“الشارقة للآثار” و “مُبادرة” تُعلن إدراج مواقع قلعة “دبا الحصن” وحصن “فيلي” ووادي “شيص” على قائمة التراث الثقافي المادي في الإيسيسكو

في إنجاز حضاري وثقافي جديد لإمارة الشارقة، أعلنت هيئة الشارقة للآثار عن إدراج منظمة الإيسيسكو (منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة) كُلاً من مواقع “قلعة دبا الحصن”، “حصن فيلي”، و”وادي شيص” ضمن قائمة التراث في العالم الإسلامي، كخطوة تعكس أهمية هذه المواقع في تعزيز الهوية الثقافية الإسلامية والإنسانية، ودورها في المحافظة على التاريخ والتراث للأجيال القادمة.

جاء هذا الاعلان من قبل لجنة التراث في العالم الإسلامي التابعة لمنظمة الإيسيسكو، بتسجيل 91 موقعًا تاريخيًّا وعنصرًا ثقافيًّا على قوائم المنظمة، حيث ضمت ثلاثة مواقع من إمارة الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة.

وكانت هيئة الشارقة للآثار وهيئة تنفيذ المبادرات “مُبادرة” قد رفعت ملفات متكاملة للترشيح إلى منظمة الإيسيسكو ضمن الإجتماع الثاني عشر للجنة التراث في العالم الإسلامي والذي تستضيفه مدينة شوشا في جمهورية أذربيجان بمناسبة الاحتفاء بها عاصمة للثقافة في العالم الإسلامي لعام 2024، وتناولت هذه الملفات  دراسات تناولت الأبعاد الأثرية والقيمة التاريخية والفنية لهذه المواقع إضافة إلى عناصرها المعمارية وتقارير حالة صونها والحفاظ عليها.

تتويجاً للجهود الحثيثة التي تبذلها إمارة الشارقة في قيادة المشهد الثقافي على الأصعدة المحلية، والإقليمية والدولية

وأعرب سعادة عيسى يوسف، مدير عام هيئة الشارقة للآثار، عن خالص الشكر والتقدير لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، على رعايته السامية ودعمه اللامحدود لمسيرة الحفاظ على التراث الثقافي والحضاري لإمارة الشارقة، مُباركاً لسموه هذا الإنجاز الذي يُضاف إلى سلسلة النجاحات التي حققتها الإمارة في هذا المجال.

وعبّر سعادته عن اعتزازه الكبير بإدراج المواقع التاريخية الأثرية على قائمة التراث في العالم الإسلامي لمنظمة الإيسيسكو. وأوضح قائلاً: “إن هذا الإدراج ثمرة التعاون مع هيئة تنفيذ المبادرات( مبادرة) في مجال الحفاظ على التراث الثقافي المادي في إمارة الشارقة حيث أن هذه المواقع تعكس تقديرًا دوليًا لقيمتها التاريخية والثقافية، وتجسد الاعتراف بجهود الشارقة الحثيثة في حماية تراثها  الثقافي الغني، فالمواقع ليست مجرد معالم تاريخية و أثرية، بل هي جزء من الهوية الثقافية لإمارة الشارقة ودولة الإمارات العرببية المتحدة، وتساهم في إثراء التراث الإنساني، تماشيًا مع رؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، الذي يولي أهمية قصوى للحفاظ على التراث الثقافي المادي وصونه من أجل الأجيال المقبلة، وتأكيد دور الشارقة الريادي في قيادة المشهد الثقافي على مستوى العالم، مما يعزز هذا الاعتراف الدولي مكانة الشارقة كمركز ثقافي عالمي ملتزم بتوثيق التراث الثقافي المادي وحمايته ليبقى حيًا في ذاكرة الإنسانية، ومن هذا المنطلق يأتي دور هيئة الشارقة للآثار  في الحماية والترويج و الحفاظ على التراث الثقافي المادي لإمارة الشارقة

وأكد أن هذا الإدراج لا يُعد مجرد احتفاء بأهمية هذه المواقع الأثرية فحسب، بل هو تتويج لسنوات من الجهود المتواصلة التي بذلتها هيئة الشارقة للآثار بما يخص دراسة هذه المواقع وتوثيقها وتقديمها كجزء من الإرث الحضاري العالمي.

وأشار إلى أن مواقع قلعة دبا الحصن، وحصن فيلي ووادي شيص ليست مجرد أماكن تاريخية؛ بل هي شواهد حية على تفاعل الحضارات التي ازدهرت في هذه المنطقة عبر العصور. حيث تحمل في طياتها قصصاً عن تطور المجتمعات والتجارة والتقاليد التي شكلت هوية المنطقة.

