحث العلمي لتطوير تقنيات منخفضة الكربون باعتباره ركيزة أساسية في الحصول على معلومات تساعد على اتخاذ قرار ووضع استراتيجيات لتجنب آثار التغير المناخي، ومنذ عام 1990 بدأ اتجاه الباحثين لدعم البحوث العلمية المرتبطة بالتغير المناخي وزاد هذا الدعم مع مؤتمر COP26 والذي أصبح البحث العلمي محوراً رئيساً في المبادرات الناتجة عن هذا المؤتمر للمساعدة على تخفيض البصمة الكربونية، لذلك أصبح البحث العلمي ضرورة أساسية لمواصلة التقدم في إيجاد تقنيات جديدة تساعد في هذا المجال.
وأضاف الدكتور مراد أن هناك مزيدا من التحديات أمام العالم في مجال التغير المناخي وللبحث العلمي دور رئيس فيها ومنها ارتفاع مناسيب مستوى سطح البحر ما قد يؤثر على المدن الساحلية والموارد الطبيعية والمياه الجوفية القريبة من المدن الساحلية، بالإضافة إلى احتمال تداخل ماء البحر مع اليابسة، كما قدرت الإحصاءات أن ما نسبته 85% ستكون هناك أضرار في الطقس ناتجة عن التغير المناخي، وسيكون هناك خلل في الأمن المائي، وكذلك سيكون هناك حاجة إلى بيانات صحيحة لمتخذ القرار متوقعة لمدة 30 سنة، وباعتبار المجتمع المحلي جزءا من المعادلة الرئيسة للوصول إلى الحياد المناخي لابد من إيجاد سبل للوصول له، وضرورة دعم التكنولوجيا منخفضة الكربون لذلك أمام البحث العلمي الكثير من التحديات لمواجهتها عبر مزيد من الدراسات، وقد نشرت دولة الإمارات ما يقارب 1890 ورقة بحثية في مجال التنمية المستدامة، وهو عدد قليل في هذا المجال ما يتطلب المزيد من الجهود.
وأشار الدكتور سعيد الظاهري مدير مركز الدراسات المستقبلية بجامعة دبي إلى التقارير الدولية التي تصدر في مجال التغير المناخي وعدم وجود جهود محلية للمساهمة في هذه التقارير، خاصة أن التقرير الأخير يحذر من أن خطط العمل للتغير المناخي غير كافية لتحقيق الهدف، وأن فجوة التكيف في ازدياد، وأن التمويل العالمي غير كافٍ ولابد من توسيع حلول الاستدامة، والعمل في كل الاتجاهات لتحقيق الأهداف في نفس الوقت.
وأكد الظاهري أنه إذا ارتفعت درجة الحرارة 1.5 درجة ستشكل خطورة على العالم، والآن وصلت درجة الحرارة 1.1 درجة ما يشكل خطورة ويتطلب العمل حثيثاً قبل الوصل للعام 2035 المتوقع أن تصل فيه درجة الحرارة إلى 1.5 درجة.
وفيما يخص الاستشراف، أكد الظاهري أنها مشكلة معقدة لدخول عدة عوامل منها اجتماعية وبيئية وسياسية واقتصادية، لذلك على المستشرف إيجاد طرق معالجة هذه القضية ومنها التفكير الممنهج أو التفكير المنظومي لتكوين نموذج رياضي نستطيع من خلاله الوقوف على التأثيرات ومحاولة تجنبها ومعالجتها، وأشار إلى وجود عدة منظومات تساعد على إيجاد أفضل الحلول أمام متخذي القرار لوضع السياسات والمساعدة في تخفيض الانبعاثات، كما يساعد الاستشراف على عمل مسح أفقي للتأثير التغير المناخي.
وختم الظاهري بالتنويه إلى استخدام الوقود العضوي والذي طبقته طيران الإمارات كحل للتحول إلى الطاقة النظيفة، وأكد أن هناك الكثير من التحديات التي قد تخلق فرصا في استخدام الاقتصاد العضوي والحياد الصفري للمساهمة في الحياد المناخي.
وأوصى المشاركون بضرورة إنشاء قاعدة بيانات للتغير المناخي متوفرة للجامعات مجانا، واستخدام التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في هذا المجال، والتكثيف في نشر البحث العلمي والدراسات والبيانات العلمية.