الشارقة /الليلك نيوز
ضمن فعاليات المهرجان الثقافي للنادي الثقافي العربي بالشارقة شارك الشاعر المهندس الأردني محمد محمود العزام والشاعرة هبة عبد الحميد الفقي الخميس 6 يونيو 2024 في أمسية ثقافية أقيمت بالنادي أول أمس عنوانها “برقَّة البدر” في النادي الثقافي العربي في الشارقة، وصاحب الأمسية الفنان د. خليفة الشيمي بريشته المتفردة فرسم لوحتين مستوحيًا من أجواء قصائد الشاعرين ، و د. محمد االقسطاوي بعزفه الرقيق على آلة العود ، كما شارك د. أحمد سعد عيطة بصوته متناغمًا مع أوتار العود وسط تفاعل وتجاوب لافتين للحضور.
قدمت للأمسية وأدارتها بأسلوب محبب مارية طورمش ما أضفى هليها مزيدًا من الجمال والحيوية ، و أشادت خلالها بجهود صاحب السمو الشيخ د. سلطان بن محمد االقاسمي عضو المجلس الأعلى للاتحاد حاكم الشارقة ودوره في رعاية الحركة الثقافية، وحيت دائرة الثقافة في الشارقة وإدارة النادي الثقافي العربي ممثلة برئيس مجلس إدارته د. عمر عبد العزيز ومديره إبراهيم سعيد بن بطي ورئيس اللجنة الثقافية محمد ولد سالم، عرَّفت بالشاعرة هبة الفقي ومما قالته : “هبة الشعر” كما سمّاها الناقد الكبير د. صلاح فضل رحمه الله الحكاية بدأت في زمنٍ شفاف ومكانٍ أبعد من ميتافيزيقي .. سافرتْ فيها المعاني الملوّنة بأطياف الإبداع .. وتجاوزت الحدود الدنيوية المرسِّخة للعوابر الانسانية بمراحل .. تفوّقت فيها على سرعة الضوء واستقرتْ على هيئة “كواكب شعرية منيرة” لامست شغاف القلب الذي أبى أن يخضع لقوانين الطبيعة ونواميس الكون فأمسكت بحروفها الآتية من النور فكانت “قابضة على الضوء”.
وقالت عن الشاعر محمد العزام الذي ألقى خلال الأمسية ثلاثة قصائد واصفة إياه : أنه شاعرٌ أردني من نشامى مدينة إربد في المملكة الأردنية الهاشمية وأنه درس الهندسة.. فتفنّن في هندسة القصيدة فجعل من بنائها في المشهد البصري يتربع في مكانها المناسب من القلب ليتعالى صرح الإبداع شامخًا في الوجد.. فبالرغم من تمسّكه بأصالة البناء الشعري وعموده إلا أنه متحررٌ في لغته حينما سعى نحو التجديد والحداثة.. ذلك لأنه يكتب الشعر بتناغمٍ مع روح إنسانيته وبتحرضٍ من الوجدان كي يتفرّد بالحرف ليقدم قصائده بجدّية مواسم خيرة من سنابل القمح الذهبية .. وقلق موج البحر وزرقته اللازوردية .. وفضاءاتٍ قوسقزحية تُنبي عن قصص الحب وألوانه .. والحلم وبشاراته .. عن خلاص الحلاج وصوفيته .. الأرض وبلاط شهدائها .. العروبة وحضارات مدنها .. عن الأنثى ومستحيلاتها ..عن الانعتاق من قوانين الصلصال الآدمية واللحاق بأساطير البيان وسحر المعنى فجاءت على هيئة نصوص تكاشف جوانيات النفس البشرية بأسئلة عن الحقائق الوجودية وفلسفتها.”
ومما ألقته الشاعرة هبة الفقي في غمرة حماسة وإعجاب الحضور قصيدتها “حَــنينٌ لِأَسْــطُرِكَ الْبَيْضـــاء” بصورها ومعانيها الراقية ومن جميلها مخالفتها مقولة “أعذب الشعر أكذبه” بقولها: “وأعْذَبُ الشِّعْرِ يا ابن الشِّعرِ ما صَدَقا”
تقول الشاعرة هبة في هذه القصيدة :
مُــدَّ الْحَـنيــنَ بـِلادًا والْهَــوى أُفُقــا
وصـاحِب الليْـلَ في عَيْنيَ والطُّرقا
وسّــعْ مَــدارَ جُـنــوني وابْتَكِـرْ لَهَفًا
يَـدورُ حَــوْلي إذا نادَيْــتُ مُحْتَـرِقـا
أحْـيِ الْمَجــازَ ولا تَبْخــلْ عَلى لُغَـةٍ
بِغَيـْـرِ أسْطُــرِك الْبَيْضــاء لَـنْ تَثِقــا
أطْلِقْ جَناحَيْـكَ للتَّحْليقِ مِلءَ دَمِي
بعْضٌ مِـنَ الْحُــبِّ لا يَكْفـي لِنَـأْتَلِقـا
الآنَ لا مَنْطِقًــا فِـي الشَّــوقِ نَتْبَعُـهُ
فتِـلْـكَ فِـطْــرَتُنـا..لا نَتْبَـــعُ النَّسَقـا