قلعة دبا الحصن

وتُمثل قلعة دبا الحصن والمستوطنة، شاهدين فريدين على التبادل الثقافي واستمرار الاستيطان البشري عبر خمسة قرون. هذا الموقع المميز بتصميمه المعماري الغني وقطع آثاره النادرة يسرد قصة تاريخية حافلة بالحركة والحياة، حيث كان مأوى للسكان، ومركزًا للتجارة، وسوقًا محليًا مزدهرًا. وقد لعب الحصن دورًا محوريًا في تأمين طرق التجارة الرئيسية، وساهم في دعم الاقتصاد المحلي المعتمد على النشاط البحري حتى القرن التاسع عشر. كما يحوي الموقع مجموعة متنوعة من المدابس إلى جانب قطع أثرية من الصين والهند وأوروبا، مما يجسد دوره البارز كمركز للتجارة الدولية.

ويشهد تطور دبا الحصن الاقتصادي والثقافي على مكانتها المتميزة إقليمياً وعالمياً. فمنذ القرن السادس عشر، أصبحت مركزًا حيويًا للتجارة البحرية، مستفيدة من إنتاج دبس التمر وتطور الزراعة، كما أن استمرار دبا الحصن كمحور للتبادل التجاري والثقافي، بفضل موقعها الاستراتيجي، يجعلها رمزًا تاريخيًا هامًا يعبر عن غنى التراث الثقافي لإمارة الشارقة، ويعزز من مكانتها في المحافل العالمية.

حصن فيلي

يتميز حصن فيلي بموقعه الاستراتيجي الفريد، الذي كان له دور محوري في نظام الحماية والأمن بالمنطقة، حيث تشتهر المناطق المحيطة به بوجود نظام الأفلاج، الذي يُعتبر من أقدم السمات الطبيعية في هذه المنطقة، ويعمل كالشريان الذي يُغذي الحياة في بيئة صحراوية قاسية. لذلك، تم إنشاء حصن فيلي التاريخي لمراقبة هذه الأفلاج ومزارع التمور، وحماية القوافل التي كانت تسلك الطريق من الذيد إلى العين وواحة بريمي، بالإضافة إلى سواحل عُمان.

كما تقع فيلي على الطريق الذي يربط بين السواحل الغربية والشرقية لشبه الجزيرة العربية، مما زاد من أهميتها كحامية لطرق جبال الحجر، وقدم الأمان للحجاج الذين اعتمدوا على هذه المسارات. إن تراث فيلي يُروي قصصًا غنية تعكس دورها الأساسي في حماية المجتمع المحلي وتأمين طرق القوافل، ويُسلط الضوء على الأحداث البارزة التي شهدتها المنطقة في القرنين التاسع عشر والعشرين، مما يجعلها رمزًا للتاريخ الثقافي والحضاري الغني في المنطقة.

وادي شيص

ويقع وادي شيص بالقرب من الساحل الشرقي لدولة الإمارات العربية المتحدة، ويحتضن قرية شيص التي تبعد حوالي 17 كم عن مدينة خورفكان و95 كم عن مدينة الشارقة، حيث تشتهر المنطقة بجمالها الطبيعي الذي يتمثل في جبالها الشاهقة ومزارعها التي ترويها أنظمة الري التقليدية المعروفة بالأفلاج، والتي تُعَدُّ شاهدًا على العبقرية البشرية في إدارة المياه منذ القدم. كما تتميز المنطقة بتواجد الطيور النادرة التي لاتزال تعيش في مزارعها، حيث تولت العديد من الجمعيات البيئية رعايتها ودراستها بهدف المحافظة عليها.

وتضم المنطقة معالم بارزة مثل مسجد الاستقامة، المنازل القديمة، القلاع، والمزارع التي ترتبط بنظام الري القديم. كما تعكس شيص إذ تنوعًا بيئيًا وجغرافيًا فريدًا يجمع بين جبال الحجر والأفلاج التي أدت إلى تكوين غطاء نباتي غني وموطن ملائم للطيور النادرة والحيوانات. كما تعتبر المنطقة نموذجًا فريدًا للتنوع البيئي والمياه العذبة التي ساهمت في الحفاظ على النباتات والحيوانات المهددة بالانقراض، مما يجعلها موقعًا ذا أهمية عالمية للباحثين في مجال البيئة.

ويمثل تسجيل هذه المواقع على قائمة الإيسيسكو خطوة هامة نحو تعزيز الوعي الثقافي والحفاظ على التراث، حيث بلغ عدد الملفات المسجلة ستة ملفات أُدرجت ضمن قائمة التراث في العالم الإسلامي. وهي (الشارقة بوابة الإمارات المتصالحة و مموقع مليحة الأثري وحصن وفلج الذيد وحصن فيلي و وادي شيص وقلعة دبا الحصن) ويوفر هذا الاعتراف لهذه المواقع إمكانية الاستفادة من الدعم والموارد اللازمة لصونها وتطويرها، كما يعزز هذا التسجيل التعاون بين الدول الأعضاء في الإيسيسكو، مما يتيح تبادل الخبرات وأفضل الممارسات في مجال حماية التراث الثقافي.