أكد أكاديميون ومسؤولون حكوميون أن دولة الإمارات العربية المتحدة تبنت نهجاً متميزاً في مجال الاتصال الحكومي، حيث أولت اهتماماً كبيراً بتوفير معلومات موثوقة وشفافة للمواطنين والمقيمين، ونجحت في بناء نظام اتصال حكومي فعال، يعتمد على التقنيات الحديثة من جهة، ويقوم على الثقة بين الحكومة والجمهور. كما شددوا على أهمية مواجهة تحديات عصر المعلومات، مثل انتشار المعلومات المضللة، من خلال تعزيز الوعي المجتمعي، وتطوير القدرات الوطنية في مجال مكافحة الشائعات، والاستفادة من التقنيات المتقدمة في التحقق من المعلومات.

جاء ذلك خلال جلسة “حرب المعلومات وتحديات عولمة الاتصال”، ضمن فعاليات اليوم الأول من المنتدى الدولي للاتصال الحكومي، وأقيمت بالشراكة مع “دو” التابعة لشركة الإمارات للاتصالات المتكاملة، وتحدث فيها كل من سعادة الدكتور جمال الكعبي، مدير عام المكتب الوطني للإعلام في دولة الإمارات، والدكتور حميد مجول النعيمي، مدير جامعة الشارقة، وهيلين ماكلهيني، المديرة التنفيذية لشبكة CDAC، وهي تحالف عالمي لوصول المعلومات الموثوقة للعالم، والمهندس عدنان الريس، مساعد المدير العام للعمليات الفضائية والاستكشاف في مركز محمد بن راشد للفضاء.

القيم أساس بناء الثقة بالإعلام

وفي حديثه حول التضليل الإعلامي، أكد سعادة الدكتور جمال الكعبي على مسؤولية الحكومات في هذا المجال، مشيراً إلى أن الإمارات انحازت للقيم في قطاع الإعلام، مع الحفاظ على الهوية والأصالة. وأوضح أن حكومة الإمارات، بناءً على هذا الأساس، أنشأت قنوات متعددة لإيصال المعلومات الموثوقة والحقيقية بلغة بسيطة وسهلة تصل لجميع فئات المجتمع، بغض النظر عن مستويات تعليمهم وفئاتهم.

وأضاف الكعبي: “الحكومة الإماراتية ساهمت في توحيد المجتمع بكل أطيافه من خلال رسم صورة موثوقة للمعلومات التي تصدر عن الحكومة، مما عزز ثقة الناس بالقنوات الحكومية الرسمية. كما نجحت الإمارات في تدريب الكوادر الوطنية للتعامل مع الأزمات المرتبطة بالمعلومات وتحديات الاتصال، وهي تمتلك بنية تحتية تقنية متطورة تضمن وصول الجميع إلى المعلومات الحقيقية”.

تقنيات حديثة ولو بعد مئة عام

بدوره، قال الدكتور حميد مجول النعيمي: “تكنولوجيا الاتصال ستظل حديثة حتى بعد مئة عام، نظراً لتجددها المستمر في كل ساعة، والطلبة في مرحلة الجامعة يستخدمون أجهزة الاتصال بمعدل ست إلى سبع ساعات يومياً، مما يستدعي مواجهة المعلومات المضللة، إضافة إلى ضرورة توفير شبكة إنترنت قوية في الجامعات، فالعام 2020 كان من أكثر السنوات التي شهدت انتشاراً للمعلومات المضللة بسبب الأحداث الكبرى مثل جائحة كوفيد-19”.   

ودعا النعيمي الجامعات إلى وضع سياسات لاستخدام التقنيات المتجددة، وإنشاء إدارات خاصة لمكافحة المعلومات المضللة، وتوعية الجمهور بمخاطرها. كما أشار إلى جهود جامعة الشارقة في تنظيم ورش عمل لزيادة الوعي، وتشجيع الباحثين والطلاب على كتابة الأبحاث والدراسات حول مواجهة المعلومات المضللة وسبل التعامل معها، وتعزيز مهارات التفكير النقدي في قطاع تكنولوجيا الاتصال التي تفرض نهجاً جديداً للتعليم والتعلم يتجاوز الحدود التقليدية.

الأقمار الصناعية كأداة لتوفير المعلومات

من ناحيته، أكد المهندس عدنان الريس على الدور الحيوي للأقمار الصناعية كأداة لتوفير المعلومات من خلال تغطية أماكن مختلفة في العالم. وأوضح أن الأقمار الصناعية لا تقتصر على جمع المعلومات فقط، بل تخلقها أيضاً باستخدام الأدوات المتطورة التي تحتويها، مثل الصور الفضائية والأطياف المرئية وغير المرئية، مما يجعلها ذات استخدامات متعددة في العديد من القطاعات المعرفية والعلمية.

وقال: “الإمارات تولي أهمية كبيرة للأقمار الصناعية وعلوم الفضاء، حيث تمتلك برنامجاً فضائياً وقدرات وطنية متطورة، وهي تستخدم خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتوفير معلومات دقيقة وموثوقة تساعد الجهات المتخصصة وصناع القرار في التخطيط العمراني والبيئي من خلال الصور الفضائية. كما أن إنجازات الإمارات في هذا المجال تجاوزت حدودها، حيث تزود بعض الدول الصديقة بالصور الدقيقة أثناء الكوارث الطبيعية، مما يساعدها على تحديد المخاطر والمسارعة في مساعدة السكان”.

 التواصل الحديث والعمل الإنساني

من جهتها، تحدثت هيلين ماكلهيني حول تأثير قنوات التواصل الحديثة على العمل الإنساني، قائلة: “في عصر قنوات التواصل الاجتماعي نحصل على الأخبار من مختلف المنصات التي تصاغ فيها الأخبار بأسلوب مختلف تماماً عن الطريقة التقليدية. هذا التغيير الكبير أثر بشكل ملحوظ على وكالات العمل الإنساني، حيث رأينا تأثيراً سلبياً وتحديات كبيرة نتيجة للمحتوى المتلاعب به في المعلومات خلال بعض الأزمات والكوارث”.

وأضافت: “وسائل الإعلام الزائفة أصبحت عملاً مربحاً للبعض، وهي تضع مجتمع العمل الإنساني أمام تحديات كبيرة؛ فالناس يجدون صعوبة كبيرة في معرفة من يجب أن يثقوا به في حالات الطوارئ، ومن الضروري أن يستقي العاملون في العمل الإنساني معلوماتهم من مصادر موثوقة، وأن يصدروا المعلومات إلى الناس بموثوقية، لتقديم المعلومات التي تساعد وتبني الأمل في المصابين في تلك الكوارث”.

وتمثل الدورة الـ13 من المنتدى الدولي للاتصال الحكومي منصة معرفية تهدف إلى مناقشة وتحليل مستقبل الاتصال المبتكر وأثره على الحكومات في تحقيق الأهداف التنموية. ويتضمن مجموعة متنوعة من الجلسات والخطابات والحوارات البناءة وورش العمل، التي تناقش أهمية الاتصال المبتكر في ظل توجه حكومات العالم نحو تبني مفهوم الحكومات المرنة لتعزيز الابتكار وتطوير الفرص المستقبلية، للمساهمة في تعزيز الجهود العالمية لمواجهة التحديات المشتركة وتحقيق التنمية المستدامة الشاملة.

-انتهى-