وعَــدْتُ قَلْبَــكَ أنّــي حيــنَ ألْمَسُــهُ
سَيَعْشَـقُ الْغَوْصَ في كَفَّيَّ والْغَرَقَـا
وأنَّنِـي لَوْ رَسَمْـتُ الْوَجْــدَ سَوْسَنَـةً
سَيَكْتَـوي بِنَــداها كُـلُّ مَــنْ عَشِقــا
عَلـى ذِراعـي يَنَـــامُ الْـحُــبُّ لَيلته
ويَـسْـتَـفـيـقُ مِــنَ الآلامِ مُـنْـعَـتِـقــا
فَيَضْحَـكُ الصُّبْحُ حَتّى أنَّ ضِحْكَتَهُ
تَكــادُ تَنْثُــرُ مِــنْ أفْـراحِهـا الْعَبَقـــا
خُـذْني لآخِـرِ ما يُغْريـكَ مِـنْ شَغَفٍ
حَتّـى تُعيـــدَ إلـى أبْيـــاتِـيَ الْأَلَقـــا
فمُـذْ أَسَرْتُــكَ فـي أَحْضـانِ قافِيَتي
مـاعُـدتُ أذْكُـرُ مَنْ فينا الّذي سُرِقا
هَبْ لي على قَدْرِ هذا الْعِشْقِ مُعْجِزَةً
تُحَيِّـرُ الْحِبْــرَ لوْ تَنْســابُ والْـوَرَقــا
وتُرْهِــقُ النّــاسَ لوْ مَــروا بِأَحْـرُفِها
وتُسْحِــرُ الْكَــوْنَ لو يَومًـا بها نَطَقا
إنّـي سَـلـيـلَــــةُ أشْـعــــارٍ مُـنَـزَّلــــةٍ
مِــنَ الْغَــرامِ الـذي مـا مِثْلُـهُ خُلِقــا
أُريــقُ نَــــزْفَ خَيــالاتٍ مُؤَجَّـلَــــةٍ
حَـتّى أصُــبَّ عَلى هــذا الْبعادِ لِقا
ومِـنْ رياحِــكَ بـي نَبْـضٌ أُراوِغــــهُ
ما زالَ يرْحَـلُ في أرضِ النَّـوى قَلِقا
وبــي حَنيـــنٌ إذا أخْـمَـــدتَ أوَّلَـــهُ
يَظَــلُّ آخــرُهُ فــي أضْلُعــي نَـزِقـــا
فِـرْدَوْسُ روحِـكَ في جَنْبَـيَّ أحْمِلُـهُ
فاخْتِمْ على الْقلْبِ بَعْدي واغْلقِ الْحَدَقا
أنا التـي قُلْــتُ للعشـــاقِ سِدْرَتَهُــم
وأنـتَ وحْـدَكَ مَن جاوَزْتَ مُنطَلِقـا
وهبتُــكَ الشِّعْـرَ مُذْ أدْرَكْـتُ فِتْنَتَــهُ
وأعْذَبُ الشِّعْرِ يا ابن الشِّعرِ ما صَدَقا
ويتجلى إبداع الشاعرة في قصيدتها من المديح النبوي “شَـــوْقٌ يَصْـــدَحُ مِـــنْ حِـــراء”،حيث الصور المبهجة والكلمات المرهفة المجنحة وحسن التوظيف:
سَـــواءٌ.. كُــلُّ مـــا فيهـــا سَـــواءُ
فِـــلا صَفْـــوٌ بِبُـعْـــدِكَ أو هَـنــــــاءُ
يغيــبُ الْكَــوْنُ إذْ مــا غِبْــتَ عَنْــهُ
وتَخْلَــعُ ثَــوْبَ فـرْحَتِهـــا السَّمـــاءُ
وَوَحْـــدي أَعْـبُـــرُ الْأَيّـــامَ عَطْشَـى
إلى روحـــي وَفــي يَـــدِكَ الـــرَّواءُ
ويُشْقينـي الْحَنيـــنُ ولَسْـــتُ أَدْري
مَتى سَيَجِــفُّ مِــنْ قَلْبـي الشَّقــاءُ؟
تَـكـَـدَّرَتِ الْحيـــاةُ فَكُنْـــتَ فَـجْـــرًا
يُـحَلِّـــقُ بَـيْـــنَ جَنْبَيْــــهِ الصَّـفــــاءُ
وفُـتِّـحَــتِ الْـجِـنــــانُ بِـكُـــلِّ وادٍ
وأيْنَــعَ خَلْــفَ خُطْــوَتِكَ الْإِبـــاءُ
وُلِـدتَ فَكُنْـتَ خَيْــرَ النّــاسِ خَلْقًــا
وَمِنْــكَ الْخَيْــرُ يولَـــدُ والْبَهـــاءُ
خَتَمْــتَ الرُّسْــلَ لكِــنْ فيـكَ يَبْقـى
لِكُــلِّ بَشــائِـرِ اللهِ ابْتِــداءُ
وقرأ الشاعر الأردني محمد العزام عدة قصائد في التأمل وفلسفة الإنسان والوطن، ومما قرأه من قصيدة «وطفت بلاداً في حياتي كثيرةً»:
تضاءلَ هذا الكونُ حتى كأنّهُ
نقاطٌ ببحرٍ من خياليَ في رأسي
وليس ظلامُ الكون مما يخيفني
إذا كان في الأعماق قد أشرقت شمسي
أُضيء بروحي كُلَّ درب مشيتهُ
وأترك للأشياء أن تقتفي جَرْسي
أُلوِّنُ أوراقَ الوجودِ بِلَهفتي
وأملأُ كأسَ القلب مِن كرمة الحِسِّ
سأمضي بأنهاري التي بين أضلعي
وإن ضجت الصحراء تحتي من اليُبْسِ
بلادي قلبي، كلُّ نبضٍ حدودُها
جهاتي: حيث أختار أنْ ينتشي حدْسي
أعوّذها بالدمع من فرط وحشتي
فكلّ دموع الحبِّ من آية الكرسي
وأختتمت الأمسية بتكريم المشاركين فيها حيث قدم د عمر عبد العزيز رئيس النادي شهادات الشكر والتقدير لحضورهم ومشاركتهم الشعرية في النادي